عادي
خبراء عالميون لـ الخليج:

تحليل وإدارة البيانات في الإمارات يدعمان المؤسسات وتعافي الأعمال

22:34 مساء
قراءة 13 دقيقة
1

تحقيق: حمدي سعد

أكد مسؤولو شركات تقنية عالمية، ضرورة توظيف البيانات وإدارتها بالصورة الصحيحة؛ لتمثل قيمة مضافة لقطاعات الأعمال الحكومية والخاصة، لاسيما لدعم مرحلة التعافي من جائحة «كوفيد-19»، بما يعمل على تحسين الأعمال، وجودة الخدمات وتوافرها على مدار الساعة ومن أي مكان.

1

وقال المسؤولون ل «الخليج»: إن القطاعات الحكومية والخاصة في الإمارات باتت تمتلك كنزاً من البيانات؛ لكنها لا تدار أو تستخدم بالصورة التي يمكن أن تغير من طريقة العمل وتحقق عوائد أو وفورات مالية على أقل التقديرات؛ من جرّاء هدر الموارد، وضياع طاقات الموظفين. وأوضحوا: إن التقنيات والإمكانات الكبيرة التي توفرها خدمات الحوسبة السحابية ومراكز تخزين واستضافة البيانات وإدارتها وتحليلها؛ تسهم في توليد بينات جديدة ومخرجات من شأنها دعم اتخاذ القرار الصحيح في الاستثمار أو إطلاق مشاريع أو خدمات ومنتجات جديدة.

قال آلان جاكوبسون، مدير البيانات والتحليلات في شركة «ألتيريكس»: أدى التسارع الأخير الذي شهده التحول الرقمي عبر مختلف الصناعات إلى تحقيق جملة من التغييرات الهائلة، وبوقت استثنائي في الطرق التي تمارس بها الشركات أعمالها، مما مكّن الشركات الناضجة تحليلياً من التفوّق على منافسيها. 

وعلى عكس ذلك، فقد تركت الشركات التي تخلّفت عن الركب في مجال البيانات أكثر من 2.5 «كوينتيليون بايت» من البيانات التي يتم إنتاجها أونلاين كل يوم (أي أكثر من 1.7 ميجا بايت في الثانية لكل شخص على وجه الأرض) من دون استغلال. 

ولا يتوقف الأمر هنا؛ إذ ستواصل هذه الفجوة التحليلية بين الشركات الاتساع في السنوات القليلة المقبلة، وستتضرّر الشركات التي يمكنها تسخير هذه البيانات؛ ولكنها لا تقوم بذلك.

عوائد أكبر

ولكي تحقق الشركات التنافسية والنجاح في السوق، قال جاكوبسون: إن المؤسسات والشركات التي تعتزم البقاء في المقدمة؛ عليها أن تستفيد لأقصى درجة من أتمتة وتحليلات البيانات؛ لتحقيق المرونة المؤسسية ولتتمكّن من التكيّف وتحصيل عوائد أكبر. 

وأضاف: أظهرت تقارير معهد «كابجيميني للأبحاث» أن 50% من عمليات صنع القرار في الشركات تستند بشكل رئيسي على البيانات، كما أن الشركات التي تسخر البيانات استراتيجياً؛ تحقق أرباحاً أكثر بنسبة 22% في المتوسط من منافسيها.

التفوق على المنافسين

ويقول جاكوبسون: مع كميات البيانات الرقمية الهائلة، والتعقيد المرتبط بها، هناك طريقة واحدة فقط للشركات للبقاء في المقدمة؛ وهي: التحليلات وأتمتة علوم البيانات؛ فأتمتة اكتشاف الأجوبة وتحليلها والوصول إليها؛ يمكّن الشركات من التفوق على منافسيها؛ لكن الأهم هو أن يكون بإمكان موظفي الشركة كافة القيام بذلك، وألا يقتصر الأمر على مجرد مجموعة من المتخصصين. وأضاف: هنا تبرز أهمية سهولة استخدام الخدمات الذاتية وأتمتها؛ إذ يعتمد آلاف المحللين كل يوم، سواء في الشركات الصغيرة أو الشركات العالمية على تحليلات وأتمتة علم البيانات؛ للعثور على حلول وإجابات غير متوقعة لأي سؤال يتعلق بالصناعة.

