عادي
رفع تدريجي لقيود «الجائحة» بعد 18 شهراً من فرضها

الشحن البحري.. شحٌ في الحاويات والأسعار جنونية

00:01 صباحا
قراءة 7 دقائق
1

تحقيق: فاروق فياض
ألقت جائحة «كوفيد 19» بظلالها على أنشطة التجارة العالمية وسلسلة الشحن والتوريد عبر الموانئ البحرية والمطارات الجوية منذ مطلع العام الماضي 2020.

وبعد مضي 18 شهراً على شبه الإغلاق العالمي؛ نتيجة لتداعيات «الجائحة» وما رافقها من قيود في حركة التنقل والشحن والتجارة وتباطؤ سلسلة التوريد، دفع ذلك إلى انخفاض مستويات الطلب على المنتجات والبضائع، وخاصة الصينية منها على اعتبار أنها المزود التجاري والسلعي الأول عالمياً. أي أنها الشريان التجاري الرئيسي لقطاع الشحن والإمدادات التجارية والسلعية لجميع البلدان، الأمر الذي عزز من خيارات بديلة كالاعتماد على الشحن الجوي، إلى جانب تبني خيارات رقمية في سلسلة التوريد والتصدير، في حين أن الشحن البحري كان السمة الأبرز لهذه المرحلة؛ من جرّاء محدودية السفن الناقلة للحاويات في ظل القيود المفروضة.

منذ مطلع العام الجاري 2021، وتزامناً مع الحصول على لقاحات «كورونا»، بدأت تتلاشى القيود التجارية بشكل تدريجي، وفتحت مختلف الأنشطة الاقتصادية على المستوى المحلي في دولة الإمارات، وكذلك على المستوى العالمي، فارتفع حجم الطلب على البضائع والمنتجات العالمية عبر الموانئ، ونتيجة لهذا الضغط الكبير على البضائع، وندرة وجود الحاويات التي تتوازى مع حجم الطلب؛ دفع لك إلى ارتفاع أسعار الشحن البحري، ناهيك عن ندرة وجود الحاويات النمطية، وخاصة قياس 20 قدماً في مختلف الموانئ العالمية. وميناء «جبل علي» يعد مثالاً على ذلك؛ لأنه يعد شرياناً تجارياً ومزوداً مهماً لسلسلة التوريد والتجارة من المنطقة وإليها؛ حيث تضم نحو 5 مليارات نسمة.

وفي هذا الشأن، اتفق خبراء قطاع الشحن والخدمات اللوجستية في دولة الإمارات، على أن رفع القيود التجارية بشكل تدريجي بعد تفشي جائحة «كورونا» طيلة الشهور ال18 الماضية، دفع إلى نمو حجم الطلب على البضائع، وخاصة الصينية منها، في ظل نقص وندرة وجود الحاويات البحرية؛ الشريان الأول المزود للتجارة العالمية، وهو ما عزز من ارتفاع مستويات أسعار الشحن البحري، كذلك ارتفاع حجم الطلب على الناقلات البحرية تمليكاً أو تأجيراً.

أسباب

1
أمادو ديالو

قال أمادو ديالو، الرئيس التنفيذي لشركة «دي اتش ال جلوبال فورواردينج الشرق الأوسط وإفريقيا»: عادة ما يتم الشحن عبر المحيطات بالتنسيق المنظم بين عدد من الجهات؛ لكن الشحن عبر المحيطات يعاني حالياً نقصاً في المعدات مع وصول أسعاره إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق؛ بسبب عاملين أساسين؛ هما:

أولاً: لقد تسببت جائحة «كوفيد-19» في الكثير من التغيرات والاضطرابات في الموانئ الرئيسية في الصين والولايات المتحدة. على سبيل المثال، هناك تأخيرات في موانئ الولايات المتحدة؛ مثل لونج بيتش ولوس أنجلوس؛ حيث تسبب حالات الحجر الصحي وجائحة «كوفيد-19» إلى تأخر تخليص البضائع أو تفريغها.

علاوة على ذلك؛ نظراً لإجراءات الحجر الصحي الأخيرة في Yantian (الصين)، فقد شهدنا تراكم الحاويات في محطة Yantian الدولية. مما تسبب في تراكم وحجز المعدات، وعدم توفرها في الوقت المناسب مثل الحاويات الأساسية والتي هنالك حاجة إليها في أجزاء أخرى من العالم؛ للمحافظة على مرونة سلاسل التوريد.

أضاف ديالو: يتمثل ثاني الأسباب، في الطلب الكبير على الشحن البحري مع زيادة إقبال المتسوقين على الشراء عبر الإنترنت في قطاعات مثل السلع البيضاء (الأدوات المنزلية) والأثاث والأدوات ومعدات البستنة منذ بدء تفشي جائحة «كوفيد-19».

