ميلاد أمّة

00:19 صباحا
قراءة دقيقتين

لم يكن 12 ربيع الأول، يوماً عابراً في الزمان والمكان، لم يكن سحابة صيف في التاريخ والجغرافيا، لم يكن يوماً اعتيادياً في حياة الأمم والشعوب والأفراد؛ منذ ذلك التاريخ الميلادي 20 أغسطس سنة 570، في عام الفيل، الذي شهد قدوم أبرهة الأشرم، إلى مكة المكرمة لهدم بيت الله الحرام، عبر ثلاثة عشر فيلاً، يتقدمها الفيل الأعظم (محمود) الذي كلما وُجِّهَ إلى مكة برك ولم يبرح، وإذا وجّه إلى سائر الجهات، قام يهرول، حتى أرسل الله عليهم طيراً أبابيل من البحر، أمثال الخطاطيف، مع كل طائر ثلاثة أحجار، واحد في منقاره واثنان في رجليه، فقذفتهم بها، وهي مثل الحمص والعدس لا تصيب أحداً منهم إلا هلك. قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴿۱﴾ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ﴿۲﴾ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴿۳﴾ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ﴿٤﴾ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ﴿٥﴾} صدق الله العظيم.
لم يكن 12 ربيع الأول، يوماً عابراً ومضى في حال سبيله الزمني، تاركاً المكان دون حكاية تتذاكرها البشرية وتتناقلها الأجيال وتحفظها الصدور والسطور، بل كان راسخاً في ذاكرة التاريخ والجغرافيا، وفي سجل الزمان والمكان؛ ففي ذلك اليوم أنعم الله تعالى على مكة بنور لم تشهد له مثيلاً من قبل ومن بعد، ولم يحظ به العالم منذ فجر التاريخ وحتى فناء الحياة الدنيا؛ ففي ذلك اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، وُلِد سليل الحسب والنسب البشري المنحدر من شجرة النبوة المنبئة عن كل ما أراده الله لكل المخلوقات، والقادم ليتمم مكارم الأخلاق (محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب ابن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان).
 وهو القائل عن نفسه، صلى الله عليه وسلم: «أنا النبيّ لا كَذبْ.. أنا ابنُ عبد المطلّبْ»؛ نعم، وهو الصادق الأمين الذي كانت تستأمنه قريش على نفسها وأنفاسها قبل الدعوة وبعدها، رغم مكابرتها وعنادها الجاهلي؛ لذلك كان ومازال «الصادق الأمين» الذي صدقت رسالته وعمّ ضياؤها أرجاء الكرة الأرضية منذ فجر الدعوة المحمدية، وحتى يومنا الحاضر الذي تكشفت فيه الحقائق العلمية على خلفية أقواله وأحاديثه ووصاياه، وحتى المستقبل الذي سوف تتّضح فيه المزيد من الاكتشافات الدامغة المرتبطة وثيقاً بما جاء به من كلام أضاء الكون قاطبة، بما يؤكد قوله سبحانه وتعالى: {وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4)} صدق الله العظيم.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"