وأوضح جاكوبسون: وفقاً لأبحاث شركة «جارتنر» العالمية للاستشارات، يعتمد نجاح الشركات الرقمية على قدرة جميع الموظفين على «التحدث بالبيانات»، مما يجعل اكتشاف وإبراز الرؤى الرئيسية داخل أي شركة أمراً بالغ الأهمية. 

بيانات غير مستخدمة

وقال جاكوبسون:على الرغم من أن العديد من الشركات على وشك التحول إلى استراتيجية تعتمد على التحليلات الآن، لا تزال نسبة البيانات غير المُستخدمة في هذه الشركات كبيرة؛ إذ تراوح بين 60% - 73% من مُجمل بياناتها، استناداً إلى تقارير شركة «فورستر» المتخصصة بأبحاث السوق، وهو ما يشكّل تحدياً متزايداً في عالم اليوم الذي يشهد تغييرات سريعة في سلسلة التوريد ومكان العمل، كما حدث في أعقاب الجائحة العالمية؛ حيث تفاقمت التحديات؛ لأن معدلات المعرفة بالبيانات عالمياً لم تواكب وتيرة التغييرات التي شهدتها الصناعات المختلفة؛ بل تخلّفت عنها.

وهناك حلول تحليلية من شأنها رفع مهارات العاملين في مجال المعلومات، ليصبحوا على معرفة بالبيانات؛ وذلك استناداً إلى رؤى سليمة، تمكّنهم، بشكل فردي وجماعي، من دفع عجلة التحول المؤسسي.

أتمتة التحليلات

وتسمح منصة البرمجيات الصحيحة سهلة الاستخدام، بنشر إمكانات أتمتة التحليلات بسرعة عبر كافة مستويات أي شركة؛ لتمكين الوصول إلى المعلومات بصورة أفضل، وكذلك الوصول إلى رؤى، تعزز من قدرات الشركة بصورة كبيرة، في غضون دقائق أو أيام فقط. 

وأكد جاكوبسون، تحتاج الشركات إلى القدرة على اكتشاف التغييرات الناشئة في السوق وبيئة التشغيل والتنبؤ بها بسرعة، بنفس الصورة التي يتوقع بها العملاء من الشركات استخدام البيانات؛ لمعرفة رغباتهم واحتياجاتهم المتغيرة. 

وأشار إلى أن حلول أتمتة التحليلات لا تقتصر على منح الشركات الأدوات التي تحتاج إليها لتصبح أكثر مرونة وقابلية للتكيف من خلال أتمتة نتائج الأعمال وتحسينها؛ بل تمنح كل موظف في الشركة، القدرة على الابتكار، وتحقيق أفضل النتائج من خلال إضفاء الطابع الديمقراطي على علم البيانات عبر كافة مستويات الشركة.

وبالنسبة إلى كبار بائعي التجزئة، يمكن أن يعني هذا أن تتمكن الشركة من معرفة متى وأين تُباشر بإعادة فتح المتجر، وكذلك المنتجات التي يجب عليها توفيرها وتخزينها. 

وبالنسبة للوكالات والهيئات الحكومية الرائدة، يمكن أن يعني ذلك تقليص وقت معالجة ملايين المعاملات من شهور إلى دقائق معدودة. 

تستخدم شركات الطيران العالمية هذه الأدوات التقنية القوية، لتحسين مستويات التوظيف والوقود فيها، كما تستفيد منها المصانع، للتكيّف مع ظروف الشحن والمخزونات سريعة التغير. 

الاقتصاد الجديد

وتابع جاكوبسون: لقد أصبح من الواضح بشكل متزايد أن قوة الاقتصاد الجديد لا تكمن فقط في البيانات، ولكن في الأتمتة والأفكار القابلة للتنفيذ، وستعتمد إمكانية الشركات على البقاء والنجاح على قدرتها على الوصول إلى البيانات، والاستناد على أهم الرؤى.

