مبادرات رجل عظيم

00:10 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد خليفة

الرجال العظماء هم الذين يقودون شعوبهم نحو مستقبل مزدهر ومشرق، وهم الذين يعرفون كيف يمسكون خيوط السياسة لحماية شعبهم ودولتهم، وقد أظهر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، كفاءة جعلت سموه قائداً كبيراً ليس على مستوى المنطقة فقط؛ بل على مستوى العالم، إذ رسم برؤيته السياسية الحكيمة الاستشرافية مستقبل دولته في منطقة تموج بالتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا من سمات القادة العظام.

ومن الطبيعي أن تكون رؤيته منبثقة من تفهمه العميق لواقع العالم ومتطلباته، ولروح التحولات التاريخية والسياسية، فسموّه بأسلوبه التنويري يمثل روح وضمير الأمة بكل تطلعاتها.

وتعد معاهدة السلام الإبراهيمي إحدى أهم القرارات التي اتخذها، لما لهذه المعاهدة من آثار كبيرة على المنطقة والعالم. فقد أجمعت المواقف الدولية على أن المعاهدة خطوة تاريخية من شأنها إعادة إحياء مسار عملية السلام الشامل والعادل، كما أنها تنقل التعاطي الرسمي مع القضية الفلسطينية، من مرحلة المزايدات والمتاجرة السياسية، إلى التعاطي المنطقي المتوافق مع القراءة الجيوسياسية للأوضاع في المنطقة والعالم، الأمر الذي يشكل خطوة لتعزيز فرص التوصل إلى حل عادل ودائم لهذه القضية.

وقد منح معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو أهم المراكز البحثية الأمريكية التي تعنى بقضايا المنطقة، سموه جائزة «رجل الدولة – الباحث»، تقديراً لدوره في نشر السلام والتسامح في العالم. وتحتفي هذه الجائزة بالقادة البارزين، الذين يجسدون، من خلال خدماتهم العامة وإنجازاتهم المهنية، فكرة أن الرؤية السليمة، والمعرفة المتميزة بالتاريخ، ضرورية لسياسة حكيمة وفعالة، لتعزيز السلام والأمن في الشرق الأوسط.

وقد أكد الشيخ محمد بن زايد، في حوار مع المدير التنفيذي لمعهد واشنطن، أن هناك أسباباً كثيرة دفعت الإمارات لإقامة سلام كامل مع إسرائيل، أولاً: للفلسطينيين أنفسهم، ثانياً: لإرسال رسالة واضحة للعالم وللمنطقة أننا ساعون لهذا السلام.

لقد قدم في حديثه نمطاً جديداً للزعامة، زعامة تؤكد عظمتها بالارتكاز على رصيد هائل من حب الناس، والتي تستلهم خطاها من إرادة الخير، والتي ترسم طموحاتها من استقراء عيون محبي السلام، فتلبي لهم الحلم وتشاركهم في نسج مداه. ودولة الإمارات العربية المتحدة تتطلع إلى سلام أكبر، سلام يعود بالفائدة على الجميع.

والواقع أن السلام العادل والشامل هو السبيل الوحيد لخلاص المنطقة العربية من أزماتها، وهذا السلام يحتاج إلى قرارات شجاعة ومصيرية، وهذا ما فعلته دولة الإمارات التي اتخذت القرار الصائب من أجل نمو المنطقة وازدهارها. فاستمرار حالة اللا حرب واللا سلم بين العرب وإسرائيل كانت سبباً في الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تعانيها دول عربية عديدة.

وإذا كان طريق تحرير الأرض مسدوداً بسبب طبيعة الواقع الدولي الراهن، فإن الطريق الحقيقي لنيل الحقوق والمطالب يتمثل في تعزيز أسس السلام، والانفتاح على الطرف الآخر، والتعامل معه وفق الأسس والقوانين والمعاهدات المتعارف عليها بين الدول في العالم. وبهذه الطريقة يتحقق السلام والاستقرار الذي تحتاج إليه شعوب المنطقة، من أجل تعزيز سبل النمو والنهوض الاقتصادي، لتحقيق مطالب هذه الشعوب التي يعاني معظمها الفقر والحرمان.

المجتمع الإماراتي اليوم يفخر بأن قيّض الله للسلام خير راع، فقد استطاع سموه أن يحول دولة الإمارات إلى ذلك الرمز الكبير داخل المجتمع الدولي. فالعالم اليوم يعيش سباق التحولات الحضارية ورفع السلام نحو تحقيق تطلعات الشعوب. فليحفظ الله سموّه وليحفظ وطننا بكل خير ونماء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"