عادي
منتجات شركاته تصدر من الإمارات إلى 40 دولة

محمود عوض: بحثت عن الآثار في القدس مقابل 25 قرشاً

00:59 صباحا
قراءة 7 دقائق
1
1

حوار: سلام أبوشهاب
حضر إلى أبوظبي قبل 53 عاماً، وكان حلمه أن يصبح رجل أعمال ويؤسس شركات ذات إنتاجية تعود بالنفع على أفراد المجتمع، فوجد الإمارات أرض الأحلام والفرص والتي حولت أحلامه إلى واقع ملموس بامتلاك أكبر شركات متخصصة في صناعة وتجهيز سيارات الإسعاف والإطفاء ومعدات مكافحة الحرائق ومحطات تحلية المياه، إلى أن أصبحت منتجات شركاته تصدر من الإمارات إلى 40 دولة في العالم بما فيها أمريكا الجنوبية.

إنه رجل الأعمال محمود صالح عوض، الذي ما زال يحرص على التواجد من الصباح الباكر في مكتبه بالمصفح في أبوظبي وفي دبي يتابع مع أبنائه تفاصيل العمل في شركاته التي تستقطب 1200 موظف وعامل.

ويقول محمود صالح ل «الخليج» إن الإمارات وفرت أرضية صلبة لجميع المستثمرين الباحثين عن التميز والنجاح، وذلك لما تملكه من بنية تحتية قوية، وأمن واستقرار لا مثيل لهما في العالم، ورؤية ثاقبة تركز على القطاع الخاص الذي تعتبره شريكاً استراتيجياً في مسيرة التطوير والتحديث وتحقيق الإنجازات، وتالياً تفاصيل الحوار:

يتحدث محمود صالح عوض، عن حياته قائلاً، إنني من مواليد حي سلون في مدينة القدس في فلسطين عام 1946، وأنهيت دراستي الإعدادية من مدرسة عبد القادر الحسيني في سلوان والتي تغير اسمها إلى مدرسة سلوان الإعدادية بعد عام 1967، كما أنهيت دراستي الثانوية، تجارة من ثانوية رام الله في عام 1965، ثم انتسبت إلى كلية التجارة بجامعة بيروت العربية في عام 1966، وفي ذلك الوقت كانت الامتحانات النهائية تعقد بمقر الجامعة في بيروت.

ويضيف أنه خلال أشهر الصيف؛ حيث عطلة المدارس الصيفية كان أول عمل له مع بعثة أمريكية إنجليزية في مجال التنقيب عن الآثار بمنطقة الدباغة في البلدة القديمة في القدس، وكان ذلك في عام 1962، وكان يتقاضى راتباً قدره 25 قرشاً يومياً، وكان يعمل من الساعة 5 فجراً وحتى الساعة 2 ظهراً كمساعد في البحث عن الآثار، مشيراً إلى أن والده – رحمه الله- كان لديه محل للمواد الغذائية في حارة النصارى في القدس، وما زال هذا المحل الذي تحول نشاطه إلى بيع أجهزة الكمبيوتر.

ويقول خلال دراستي بالانتساب في الجامعة حضرت إلى أبوظبي في عام 1968 وتحديداً خلال كانون الأول؛ حيث الطقس الرائع، وأذكر أنه كان معي في ذلك الوقت 700 درهم فقط، وشغلت منصب مدير لشركة الوطنية الصناعية والمتخصصة في الزراعة والبذور والأسمدة والأشجار والمواد الكيماوية ذات العلاقة وكان راتبي 1200 درهم، وقد تولت الشركة بإشرافي بنقل 30 ألف شجرة حرجية و10 آلاف شجرة حمضيات من المملكة الأردنية الهاشمية إلى مدينة العين، وكانت هذه الأشجار هدية من المغفور له الملك حسين بن طلال، رحمه الله، إلى أبوظبي.

القطاع الخاص

وحول عمله في القطاع الخاص يقول إنه منذ البداية كان يفضل العمل في القطاع الخاص لوجود الفرص الهائلة لمن يرغب في العمل الحر وتحقيق النجاح والانطلاق إلى آفاق رحبة، وفي عام 1970 وبعد نجاح الشركة الوطنية الصناعية التي أسسها وكان يعمل فيها بوظيفة مدير، افتتح أصحاب الشركة مصنعاً للغازات الصناعية والطبية في أبوظبي وتحديداً بمنطقة الدرويش، وتم تعيينه مسؤولاً في المصنع، وخلال هذه الفترة اكتسب خبرة في مجال تجارة الغازات الصناعية ومنها الأوكسجين الطبي وثاني أكسيد الكربون، والمواد الكيماوية ذات الاستخدامات الصناعية ومعالجة المياه لتكون صالحة للشرب.