وشدد جاكوبسون على أن البيانات أصبحت حالياً شريان الحياة لأي شركة، وأصبح من السهل الوصول إلى تقنيات أتمتة التحليلات لدرجة أن أي شخص يمكنه طرح أسئلة مستعصية، والحصول على إجابات ذات مغزى. 

وبدءاً من أتمتة العمليات إلى استخدام الذكاء الاصطناعي إلى التعلم الآلي لحل المشكلات المُلحّة، تمتلك الشركات الآن جميع الأدوات التي تحتاج إليها لاتخاذ قرارات أكثر ذكاء، وبأقل وقت وجهد.

في هذه الأيام، لا يتمثل الجزء الأصعب من المعادلة في تعليم الموظفين كيفية استخدام تقنية أتمتة التحليلات لتحقيق نتائج أفضل. 

تنافس محموم

قال ديفيد بانهانز، مدير مفوّض وشريك في مجموعة «بوسطن كونسلتينج»: تزامناً مع الارتفاع المتزايد في الطلب من قبل المستخدمين للحصول على الخدمات والحلول المتطورة والسلسة؛ شهدت قطاعات الأعمال المختلفة تنافساً محموماً فيما بينها؛ لتلبية احتياجات المستخدمين بكافة الطرق والوسائل. 

الصعوبات والتحديات

وعلى الرغم من الصعوبات والتحديات التي تحف بهذه المسيرة التطورية، فإن الرقمنة أمر قابل للتحقيق، ما يعزز أجواء التفاؤل. فقد شهدت مختلف القطاعات الاقتصادية، تقدم اللاعبين المتمرسين رقمياً؛ حيث استطاعوا الوصول إلى مستوى تنافسي كبير؛ ما أدى بالتالي إلى توفر مجموعة واسعة من حالات الاستخدام التي تؤكد تقدم الشركات المتطورة رقمياً، ونجاحها على مختلف الصعد، ونصح بانهانز بتطبيق 5 شروط أساسية؛ لتحقيق النجاح خلال مسيرة التحول الرقمي:

* أولاً: إنشاء إطار للحوكمة الرقمية:

يمكن للمؤسسات والشركات إنشاء مكتب خاص لإدارة التحول الرقمي، عبر تبني إجراءات حازمة لإعداد الشركات وتمكينها من متابعة الأنشطة ذات الصلة عبر التوجيه المناسب وعمليات الإدارة المُثلى. 

* ثانياً: تبني طرق جديدة للعمل:

سيؤدي تبني طرق عمل جديدة إلى تبسيط تجارب العملاء والموظفين والشركاء وإطلاق المنتجات والخدمات بسرعة. 

وسيؤدي نجاح هذا التوجه، إلى تسريع عملية تقديم المنتجات والخدمات، وتوفير تجارب مُعاد تصورها على النحو الأمثل. وللقيام بذلك، على الشركات تحديد المجالات التي تحتاج إلى إصلاح وترتيبها حسب الأولوية. 

* ثالثاً: اعتماد التقنيات الحديثة:

تفرض الأوضاع القائمة على الشركات التركيز على الجهود الهادفة إلى التخلي عن الأنظمة التقليدية، والانتقال للتكنولوجيا؛ لضمان نجاح مسيرتها نحو التحول الرقمي، ما يؤدي إلى تعزيز التكيف مع السوق.

* رابعاً: التحول لعقلية رقمية موحدة:

سيؤدي التحول لعقلية رقمية موحدة إلى غرس الابتكار في الحمض النووي للموظفين؛ لتعزيز القدرات الرقمية للمؤسسة؛ عبر تبني ثقافة جديدة في العمل. 

* خامساً: الاستفادة من البيانات والتحليلات:

باتت البيانات والتحليلات من أهم العوامل المساهمة في دفع التطور، وسيؤدي اتباع استراتيجيات خاصة لتطوير أجندة عمل معنية بدراسة التحليلات وتعزيز الإيرادات ومواءمة نماذج تشغيل التحليلات مع الأدوار والمسؤوليات الواضحة والإدارات والأهداف إلى بناء القدرات اللازمة لاستخدام البيانات والتحليلات على النحو الأمثل.

