تعليم ثقافي مستمر

22:09 مساء
قراءة دقيقتين

د.باسمة يونس

تشكل المواقع والمتاحف والمعارض الثقافية عاملاً رئيسياً في تنمية وبناء تجارب الناس منذ طفولتهم، وفي كل مرحلة من مراحل حياتهم. وتعتمد النتائج الاقتصادية والاجتماعية للأطفال، سواء خلال طفولتهم أو في سنوات البلوغ، إلى حد كبير، على الظروف الثقافية المحيطة بنشأتهم والتي تكون نتاج ثقافة الأسر والمدارس والمجتمع. كما يصنع الإعلام أيضاً تصوراتهم عن أنفسهم ومكانهم في العالم، وعوامل أخرى مختلفة في الداخل والخارج، على حد سواء.

ويسهم توافر الأنشطة الثقافية على مدار العام، في توفير التجارب التي يستفيد منها الآباء والأبناء، ويجدون من خلالها فرصاً للقيام بالعديد من الأشياء والأنشطة سوياً، مثل القراءة، والتجارب التعليمية كالرحلات إلى المتنزهات والمتاحف، والتفاعل بطرق التحفيز الفكري لدعم نموهم الثقافي، وستؤدي جميعها، وبشكل أكثر فعالية، إلى تضييق الفجوات بين الأجيال، وتلمّس احتياجات الصغار المستقبلية بعد التعرف إلى رغباتهم ومواهبهم الكامنة.

ونجحت الإمارات، عبر زخم النشاط والتنوع الثقافي الهائل، في توفير أكثر من فرصة للتعليم والاستثمار الثقافي، بداية من إنشاء وتحديث المواقع والأماكن الثقافية المنتشرة عبر خريطتها، وانتهاء بمحتواها المعرفي الهائل والمتطور باستخدام التقنيات الحديثة التي تسهل المعرفة للجميع.

وأتاحت بذلك إمكانات التقريب بين المتاحف والفعاليات الثقافية والمدارس لتؤثر في توفير التعليم الثقافي لكل أفراد المجتمع، خصوصاً للأطفال والشباب، وتقديم برامج متنوعة تمنح المزيد منهم فرص الاستمتاع برحلات مبهجة إلى المتاحف ومواقع الأنشطة المتنوعة، والتعلم منها.

وتفتح الأنشطة الثقافية أكثر من باب لدمج الأطفال والشباب في تجارب ثقافية متنوعة، والتعلم في بيئة ممتعة، والأهم من ذلك أن هذه المساحات الثقافية تتوفر في جميع الإمارات، وبأكثر من موقع وشكل، وجميعها تقدم الفرص لتحسين معارف المتعلمين ودعم ممارسات التعليم خارج نطاق الصف الدراسي والقيام بأنشطة خارجية ممتعة وملهمة. ومع سعي المتاحف، وغيرها من المؤسسات الثقافية، لتطوير مهارات موظفيها فهم يتحولون إلى مرشدين ومعلمين قادرين على استغلال المتاحف والمواقع الثقافية، أو حتى وسائل النقل المتاحة للجمهور كمحطات تعلم يتشاركها الجميع، ويتناقلون منها، وفيها، المعارف في ظل ثقافة إماراتية تؤمن بالتعليم المستمر كجزء لا يتجزأ من حياة ويوميات الناس فيها.

وتتيح برامج الفنون فرصاً للعمل والتواصل مع الفنانين بشكل خلاق يسمح بتصميم مناهج مبتكرة ومتطورة، واستكشاف مواطن استخدام الفن لتعليم جميع المواد، جنباً إلى جنب مع تعريض المتعلمين من الأطفال والشباب للفنون الوطنية بشكل مستمر.

ولا شك في أن مفهوم إتاحة التعليم الثقافي للجميع، وجعله جزءاً لا يتجزأ من أسلوب الحياة في الإمارات، يلعب دوراً كبيراً في رفاهية وازدهار المجتمع واستثمار عظيم لمستقبل أكثر تقدماً، فالقصص التي تسردها المتاحف، والحكايات التي تعاد روايتها هي مفاتيح فهم المعنى الحقيقي للهوية الوطنية، ومختبرات التفكير، وصناعة الفنون الإبداعية التي يحتاج إليها أطفالنا وشبابنا للمحافظة على مستقبل ثقافي مزدهر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"