فســح المجــال أمــام استئناف نشاط الرحلات الجوية

22:48 مساء
قراءة 4 دقائق

مارك كامّر *

الوقت يمرّ بوتيرة سريعة، وتتسارع معه الأحداث التي تعصف بالعالم على مختلف المستويات.. فبعد مرور سنة ونصف السنة على بدء تفشي الوباء، لا يزال من الصعب فهم مدى تأثير جائحة «كوفيد-19» في قطاع الطيران وتحديد تداعياتها على سوق الطيران في العالم. لقد دفع انتشار فيروس كورونا العالم إلى تعليق الرحلات الجوية وإغلاق الحدود الدولية، مع الالتزام بتدابير العزل الصحي والدعوة إلى مضاعفة القيود مع ظهور سلالات جديدة من الوباء. وقد تفاقم حجم الضغوط المالية والتشغيلية التي تتعرض لها شركات الطيران نتيجة هذه التدابير وقرارات حظر السفر على نطاق واسع لاحتواء الفيروس.
وعلى الرغم من حملات التطعيم المكثفة في مختلف أنحاء العالم، إلاّ أن نسبة الأفراد الذين تلقوا الجرعة الأولى من اللقاحات المضادة ل«كوفيد-19» حتى شهر يونيو/ حزيران 2021 بلغت 22% فقط، من مجموع سكان العالم. ويشهد العالم سباقاً غير منصف في توزيع اللقاحات، حيث استحوذت الدول الغنية على نسبة كبيرة من جرعات لقاحات كورونا، فيما لم يتمكن الناس في الدول الفقيرة بعد من الحصول على الجرعة الأولى. وعلى الرغم من أن اللقاحات لا توفر الحماية المطلقة ضد الفيروس، إلاّ أن الأدلة العلمية أثبتت فعاليتها الكبيرة في الحدّ من الأمراض الوخيمة، والمضاعفات الخطيرة التي تؤدي إلى الوفاة. وفي ظل استمرار جائحة «كوفيد-19» وتحوّلها إلى جزء من حياتنا اليومية، برزت الحاجة الملحّة لدى الدول إلى تعزيز تدابير التكيّف وتبني نهج قائم على المخاطر للتعامل مع تداعيات الأزمة والتطلع إلى المستقبل بدل من المبالغة في رد الفعل تجاه التطورات السلبية. وإزاء هذا الواقع، أصبح من الواضح أنه لا يوجد منهج موحّد يحقق التوازن المثالي في التعامل مع التطورات الحياتية. وفي إطار البحث عن التوازن، لا بدّ من الشروع في رحلة من الإصلاحات تتضمن كل جوانب الحياة لنتمكن من الوصول إلى الوجهة المستهدفة.
وكان قطاع الطيران في الإمارات العربية المتحدة على رأس الأولويات ضمن حملة عالمية لاستعادة الخدمات الجوية الحيوية وافتتاح ممرات السفر التي لا تتطلب الحجر الصحي بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودول متعددة حول العالم. ومن هذا المنطلق، فإننا نؤيد رأي خبراء الطيران مثل بول جريفيث، الرئيس التنفيذي لمطارات دبي، الذي يرى أنه لا يوجد أي بديل عن استخدام جوازات سفر التطعيم لإعادة فتح ممرات السفر واستئناف حركة السفر الجماعي المكثف إلى الخارج. لقد أصبح التحول الرقمي من البنود الملحة على جدول أعمال الحكومات حول العالم.
وتمتلك الإمارات العربية المتحدة اليوم مطارات تعدّ من أفضل المطارات الدولية في العالم، وقد سارعت إلى تبني حلول وتقنيات رقمية حديثة لتعزيز كفاءة مطاراتها وتحقيق رضا العملاء على نطاق واسع. والدليل على ذلك هو أن دبي أصبحت من أوائل مدن العالم في التحقق الرقمي من الاختبارات والتطعيم من خلال ربط أنظمة الهوية الإماراتية بسجلات المسافرين الطبية المحفوظة من قبل هيئة الصحة بدبي، والخاصة باختبارات ولقاحات «كوفيد-19»، ما يتماشى مع مبدأ جواز السفر الرقمي الذي دعا الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» إلى تبنيه على مستوى العالم. وإضافة إلى ذلك، أعلنت دبي مؤخراً عن افتتاح أحد أكبر مختبرات المطارات الداخلية في العالم في مطار دبي الدولي (DXB​) الذي تبلغ مساحته 2000 متر مربع بقدرة استيعابية تتيح له تحليل ما يصل إلى 100،000 من عينات فحوص PCR يومياً. إن هذه التدابير جديرة بالملاحظة في حدّ ذاتها، إلا أنها ليست سوى غيض من فيض من التدابير المطلوبة لاستعادة الزخم في حركة الطيران العالمي وتسريع وتيرة التعافي لتحقيق الانتعاش الاقتصادي العالمي
كيف يمكننا ضمان استعداد شركات الطيران لاستئناف نشاطها الدولي في عالم ما بعد «كوفيد-19»؟
يتمثل الهدف الرئيسي المشترك في مجال الطيران في تأمين سلامة الرحلات الجوية من الإقلاع إلى الهبوط، ويتم تحقيق ذلك من خلال التدريب وتبنّي معايير صارمة لتحقيق السلامة والأمان في كل العمليات الجوية والبرية. وتشترط المعايير الدولية أنه عند توقف طاقم الطائرة عن الطيران فترة زمنية معينة، فإن الحدّ الأدنى المقبول من معايير الكفاءة لدى أفراد الطاقم يتأثر سلباً. وبالتالي، ينبغي اتخاذ التدابير المطلوبة للحد من هذا التدهور في المهارات، ما يستدعي الحاجة إلى إعادة تدريب طواقم الطائرات. وتصطدم هذه الحاجة بالكلفة العالية والوقت المستغرق لتحقيق الامتثال بمعايير التدريب وشهادات الأهلية المعتمدة.
إن الشاغل الرئيسي لشركات الطيران هو إعادة تسديد التمويل الناشئ عن الدعم الحكومي الذي تلقته لمواجهة التحديات الاقتصادية المترتبة على أزمة كورونا، ما يترتب عنه إدخال هذه الشركات في مأزق السيولة والضائقة المالية. ومن تداعيات ذلك استمرار نزيف معظم شركات الطيران في المستقبل المنظور بسبب الطلب المنخفض على حركة الملاحة منذ استئناف الأنشطة بعد فتح الحدود الجوية. ليس هذا فحسب، بل إن أغلب شركات الطيران لم يكن لديها خيار سوى خفض أعداد الموظفين لديها، الأمر الذي سيحتم عليها استغراق المزيد من الوقت وتكبد المزيد من الأعباء المالية لتعيين موظفين جدد، وإخضاعهم للتدريب اللازم. وإزاء هذا الواقع، ستجد شركات الطيران نفسها في مواجهة ضغوط شديدة لمعالجة الارتفاع الهائل في التكاليف المتكبدة لدعم نمو الإيرادات عندما تستعيد المطارات زخم حركتها السابقة.
إن العديد من شركات الطيران لا تملك مرافق التدريب الخاصة بها، أو أنها تعاني صعوبات وقيوداً معينة تحدّ من قدرتها على تدريب موظفيها. وثمة حلّ عملي وفعال يتمثل في الاستعانة بمراكز تدريب متخصصة لتوفير التدريب اللازم . 
* الشريك المؤسس لمركز «دايناميك» للتدريب المتقدم  شركة خانصاحب للاستثمار

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

الشريك المؤسس لمركز «دايناميك» للتدريب المتقدم شركة خانصاحب للاستثمار

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"