وتشهد السحابة الهجينة نمواً ملحوظاً؛ إذ تتوقع الشركة العالمية للاستشارات والبحوث «موردور إنتليجنس»، أن تناهز القيمة السوقية للبنية التحتية للسحابة الهجينة في عام 2025 نحو 128.01 مليار دولار، وهذا يمثل نمواً سنوياً مركباً مقداره 18.73 % من قيمتها السوقية في عام 2019 التي بلغت 45.70 مليار دولار.

وأوضح جو: إن مجموعة من العوامل تقود هذا الطلب المتزايد على حلول السحابة الهجينة، كما ذكر سابقاً، زادت الرقمنة السريعة حجم المنافسة السوقية لدرجة لم يعد معها كافياً للشركة أن توظف مصادرها ببساطة في السحابة.

ويقول جو: في الوقت الراهن، تحتاج الشركات إلى حلّ سحابي أكثر فاعلية وكفاءة؛ بحيث يضع العميل في المقام الأول من خلال توفير قدرة سلسة على التكيف. كما تزيد التكنولوجيا الحديثة مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي الطلب على الحلول السحابية والاستخبارات القائمة على البيانات، مما يساعد المؤسسات الطموحة على تلبية حاجات سوق اليوم التي تمتاز بالنشاط والرقمنة المتزايدة.

وقال جو: يتعين على المؤسسات في عالمنا الرقمي أن تحافظ على زخمها عبر اختيار حلول سحابية هجينة من أجل التعافي والنمو، ومع ذلك، فإن السحابة الهجينة هي كيان معقد يتطلب عناية في التخطيط والإدارة والتحسين.

 فوائد عديدة

وأوضح: تقدم السحابة الهجينة فوائد عديدة لمستخدميها؛ هي: تبسيط عمليات التوسع في الأنظمة، وتحسين أعمال التطوير، وزيادة الأرباح منها:

* أولاً: الأمان في حماية البيانات المعرضة للخطر؛ حيث تمثل تحدياً دائماً في تطبيقات الشبكات، وهذا ينطبق على السحب العامة بشكل خاص.

* ثانياً: القدرة على التوسع؛ إذ يمكن للعمليات والأصول والبيانات الحساسة أن تبقى في السحابة الخاصة، ولكن تستطيع المؤسسات توظيف القوة التوسعية للحوسبة السحابية في زيادة طاقتها التشغيلية بسرعة وفاعلية.

* ثالثاً: تميّز تجربة الموظفين؛ إذ يستطيع الموظفون تبادل مسؤوليات البيانات واسعة النطاق، وتنظيم مواعيدها بسهولة، إلى جانب التعامل مع استخدام السحابة الهجينة بسلاسة.

* رابعاً: سرعة التكيف مع احتياجات العميل؛ حيث يمكن للمؤسسات تعديل خدماتها، والتوسع فيها من أجل تحسين تجربة المستخدم النهائي عن طريق اختيار السحابة الهجينة.

* خامساً: تقليل الكُلفة؛ حيث يعد خفض المصاريف أولوية دائمة عند المؤسسات، لا سيما المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتساعد السحابة الهجينة في المحافظة على مرونة الشركات وسرعة استجابتها؛ إذ تتطلب نفقات رأسمالية أقلّ مع منح الشركات خيار شراء مصادر تكنولوجيا المعلومات حسب الحاجة. 

وبينما تمضي المؤسسات قدماً في العالم الرقمي، عليها أن تنظر في تبني الحلول السحابة الهجينة؛ لكي تحمي تطبيقاتها الضرورية في الأعمال فإلى جانب تقليل المصاريف التشغيلية، تضمن هذه الحلول تجربة عمل سلسة للموظفين سواء كانوا في المكتب أو المنزل.