ويضيف بعد 3 سنوات قررت ترك الشغل وإنشاء شركة خاصة بي أو السفر لتكملة الدراسة، إلا أن صاحب المصنع عرض علي المشاركة في أي عمل تجاري أنوي تأسيسه، وبالفعل في عام 1974 أسست بشارع المطار مقابل البريد المركزي قديماً في أبوظبي شركة كونكورد التجارية وتعني «روح الصداقة»، والمتخصصة في تنفيذ مشاريع بيع الغازات الصناعية ومعدات الإطفاء والسلامة في حقول النفط ومحطات البترول والكيماويات ومعدات تنقية المياه والصرف الصحي، ومقامة الآن إلى جانب شركة بر يستول لصناعة معدات إطفاء الحريق وتصنيع سيارات الإطفاء والإسعاف في منطقة المصفح أيكاد على مساحة 350 ألف قدم مربعة، وفي عام 1978 أسس بمنقطة القوز الصناعية في دبي شركة كوردكس المتخصصة في تصنيع طفايات ومضخات الحريق ومواد تحلية مياه البحر، ومعالجة مياه الصرف الصحي، والشركة مقامة الآن على مساحة 220 ألف قدم مربعة.

فرص رائعة

وعن التوسع في استثماراته يقول إن البداية كانت متواضعة وصعبة في الوقت ذاته، ففي نهاية الستينات كانت أجهزة التكييف تعمل مع تشغيل مولدات الكهرباء في المصنع (منطقة الدرويش) وبعد توقفها نظل بدون أجهزة تكييف وننام بدون أجهزة تكييف، وقد تعودنا على ذلك لبعض الوقت؛ حيث كانت عمليات البناء والتطوير تسير بخطى سريعة في أبوظبي، وكان هناك لدي إصرار على النجاح وتحدي الصعاب والتغلب على أي معوقات، مشيراً إلى أنه عرض عليه عدة وظائف في القطاع الحكومي في مطلع السبعينات إلا أنه فضل القطاع الخاص لما فيه من فرص هائلة أمام الساعين إلى تحقيق إنجازات تعود بالنفع والفائدة على أفراد المجتمع، موضحاً أنه بدأ في شركته بتعيين ثلاثة موظفين، وتدريجياً تم التوسع في نشاطاتها إلى أن ارتفع عدد الموظفين حالياً إلى 1200 موظف، ويتم تصدير منتجات الشركة ومقرها الإمارات من سيارات الإسعاف والإطفاء ومحطات التحلية ومعدات إطفاء الحريق إلى 40 دولة في العالم.

نقطة تحول

ويشير محمود صالح عوض، إلى أن نقطة التحول في حياته كانت عندما قرر في البدايات الدخول في القطاع الخاص والاستمرار فيه مهما كانت التحديات، وعدم القبول بوظيفة حكومية، باعتبار أن الوظيفة مرتبطة براتب شهري محدد، بينما العمل الحر في القطاع الخاص يفتح فرصا ًأمام تحقيق عائد كبير عند اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وفي المكان المناسب، وفي ذلك الوقت كانت المنافسة في القطاع الخاص محدودة، ومع بدايات التأسيس كانت مشاريع كثيرة ذات نوعية متصلة بالتأسيس، مع مراعاة أن كل مرحلة لها طبيعة معينة في نوعية المشاريع والاستثمار، وكنت أشعر بالراحة عندما أعمل لساعات طوال حتى يوم الإجازة الأسبوعية يوم الجمعة، وألمس العائد المجزي لتعبي، ما يدفعني إلى التوسع المستمر، وعندما كانت تتاح لي الفرصة خلال العمل لأخذ قسط من الراحة كنت أمارس هوايتي المفضلة وهي قراءة الكتب الأدبية، والشعر بالذات الأشعار الوطنية، فأحب قراءة قصائد نزار قباني، أحمد شوقي، أبو قاسم الشابي.

طريق النجاح

وعن طريق النجاح يقول يحسب الكسالى أن الناجحين وجدوا طريقاً مفروشاً بالورود فسلكوه، وأنهم لم يمروا بمعاناة، ولم يخوضوا المخاطر قط، لكن من يمتهن صناعة الكيماويات يعرف أن هذا المجال ليس نزهة؛ بل محفوف بالمخاطر من كل الجهات.

ويروي محمود قصة لا يمكن له نسيانها، لأنها كادت تودي بحياته لولا لطف الله، ويقول: «في أحد الأيام وأثناء عملية التحميل والتنزيل لأحد عبوات مادة (السولفاريك أسيد) سقطت من يدي على الأرض وتطايرت على جسدي أنا وثلاثة من العمال، مما اضطرني لخلع ملابسي وأخذت بغسل جسدي بالماء في ساحة المصنع لإزالة الأسيد، فنسبة تركيزه مرتفعة 98%، ومن ثم نُقلنا إلى المستشفى وتطلب وضعي البقاء لمدة ثلاثة أيام هناك، ولا تزال هناك ندوب ظاهرة على جسدي حتى اليوم»، ويعلق على هذه الحادثة بالقول: «وهذا يثبت أن النجاح لا يأتي بسهولة، فكل طريق محفوف بالمخاطر، والفائز من يتحدى ذلك كله ويبقى صامداً في وجه العقبات».