وتوريد المنتجات من الشركات للعملاء في النصف الغربي من الكرة الأرضية، على سبيل المثال، فإن المستهلكين غير قادرين حالياً على الإنفاق على السفر؛ فقد توجهوا إلى ترميم وتجديد منازلهم، والاستثمار في مجالات أخرى.

حيث تسبب هذان العاملان في نقص طاقات الشحن البحري ومعداته، وارتفاع أسعاره حالياً. ومع ذلك، فإن هذا يوضح أيضاً أن التجارة العالمية ما زالت تتسم بالمرونة على الرغم من تداعيات جائحة «كوفيد-19».

ارتفاعات

وأوضح ديالو: لقد أثر الارتفاع غير المسبوق في أسعار الشحن البحري؛ بسبب نقص الحاويات في توريد السلع الأولية في دولة الإمارات. ونظرًا لأن شركات النقل البحرية تعطي الأولوية الآن للتجارة طويلة المدى، على سبيل المثال من آسيا إلى أوروبا أو الولايات المتحدة، فمن المتوقع حصول انخفاض في حجم البضائع المستوردة إلى الإمارات.

وفي هذا الصدد، قامت شركات النقل البحري بتحويل طاقة الشحن من قطاعات ذات قيمة شحن منخفضة إلى قطاعات ذات إنتاجية عالية. ومن منظور خارجي، لم تعد شركات النقل البحري في دولة الإمارات حريصة على العقود طويلة الأجل. وهذا يعني أن هناك انخفاضاً كبيراً في المساحات المخصصة على ناقلات البضائع عبر المحيطات من دولة الإمارات إلى أمريكا اللاتينية وغرب إفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة وكندا.

اللقاحات والمعدات الطبية

وبيّن ديالو: أن هناك نقصاً في طاقات الشحن الجوي والبحري؛ بسبب جائحة «كوفيد- 19». أما سبب ارتفاع أسعار الشحن حالياً (بنسبة 25-30%)، فهي تعود بالدرجة الأولى إلى انخفاض سعة الرحلات الجوية ونقص الحاويات وزيادة الطلب على النقل في آسيا والمحيط الهادئ. كما أن ارتفاع أسعار الشحن تعود بالدرجة الأولى إلى نقص الحاويات والذي تسبب في نقص السلع الأساسية في دولة الإمارات.

وأضاف: بسبب تداعيات الجائحة وآثارها السلبية، شهد قطاع النقل الجوي انخفاضاً حاداً في السعة العالمية للطيران؛ بسبب قيود السفر وتوقف العديد من شركات الطيران؛ لكن في الوقت نفسه، هناك طلب متزايد على الشحن الجوي، لا سيما شحنات اللقاحات والمعدات الطبية ومعدات حماية الأفراد (PPE). وقد أدت إجراءات الفحص والقيود الأثقل المفروضة على استيراد السلع والفحوصات الصحية الإلزامية وتحديد أولويات شحنات الرعاية الصحية ومعدات الوقاية الشخصية إلى زيادة فترة العبور. وبالاستعانة بالخبرات اللوجستية وشبكتها العالمية، تعاونت «دي اتش ال جلوبال فورواردينج» مع الحكومة والمؤسسات الطبية؛ لتوفير الإغاثة العاجلة والفورية. وقدمنا حلولاً إنسانية مثل الطائرات المخصصة لنقل اللقاحات والمساعدات بالتعاون مع شركائنا من شركات الطيران.

من أجل دعم برامج تحصين بهذا الحجم، حشدت «دي إتش إل» قوتها في شبكتها الممتدة عبر 220 دولة وإقليماً، بما في ذلك نحو 9000 متخصص في قطاع الرعاية الصحية وعلوم الحياة. لقد استفدنا أيضاً من وسائط النقل البديلة مثل البريد السريع، الطائرات المستأجرة، والنقل عبر أكثر من طائرة، وكذلك شبكات الموردين التي تراوح بين شركات النقل شركات التعبئة والتغليف، لتلبية الطلب وتوزيع اللقاحات.

اختلال التوازن

1
هند سعد

بدورها، أكدت هند سعد، مدير العمليات الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في «أجيليتي» ما قاله أمادو ديالو، مضيفة: ألقت أزمة «كوفيد-19» بآثارها السلبية على قطاع النقل، وأخرجت مئات الآلاف من حاويات الشحن حول العالم من العمل، فباتت غير متوفرة للشركات المصنّعة التي تريد شحن بضائعها من الصين ودول التصدير الآسيوية الأخرى، وما زلنا حتى الآن نشهد اختلالاً في التوازن بين العرض والطلب.