استخدام التكنولوجيا

 من جانبه، يقول مصطفى ظافر، نائب رئيس شركة «أي بي أم» العالمية للسحابة الهجينة والذكاء الاصطناعي: أصبح بناء استراتيجية الحوسبة السحابية أحد أهم أولويات المؤسسات، لما توفره من قدرة على التكيف السريع مع تغيرات بيئة العمل، وتحديث نماذج الأعمال، إلى جانب الكفاءة في استخدام التكنولوجيات المبتكرة، إلا أن تنفيذ الحلول السحابية بكفاءة ليس بالأمر البسيط؛ حيث تجد المؤسسات نفسها في مواجهة عوائق مختلفة من ضمنها كيفية تعزيز أمن المعلومات وإدارة البيانات وتوزيع مهام العمل المختلفة على أكثر من سحابة. 

وأضاف ظافر: إن منصات السحابة الهجينة هي بنية تحتية لتكنولوجيا المعلومات تسمح بالجمع بين مختلف المنصات السحابية، العامة والخاصة، وبناء أنظمة موحدة ومرنة؛ لتشغيل أعباء العمل الحاسوبية للمؤسسات وضمان تكامل عملياتها، ومساعدتها على تحقيق أهدافها بشكل أكثر فاعلية وكفاءة، ونشر البيانات والتطبيقات وتشغيلها وإدارتها بشكل آمن مما يزيد من كفاءة البنية التحتية الخاصة بها، ويساعدها على تقديم خدمات متطورة لعملائها.

وأوضح: في الصناعة المصرفية على سبيل المثال؛ حيث تتم معالجة الملايين من المعاملات، يعد توفير تجربة سلسة للعملاء بغاية الأهمية؛ ومع ذلك، فإن ضمان أمن بيانات العميل في كل خطوة، هو أمر ضروري للبنوك للمحافظة على ثقة عملائها. 

وهنا تأتي أهمية بناء استراتيجية سحابية بالنسبة للبنوك؛ حيث يتيح لها اعتماد الحلول السحابية الهجينة، تحديد البنية التحتية الحديثة؛ لضمان تعزيز مستويات الأمان والحوكمة، وزيادة سرعة الخدمات، وتبسيط عمليات الإدارة، وتعزيز المرونة. 

وفي نفس الوقت، فمع التركيز الهائل على الذكاء الاصطناعي؛ أصبحت المؤسسات بحاجة إلى الاستفادة من البيانات التي يتم جمعها وتحليلها في وضع أفكار قابلة للتنفيذ وابتكار نماذج الأعمال على نطاق واسع. 

حيث تستمد المؤسسات اليوم بياناتها من أكثر من 400 مصدر لبناء تحليلات أعمال متقدمة تساعدها في اتخاذ قرارات مدروسة. 

إلا أن هذا النمو في البيانات يتطلب زيادة الحاجة لأعمال الصيانة وارتفاع التكاليف ذات الصلة، وقد تؤدي في كثير من الحالات لإبطاء رحلة التحول الرقمي بأكملها.

تقليل وقت الانقطاع

وتوفر نماذج السحابة الهجينة المرونة اللازمة لمعالجة هذه العقبات من خلال توفير بنية أكثر أماناً وسرعة ومرونة لنقل تطبيقات الأعمال الأساسية إلى أي سحابة. وتوفر حلول السحابة الهجينة للمؤسسات، القدرة على نقل تطبيقاتها بسهولة، ونشر أحجام العمل الموجودة في الحاويات بشكل متسق عبر أي بنية تحتية وتقلل هذه العملية من وقت الانقطاع من أسابيع إلى ساعات قليلة. 

وحين تتوفر إمكانية عدم التقيد بشركة تكنولوجيا واحدة، يمكن تعزيز المرونة في اختيار السحابة المناسبة لمتطلبات أعمال الشركة كما يوفر النموذج الهجين مرونة أكبر فيما يتعلق بتلبية المتطلبات التنظيمية أو الخاصة بصناعة محددة من خلال تقسيم أحجام العمل أو البيانات وتوزيعها عبر مواقع مختلفة بحسب الحاجة، وفي نفس الوقت تشغيل أنظمة المؤسسات بطريقة مركزية.

