عادي

«قطار الكونجرس السري».. وسيلة النقل المفضلة للرؤساء والمشاهير

21:59 مساء
قراءة 3 دقائق

واشنطن- أ.ف.ب

تشكل شبكة «الكابيتول» للسكك الحديدية تحت الأرض منذ عقود طويلة، وسيلة التنقل المفضلة لبعض السياسيين الأكثر نفوذاً في العالم، إلا أن أغلب الأمريكيين يجهلون حتى وجودها. ويرتاد هذه الشبكة من القطارات الصغيرة، التي تجوب أنفاق مقر الكونجرس في واشنطن منذ أكثر من قرن، الكثير من الرؤساء والبرلمانيين وقضاة المحكمة العليا وحتى نجوم هوليوود.

كما أن مقصورات «قطار الكونجرس السري» احتلت عناوين الأخبار أحياناً في مناسبات مختلفة، بينها محاولة اغتيال فاشلة وعرض فني ارتجالي، لكنها تستقطب يومياً زائرين مغمورين. وقال دان هولت، وهو أحد مؤرخي مجلس الشيوخ: «يحب الأطفال ذلك؛ لذلك هناك دائماً أعضاء في مجلس الشيوخ على استعداد لإحضار أقارب مع أطفالهم لركوب هذا القطار». وأضاف: «هذا أمر مميز حقاً».

وتمتد سكك الحديد هذه لمسافة كيلومتر تقريباً، وتتيح الثواني ال90 التي يستغرقها الانتقال من محطة إلى أخرى تحت أضواء النيون، وقتاً يكفي بالكاد للتحدث بالمستجدات السياسية أو التداول بآخر الأخبار أو إطلاق العنان للخيال ولو لبرهة قصيرة.

محاولة اغتيال فاشلة

يسود حماس في المحطة الرئيسية المقامة في أقبية مجلس الشيوخ، عند عقد البرلمانيين جلساتهم. وعندما ترن الأجراس إيذاناً بوصول كل قطار، يندفع حشد من الصحفيين إلى أعضاء مجلس الشيوخ لطرح أسئلة عليهم، بشأن الموضوعات الساخنة. لكن الأحاديث ليست دائماً ودية.

ففي عام 1950، كانت السيناتور الجمهورية مارغريت تشيس سميث على وشك إلقاء كلمة حاسمة في «الكابيتول»، توجه فيها انتقادات حادة إلى زميلها جو مكارثي الذي كان يقود حملة ضد الشيوعيين.

وقال لها زميلها خلال التنقل في القطار عينه «مارغريت، وجهك يبدو عابساً للغاية. هل ستلقين خطاباً؟». فأجابت: «نعم. ولن يعجبك كثيراً»، وفق الرواية التي نقلها عنها هولت.

وقبل ثلاث سنوات، أطلق الشرطي السابق في «الكابيتول» وليام كايزر، النار على عضو مجلس الشيوخ جون بريكر. وقد لجأ هذا المرشح الرئاسي الخاسر إلى مقصورة قطار أخرى كانت متوقفة في المكان، وطلب بأعلى صوت من السائق الانطلاق فيما رصاصة ثانية كانت تطير فوق رأسه. وكتبت صحيفة «نيويورك تايمز» حينها «وحدهما الحظ وضعف مهارات المعتدي في إطلاق النار أنقذا السيناتور».

وفي مراحل أخرى أكثر هدوءاً، شكّل هذا القطار للسياسيين واحة سلام بعيداً عن الوتيرة المحمومة للحياة في واشنطن.

وكان وليام هاورد تافت، وهو الرئيس ال 27 للولايات المتحدة، قد تسبب في حالة من الذعر لدى المقربين منه بعد اختفائه خلال يوم سبت من شهر كانون الثاني/ يناير 1911 لمدة ساعة تقريباً، ليتبين أنه ذهب لرؤية قطارات «الكابيتول».

وكتبت صحيفة «واشنطن تايمز» في ذلك الوقت: «اجتاحت موجة خوف شديدة المدينة عندما كان الرد على أسئلة القلقين في البيت الأبيض بأن مكان الرئيس لم يكن معلوماً».

وقد استقل قطار الكونجرس هذا مرشحون للبيت الأبيض مثل رونالد ريجان، وكما استقل القطار باراك أوباما، وجون ماكين، واللذان كانا عضوين في مجلس الشيوخ خلال حملتهما الانتخابية. من ناحية أخرى، رُفض دخول جون كينيدي حين كان عضواً شاباً عادياً في مجلس الشيوخ، وقيل له يومها «دع أعضاء مجلس الشيوخ يمرون يا بني».

عرض مرتجل

وافتُتحت أول شبكة للكونجرس تحت الأرض في 7 آذار/ مارس 1909، وكانت مخصصة لأعضاء مجلس الشيوخ الذين كانوا يأملون تجنب الحر الشديد والرطوبة القوية خلال الصيف في واشنطن عند الانتقال من مكاتبهم إلى مبنى «الكابيتول».

وفي بادئ الأمر، كانت القطارات عبارة عن مركبات «ستادبيكر» الكهربائية التي استعيض عنها بعد ثلاث سنوات بخط حديدي أحادي.

ثم في عام 1960، أُطلقت أربعة قطارات كهربائية صغيرة بكُلفة 75 ألف دولار في ذلك الوقت ضمن هذا الخط لسكك الحديد الذي سُمي «قطار الديمقراطية السريع».

وعلى جانب مجلس النواب، وُضع خط آخر بعد خمس سنوات. وفي عام 1993، افتُتح خط للقطارات الآلية من دون سائق بقيمة 18 مليون دولار وسط ضجة إعلامية كبيرة. لكنّ القطار لا يثير إعجاب الجميع. فقد منع النائب الجمهوري السابق مايك ديواين أعضاء فريقه من استخدام هذا القطار احتجاجاً على ما يعده هدراً للمال العام.

كما استقل هذا القطار مشاهير كثر بينهم ريتشارد غير وتشاك نوريس، ودينزل واشنطن، والموسيقي بونو. حتى إن المؤلف الموسيقي والممثل لين مانويل ميراندا، مؤلف مسرحية «هاميلتون» الغنائية، صوّر نفسه عام 2017 وهو يغني بأعلى صوته على متن ما وصفه ب «قطار الكونجرس السري».

مع ذلك، يحجم عدد متزايد من أعضاء الكونجرس عن استخدام هذا القطار في ظل سعي كثيرين منهم إلى الحفاظ على لياقتهم البدنية واختيارهم تالياً المشي إلى جانب مسارات القطار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"