ويضيف أنه أراد الإحاطة بجميع جوانب تخصصه الجديد، ليكون مطلعاً على كل صغيرة وكبيرة في مجال الإطفاء، وذلك بعد خبراته الواسعة في الصناعات الكيماوية، ولتحقيق ذلك حزم محمود عوض، حقائبه متجهاً إلى أمريكاً، ومنضماً لمدرسة (أنسول) العالمية في مدينة (ملواكي) بهدف التدريب على استعمال مواد ومعدات الإطفاء حتى يكون ملماً إلماماً تاماً بهذا المجال بيعاً وشراء وتسويقاً وتدريباً.

أعشق الإمارات

ويضيف مهما تحدثت عن الجهود التي بذلتها منذ البدايات لا شيء أمام التسهيلات التي توفرها الإمارات للمستثمرين الجادين في شتى القطاعات، فعلى سبيل المثال لا الحصر الإمارات توفر قطع أراض للمستثمرين بإيجارات سنوية رمزية، كما أنه لا توجد أي ضرائب بمعنى الضرائب المعمول بها في غالبية دول العالم، والتسهيلات التي لا حدود لها للمستثمرين، إلى جانب الأمن والاستقرار، وهذه مجتمعة تمثل عناصر قوية لنجاح المستثمر الذي يعمل وفق خطط مدروسة تلبي احتياجات السوق، مقرونة بالجهد والإخلاص والتفاني في العمل، وأقول إن نجاحي في استثماراتي هو توفيق من رب العالمين، ثم مقومات النجاح المتوفرة في الإمارات والمبنية على خطط مدروسة لاستقطاب المستثمرين، فأنا أشعر بسعادة لا توصف لإقامتي في الإمارات التي أعشقها منذ اللحظة الأولى التي وصلت إليها.

وحقيقة أن الحكومة تشجع دائماً المستثمرين والمجتهدين، وقد حصلت قبل أشهر على الإقامة الذهبية التي أفتخر بها، ومن أسباب نجاحي أيضاً جهود أبنائي فراس ومهند اللذين أنهيا دراساتهما الجامعية في كندا ويتوليان الآن باقتدار مواصلة إدارة شركاتي، بينما فضلت ابنتي ريم التي تخصصت في العلاج الطبيعي في كندا إلى افتتاح مركزين للعلاج الطبيعي في أبوظبي وتحديداً علاج مشاكل العمود الفقري، وتخصصت ابنتي نور في الإدارة المالية من كندا، كما أن أحد أسباب نجاحي فريق العمل في شركاتي بدء من الحارس وعامل النظافة وحتى الرئيس التنفيذي، فكل موظف في شركاتي هو أحد عناصر النجاح.

بصمة نجاح

وحول المشروعات التي تنفذها شركاته يوضح محمود صالح عوض، أن أحد المشاريع التي يفتخر بتنفيذها مشروع تحلية مياه البحر في جزيرة دلما بتكلفة وصلت إلى 160 مليون درهم، مؤكداً أن محطة التحلية بتفاصيلها تم تصميمها وتنفيذها وتصنيعها بالكامل بمقر الشركة في أبوظبي، وهذا في حد ذاته إنجاز يعزز من مكانة الشركة ومن الصناعات الوطنية، كما تم تنفيذ مشاريع ناجحة لتنقية مياه الصرف الصحي وتحويلها إلى مياه صالحة للزراعة الحرجية والمسطحات الخضراء.

ويضيف أشعر بالفخر والاعتزاز لوجودي وتركيز استثماراتي في الإمارات التي تكافئ كل مجتهد، وقد فزت بالعديد من الجوائز القيمة منها جائزة الشيخ خليفة للتميز التي فزت بها لسنوات عدة للفئة الذهبية والفضية، وجائزة دبي التقديرية للجودة، جائزة الامتياز للأعمال الدولية، وجائزة أفضل مورد والعديد من الجوائز من مختلف الجهات في الدولة.

ويوضح أنه اتجه للاستثمار في الخارج بعد نجاح استثماراته في الإمارات، إلا أنه واجه صعوبات وتحديات كبيره وقفت عائقاً أمام استمرارية هذه الاستثمارات والتوسع فيها منها الضرائب العالية، وعدم الاستقرار وغيرها من العوامل التي تؤثر سلباً في الاستثمار في الخارج، ومن هذه الاستثمارات إنشاء محل لبيع معدات الإطفاء في مدينة رام الله في فلسطين.

نصائح للشباب

وعن نصائحه لجيل الشباب يقول على الشباب الحرص على التعلم والحصول على أعلى الشهادات، فالتعليم هو أساس التطور، وعلى الشباب العمل ثم العمل فالعمل ليس عيباً، وعلى الشباب أن يبدأ العمل في أي وظيفة تتاح لهم بالذات في القطاع الخاص وبذل الجهد لاكتساب الخبرات وتحقيق الأهداف، كشعوب عربية يتطلب منها دائماً وأن نكون مخلصين في عملنا ونحرص على التميز والابتكار، والأهم الحرص على دخول القطاع الخاص والتركيز على المجالات الصناعية والزراعية التي تحتاج إلى المزيد من الاستثمارات والابتكارات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"