لذا تسعى شركات الشحن جاهدة إلى تسريع عودة الحاويات إلى آسيا من الأسواق الأخرى، وتضع سرعة نقل هذه الحاويات على رأس قائمة أولوياتها. وفي سبيل ذلك، ألغت شركات الشحن أيام الراحة التي اعتادت تخصيصها لتفريغ حمولة الحاويات وإعادتها.

وقد ازداد الضغط على الحاويات نتيجة لارتفاع الطلب الهائل والحاجة الملحة لنقل معدات الحماية الشخصية، إلى جانب تخفيض سعة الشحن الجوي وتغير التدفق للتجارة الإلكترونية، إضافة إلى الطلب المتزايد والمتوقع على الحاويات المبرّدة لنقل جرعات اللقاح ضد «كوفيد-19».

1

رسوم إضافية

أضافت سعد: أدى التزاحم على الحاويات إلى ارتفاع أسعار الشحن البحري، خصوصاً عبر الممرات البحرية العابرة للمحيط الهادي. وبدأ هذا الارتفاع بعدما ضيقت خطوط الشحن نطاق خدماتها عبر إلغاء أو إيقاف الرحلات المنتظمة، ثم أعادت إطلاق الكثير من الرحلات المتوقفة، لكن سفنها تغادر الموانئ الصينية بحمولة قليلة؛ نتيجة لعدم توفر عدد كافٍ من الحاويات لتلبية طلب شركات الشحن. وفي بعض الحالات، لم تتمكن شركات النقل البحري من حجز حاويات لبضائعها؛ بسبب النقص في عدد الحاويات في آسيا. وما كان من شركات الشحن، لتعويض النقص في المعدات ومواجهة الفوضى والتحديات الأخرى إلا فرض رسوم إضافية.

وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الشحن إلى الشرق الأوسط، فإنها لا تضاهي أسعار الشحن عبر المحيط الهادي أو من آسيا إلى أوروبا، ما يدفع شركات الشحن إلى إعطاء الأولوية للنقل إلى أوروبا والولايات المتحدة؛ بسبب الأرباح الضخمة. إضافة إلى ذلك، تسبب كل ذلك في عرقلة عمليات الإنتاج وجداول التسليم المعتمدة، الأمر الذي أثر بشدة في كامل سلسلة الإمداد في أنحاء المنطقة.

كيف تبدو خدمات الشحن واللوجستيات في الإمارات؟

كشف رصد حديث متخصص في خدمات الشحن واللوجستيات التابع لشركة «أجيليتي» عن وجود نقص متوسط في عدد الحاويات النمطية والمعدات اللوجستية المخصصة لذلك في دبي، في حين أن عمليات مناولة الموانئ البحرية في الإمارة تسير بشكل طبيعي مع استئناف عمل المستودعات بنسبة 100%.

أما على صعيد الشحن الجوي؛ فهي تسير وفق المعتاد وبشكل طبيعي مع انخفاض عدد القوى العاملة؛ بسبب التدابير الاحترازية والتباعد الاجتماعي والتي تؤثر في كثير من الحالات في كفاءة العمليات. وفيما يتعلق بقيود رحلات الركاب؛ فهنالك بعض القيود المفروضة على بعض الرحلات الجوية المتوجهة إلى البلدان المتضررة؛ من جرّاء «الجائحة» فيما لا توجد أي تداعيات تذكر على طائرات الشحن وعملياته وهي تسير بشكل طبيعي.

وبخصوص حركة الشحن واللوجستيات على شبكة الطرق البرية في دبي، فهي تسير وفق المعتاد وبشكل طبيعي داخل الإمارة، مع وجود بعض القيود على حركة النقل في الطرق الخارجية إلى المناطق والمدن الأخرى، بينما تعمل الخدمات الجمركية بشكل طبيعي.

أما على مستوى إمارة أبوظبي، فقد أظهرت البيانات عدم وجود نقص يذكر في أعداد الحاويات النمطية في موانئ الإمارة، وتسير عمليات الموانئ بشكل طبيعي.

وعلى مستوى عمليات الشحن الجوي، فهي تسير بشكل معتاد بالنسبة لعمليات المطارات والمحطات والمستودعات الجوية مع تأثير محدود لعدد من رحلات الركاب التي تم دمجها مع خدمات الشحن، إضافة إلى بعض القيود المفروضة على الرحلات الجوية المتوجهة إلى البلدان المتضررة من «كوفيد 19»، وفيما يتعلق بقيود الشحن إجمالاً، فهي بشكل طفيف على رحلات شحن البضائع المدمجة مع نقل الركاب.

أما بالنسبة لخدمات الشحن والنقل على شبكة الطرق البرية في أبوظبي، فهي تسير بشكل طبيعي داخل الإمارة وكذلك بشكل معتاد على شبكة الطرق الخارجية إلى المدن والإمارات الأخرى، وتعمل المنظومة الجمركية بشكل معتاد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"