وقال ظافر: ترغب المؤسسات حالياً في الحصول على خيارات مختلفة، ويمكنها تحقيق ذلك من خلال القيام بدورها واختيار السحابة المناسبة لها من خلال إيجاد سبل لتمكين الابتكار اللامحدود من دون الحاجة للتقيد بشركة معيّنة، والقدرة على الإعداد لمرة واحدة والاستخدام في كل مكان. 

ويلعب اختيار سحابة هجينة قادرة على توفير المرونة والأمان وحرية الحركة والتكامل والكفاءة من حيث الكُلفة، دوراً أساسياً في تحفيز نجاح الأعمال ما بعد فيروس «كوفيد-19».

آليات العمل الجديدة

قال جوتام راج، رئيس أنظمة وخدمات المؤسسات في مجموعة «جمبو»: منذ فترة ونظام العمل من المنزل يُعد جزءاً من ثقافة العمل في أنحاء كثيرة من العالم، لكن في المنطقة لم يكن هذا النظام معتمداً إلا في عدد قليل من الشركات العالمية.

أما الآن فقد بدأت معظم المؤسسات في استخدام وسائل العمل والاجتماعات عن بُعد؛ لأن ذلك أصبح ضرورة إلا أنّ الاعتماد الكبير على الأعمال الورقية والتوقيعات الفعلية هما من بين العوائق التي تحول دون تبني نظام العمل عن بُعد.

وأضاف راج، الآن أصبحت فوائد العمل عن بُعد واضحة جداً لجميع جهات العمل، بغض النظر عن الحجم والقطاع. الأمر الذي دفع الموظفين للتعرف إلى السبل التي تمكنهم من ذلك، ونعتقد أن التحسن الملحوظ في الإنتاجية وتحقيق التوازن بين العمل والحياة؛ سيدفع لتبني ثقافة نظام العمل الهجين.

وبما أنّ جذب المواهب سيكون العامل الوحيد الأكثر أهمية في قيادة الثقافة، ستخسر جهات العمل تلك أمام منافسيهم إذا لم يتبنوا نظام العمل الهجين؛ حيث ستخسر الشركات المكاسب المرتبطة بالإنتاجية ومزايا الكلفة المترتبة عليها.

ولقد تمت رقمنة العديد من الجوانب المرتبطة بأماكن العمل؛ لخلق أنظمة قوية لإدارة سير الأعمال والتي لا تساعد فقط على إنجاز الأعمال واعتمادها؛ بل أيضاً في أرشفة المستندات لتسهيل استرجاعها. 

ويؤكد راج، لقد أدركت المؤسسات أن تبني النظام الجديد يتيح الوصول للموظفين بسهولة، وأن الاجتماعات الداخلية أصبحت أكثر إنتاجية، وكذلك اجتماعات العملاء والموردين تتم بأسلوب أسهل وأكثر كفاءة.

اعتماد استراتيجية السحابة الهجينة

 قال ظافر: وفقاً لدراسة أجرتها «أي بي أم» عبر مؤسسة البيانات الدولية (IDC)، وشملت أكثر من 500 مشارك من الشرق الأوسط وإفريقيا وتركيا، قال 85% من المشاركين: إنهم يتطلعون لاعتماد استراتيجية السحابة الهجينة في مؤسساتهم، واقترح أكثر من 55% من المشاركين بأن السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى المرونة، وعوامل الكُلفة التي يمكن أن تحققها هذه العملية.

تسريع عجلة التحول الرقمي

 أدت التطورات الحاصلة على مستوى تقنيات الاتصال والتغييرات المستمرة في تفضيلات المستخدمين، إضافة إلى تطور التقنيات الناشئة إلى تأسيس «بيئة مثالية»؛ لتعزيز مسيرة التحول الرقمي. وبينما تحاول الحكومات والشركات استشراف ما يخبئه المستقبل، يمكن القول: إن الأمر الأكثر وضوحاً في خضم حالة الضبابية التي تلف الأجواء؛ يتمثل في أن هذه التحولات قد عززت الحاجة لتسريع عجلة التحول الرقمي. وكما هو الحال مع الشركات الأخرى حول العالم، استطاعت الشركات في المنطقة، إحراز تقدم مستدام في هذا الاتجاه، من خلال تعزيز مرونتها، وتجاوز الآثار الناجمة عن التحديات الاقتصادية العالمية، والاستمرار في توفير خدماتها للمستخدمين عبر الأسواق العاملة بها، إلا أن الأسواق لم تنجح في الخروج من الأزمة حتى الآن.

