عادي

أزمة اللاجئين على حدود بولندا وبيلاروسيا تشعل خلافاً بين وارسو وبروكسل

16:53 مساء
قراءة 4 دقائق
بولندا بيلاروسيا

بروكسل - أ ف ب
اقترح الاتحاد الأوروبي السماح لدول أعضاء محاذية لبيلاروسيا وتواجه تدفّقاً للمهاجرين متَّهمة مينسك بتدبيره، تعليق بعض أحكام طلبات اللجوء وإطالة أمد الإجراءات القانونية للبتّ في الطلبات، في مقترح رفضته وارسو وانتقدته منظمات غير حكومية.
ومن شأن هذه التدابير أن تتيح لبولندا وليتوانيا ولاتفيا تمديد فترة التسجيل لطلبات اللجوء إلى أربعة أسابيع بدلاً من الحد الأقصى الحالي البالغ 10 أيام، وتمديد مهلة مراجعة الطلب إلى 16 أسبوعاً.
وانتقدت منظّمات تعنى بالدفاع عن حقوق المهاجرين التعديلات ووصفتها بأنها ترمي إلى جعل أوروبا "قلعة حصينة" وتقوّض سمعة الاتحاد الأوروبي على صعيد التعامل الإنساني مع طالبي اللجوء.
وقالت مفوّضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية ييلفا يوهانسون في مؤتمر صحفي إن الأوضاع عند حدود دول الاتحاد الأوروبي هذه وبيلاروسيا "غير مسبوقة، لهذا السبب نتّخذ كل هذه التدابير".
وأشارت يوهانسون إلى أن الأوضاع في طور "احتواء التصعيد" في حين يمارس الاتحاد الأوروبي ضغوطاً تدفع الدول التي تشكل نقطة انطلاق للمهاجرين على غرار العراق إلى وقف الرحلات الجوية المتّجهة إلى بيلاروسيا وإلى استعادة قسم من المهاجرين المتواجدين في بيلاروسيا والذين يقدّر عددهم بالآلاف. لكنّها شددت على ضرورة المرونة للتصدي لخطر" واصفة الأوضاع بأنها "صعبة ومرهقة".
من جهته، قال نائب رئيسة المفوضية الأوروبية مارغاريتيس سخيناس خلال مؤتمر صحفي إن التكتل هو في وضعية "مكافحة الحرائق" على صعيد التصدي لـ"تهديد هجين" تدفع فيه بيلاروسيا المهاجرين إلى حدود الاتحاد الأوروبي.
وتابع: "نحن نقدّم حلاً لمعالجة حقوق الأشخاص الراغبين بطلب اللجوء في ظروف استثنائية".
واعتبرت منظّمة العفو الدولية أنه كان من الممكن السيطرة على الأوضاع تماماً بالقواعد التي كانت قائمة.
وقالت مديرة المنظمة لشؤون أوروبا إيف غيدي: "المقترحات المقدّمة اليوم ستعاقب الأشخاص في مقابل مكاسب سياسية، وستضعف وسائل حماية اللجوء، وستقوّض موقف الاتحاد الأوروبي داخلياً وخارجياً".
وقالت مديرة حملة الهجرة في منظمة أوكسفام غير الحكومية إيرين ماكاي إن "هذا الاقتراح يضعف الحقوق الأساسية لطالبي اللجوء ويعزز تحصين أوروبا، ويناقض كل مبادئ الاتحاد الأوروبي".
ويحتاج الاقتراح إلى موافقة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لكي يصبح نافذاً.
من جهتها أعربت كاثرين وولارد مديرة المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين عن أسفها إزاء "سابقة خطيرة"، مشيرة إلى أنّه "سُمح للدول الأعضاء أن ترتكب انتهاكات عند الحدود والإفلات تماماً من العقاب"، وندّدت بإدخال "تشريعات تناقض صراحة القانون الأوروبي".
كذلك انتقد النواب البيئيون والاشتراكيون الديمقراطيون في البرلمان الأوروبي الاقتراح، وقال النائب الفرنسي عن حزب الخضر إنّ "المفوضية رضخت لضغوط الحكومة البولندية اليمينية المتطرفة ولابتزاز الدكتاتور البيلاروسي، وداست على القيم الأوروبية".
اقتراح "سيأتي بنتائج عكسية"
لكنّ بولندا اعتبرت أن الاقتراح "سيأتي بنتائج عكسية" وأبدت نيّتها إعادة التفاوض بشأنه، وقال السفير البولندي لدى الاتحاد الأوروبي أندري سادوس إن "المفوضية تبنّت الحلّ المناقض تماماً لما اقترحناه. لقد اقترحنا أن يكون الردّ على هجوم هجين بإمكان تعليق إجراءات اللجوء وليس إطالة أمدها".
وأعلن مسؤول أمريكي على هامش زيارة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى السويد أنّ الولايات المتحدة ستعلن "قريباً جداً" عن عقوبات جديدة ضدّ بيلاروسيا على خلفية أزمة الهجرة.
وقال المسؤول طالباً عدم كشف هويته: "أعتقد أنكم ستشهدون قريباً جداً سلسلة من العقوبات المنسّقة" مع الاتحاد الأوروبي.
وبحسب أرقام المفوضية الأوروبية، وصل نحو ثمانية آلاف مهاجر إلى الاتحاد الأوروبي عبر بيلاروسيا هذا العام هم 4285 شخصاً من ليتوانيا و3255 من بولندا و426 من لاتفيا.
والوافدون غير النظاميين يأتون بغالبيتهم من العراق وسوريا واليمن، وصرّح كثر من بينهم للصحفيين أنهم يعتزمون التوجّه غرباً إلى داخل الاتحاد الأوروبي لاسيما ألمانيا وفنلندا وغيرها من الدول لطلب اللجوء.
لكن بولندا وليتوانيا ولاتفيا شددت المراقبة عند حدودها ونشرت قوات ووضعت أسلاكاً شائكة لمنع المهاجرين من العبور إلى أراضيها من بيلاروسيا.
والموقف الأكثر تشدداً جاء من بولندا التي باتت تجرّم عبور الحدود بصورة غير شرعية وفرضت حال طوارئ مثيرة للجدل تتيح التعتيم الإعلامي على طول الحدود مما يحول دون تمكّن الصحفيين ونشطاء المنظمات الحقوقية من الاطّلاع على ما يجري.
ويوم الأربعاء، تم تمديد حال الطوارئ لثلاثة أشهر حتى نهاية شباط/فبراير.
وبولندا متّهمة بصد طالبي اللجوء الذين دخلوا أراضيها بشكل غير قانوني، بالقوة وبإعادتهم إلى بيلاروسيا في سلوك يصنّف "إعادة قسرية" وهو محظور في الاتحاد الأوروبي وبموجب القانون الدولي.
ورفضت بولندا مناشدات الاتحاد الأوروبي لها للسماح لعناصر من قوة "فرونتكس" لحماية الحدود الأوروبية بالمشاركة في الدوريات الحدودية.
وبحسب وسائل إعلام بولندية، قضى 12 شخصاً على الأقل عند جانبي الحدود، وهذا الأسبوع اتّهمت منظمات حقوقية وارسو ومينسك بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
وقالت المفوضية إن التدابير المقترحة ستكون "محددة زمنياً وهادفة" و"متوافقة تماماً مع الحقوق الأساسية والواجبات الدولية بما في ذلك مبدأ رفض الإعادة القسرية".

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"