ضمان الإنتاجية

ما يمكن أن تقوم به الشركات لدعم النموذج الجديد هو تقييم احتياجات سير العمل الخاصة بها، ثم النظر في كيفية دعم موظفيها؛ لضمان الإنتاجية. 

إن إنشاء المنزل الذكي، يمكنه مساعدة عملاء الشركات وموظفيهم على تحقيق بيئة منتجة مثل توفير إمكانات أفضل للشبكات، إضافة إلى التدريب اللازم لضمان تمكنهم من الانتقال من العمل من المكاتب إلى العمل من المنزل، وقد يسهم ذلك في تحقيق سير عمل أكثر كفاءة وسهولة على مستوى كافة الأقسام.

عوامل تقود الطلب

يؤكد لانسلوت جو، رئيس عمليات المنظومة والمبيعات في شركة «علي بابا كلاود إنتليجنس»، أنه وبينما يواصل العالم العمل بلا كلل للتأكد من استمرارية الأعمال وسط تداعيات جائحة «كوفيد-19»، لا ينبغي التقليل من شأن الوتيرة المتسارعة للرقمنة، وإسهام التكنولوجيا السحابية في استدامة المؤسسات الكبيرة والصغيرة على حد سواء. وأضاف جو: إن علامات التجزئة التجارية التي اقتصر عملها قبل الجائحة على المتاجر التقليدية، تعمل الآن عبر الإنترنت وتقدم تجارب متعددة القنوات؛ لمواكبة الاحتياجات الديناميكية للمستهلكين المعنيين اليوم بالرقمنة؛ بغرض الراحة والسرعة وعلى نحو مماثل، توظف أكشاك الأطعمة والمشروبات والباعة الجائلين، القنوات والحلول الإلكترونية؛ للمحافظة على هوامشها البسيطة.

 ثقافة عقد الاجتماعات عبر الإنترنت

يوضح راج: بينما نحن بصدد الانتقال لتبني نظام العمل الهجين؛ أصبح من الضروري ضمان وجود أجهزة وبنية تحتية قوية لتكنولوجيا المعلومات في منازل الموظفين. وتتمثل المهمة الكاملة لقسم تكنولوجيا المعلومات في ضمان إنتاجية القوى العاملة لديهم، مع الموظفين الذين يعملون من المنزل، انتقلت وظيفتهم من إدارة قضايا المكتب الشخصية إلى خدمة الموظفين عبر شبكة بعيدة. وأكد راج أن على جهات العمل تبني ثقافة عقد الاجتماعات عبر الإنترنت كأولوية ولقد رأينا بالفعل عدداً من عملائنا يعتمدون علينا؛ لتزويد غرف اجتماعاتهم الفعلية بأدوات تتيح عقد الاجتماعات عبر الإنترنت، ويجب عليهم مواصلة عملية رقمنة الوثائق والتوقيعات الإلكترونية مع الحرص على عدم العودة لتبني الثقافة الورقية.

فشل جني ثمار الرقمنة 

وفقاً لنتائج الأبحاث التي أجرتها «بوسطن كونسلتينج جروب»، لم تنجح نحو 70% من المؤسسات على مستوى العالم في تحقيق أهدافها المنشودة وجني ثمار التحول الرقمي وتعزيز جاهزيتها لمواجهة التحديات التي يشهدها العالم حالياً.  

وقد أدت الاضطرابات غير المسبوقة التي واجهها العالم، إلى زيادة التحديات التي تواجهها الشركات في مجال التحول الرقمي؛ وذلك بالتزامن مع ارتفاع سقف توقعات العملاء في عالم متصل رقمياً، ونمو أعمال المنافسين الرقميين الأكثر تقدماً عبر كافة الأسواق العالمية بوتيرة متسارعة، وصعوبة العثور على الكفاءات القادرة على تلبية الاحتياجات المتزايدة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"