عادي
العلماء: نهاية الوباء خلال شهور.. والمتحورات الطارئة نتيجة طبيعية لفعالية اللقاحات

2021 يرسم استراتيجيات التحرر من «كورونا» بسلاح التطعيم

01:58 صباحا
قراءة 7 دقائق
تلقيح الطلاب في مركز تطعيم شامل في جامعة بكين
امرأة تتلقى تطعيماً ضد مرض كوفيد-19 في مركز صحي في النيبال

منذ ظهور فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) في الصين أواخر العام 2019، فاق إجمالي إصاباته حول العالم حتى الآن 267 مليون حالة، وتجاوزت وفياته خمسة ملايين ضحية. وبعد عامين من الذعر وسياسات الإغلاق والحجر التي استمرت معظم العام الأول، سجلت الحياة عودة تدريجية حذرة في العام 2021 متسلحة بمليارات الجرعات من اللقاحات التي أنقذت مئات الملايين من الهلاك، كما منحت بلسماً للقطاعات المختلفة، وسط توقعات متفائلة بأن هذه الاستراتيجية ستحقق نتائج أكبر العام المقبل.

حسب ما تؤكده الأبحاث الاستشرافية، فإن مسار التعافي من الجائحة سيتعزز في العام 2022، وستنفتح الآفاق مع توخي الحكومات والمنظمات الدولية سياسات لتعزيز نشر اللقاح ومعالجة مواطن الهشاشة الأساسية في المجتمعات. وما يعزز التفاؤل أن هناك وعياً لدى صناع السياسات في العالم بضرورة الانتباه للتحديات المشتركة والعمل على بناء مستقبل أفضل والتعجيل في إقامة اقتصادات أكثر احتوائية وصلابة واستدامة وخضرة. وانطلاقاً من قناعة بأن فيروس كورونا وجد ليبقى يعمل علماء الأوبئة على بناء السيناريوهات وتخيل ما يُمكن أن يحدث في الفترة المقبلة، ضمن توقعات طويلة وقصيرة الأمد. فمعظم العلماء يتفقون، على الرغم من اختلاف توقعاتهم وجداولهم الزمنية، على أن «كورونا» سيكون قرينًا للبشر في المستقبل، ولذلك يسعون إلى ضبط مناعة دائمة ضد الجوائح الفيروسية، في ظل التحذيرات المستمرة من جوائج مقبلة ومناشدات للعمل على حسن الاستعداد لما قد يأتي. ويفترض جانب من الخبراء أنه لا يمكن القضاء على فيروس «كورونا» في المدى المنظور، مثلما ورد ذلك في مقال نشر مؤخراً في دورية «نيتشر»، إذ بدا فريق من العلماء على قدر كبير من التفاؤل من خلال تأكيدهم أن أي تصور واقعي للوضع في المستقبل يتمثل في أنه سوف تتم السيطرة على الوباء بفضل الجهود العالمية في ما يتعلق بالتطعيمات، لكن ستظل هناك تطورات وشكوك لا يمكن التنبؤ بها في الوقت الحالي.

تكيّف نسبي للتعافي

خلال عامين كاملين، كابد العالم الجائحة الخبيثة واستطاع التكيف معها نسبياً. كما قطع شوطاً فى إنتاج لقاحات متعددة، وبدأ مؤخراً في تجريب الأدوية. ومع ذلك ظل الفيروس يثير الرعب من خلال سلالاته المتوالية، وآخرها متحور «أوميكرون» الذي ظهر في جنوب إفريقيا في نوفمبر الماضي، لتسارع بعد ذلك دول عدة إلى تعليق السفر مع دول جنوب القارة الإفريقية، في وقت يؤكد فيه علماء الصحة أن هذا المتحور لا يشكل خطراً كبيراً، إلا أن كوابيس الإغلاق والإجراءات الاحترازية مازالت حاضرة بفجائعها ومشاهدها المؤلمة.

طيلة فترة الجائحة دفع العالم أجمع ثمناً باهظاً لدرء مخاطر الفيروس ومتحوراته، وأنفقت الحكومات مئات المليارات من الدولارات على إنتاج اللقاحات وبروتوكولات العلاج وأجهزة تنفس، وغرف الرعاية المركزة، والمساعدات اللوجستية للشعوب النامية. ومع ذلك، ما زالت العديد من الدول الفقيرة عاجزة عن تحصيل لقاحات تكفي مواطنيها، بينما الدول المتقدمة التي أعلنت عن تطعيم أكثر من نصف مواطنيها تواجه الموجة الرابعة من الوباء، بل وأعلنت بعض الدول عن دخول الموجة الخامسة.

ووسط حالة عدم اليقين بشأن مسار الوباء، يؤكد خبراء الصحة أن موعد إعلان انتهاء فيروس «كورونا» مازال غير واضح، خاصة بعدما أعلن بعض خبراء الفيروسات عن توقعات بظهور سلالات أخرى أو فيروسات جديدة، قد تكون مقاومة للقاحات أو العلاج.

ومع دخول الجائحة عامها الثالث، ليس هناك أفق واضح يتيح صراحة العودة إلى الحياة الطبيعية وإنهاء الإجراءات الاحترازية، بل إن دولاً لقحت أكثر من نصف مواطنيها تعلن عن إغلاقات أو إجراءات جديدة. وبموازاة ذلك،ولكن في نفس الوقت تتواصل التأكيدات بأن اللقاحات لها دور في الحماية، في حالة العدوى، وتقول منظمة الصحة العالمية «إن الأشخاص الذين تم تطعيمهم بشكل كامل أقل عرضة للإصابة بفيروس كوفيد-19 بمقدار 5 مرات، وأقل عرضة للمعاناة من الأعراض الشديدة للعدوى بأكثر من 10 مرات، لكن هذا لم يمنع من استمرار الإصابات والوفيات، بشكل ما زال يمثل معضلة تنتظر الحسم».

اللقاحات للجميع ضرورة

وفي خطوة تعزز الرهان الكبير على التطعيم، كشفت منظمة الصحة العالمية، الشهر الماضي، عن خطة بقيمة 8 مليارات دولارات، هدفها القضاء على الجائحة، من خلال جعل اللقاحات في متناول الجميع، في كل مكان من العالم. وتهدف استراتيجية التطعيم العالمية إلى تطعيم 70 في المائة من سكان كل بلد في العالم ضد «كوفيد-19»، بحلول منتصف العام الجديد 2022.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد حددت هدفاً تمثل في تطعيم 10 في المائة من سكان كل بلد في العالم، بحلول نهاية أيلول/سبتمبر الماضي، لكن 56 دولة، غالبيتها في إفريقيا، لم تتمكن من إنجاز هذا الهدف، بحلول الموعد المحدد.

وتعزز استراتيجيات التطعيم من التفاؤل بقرب النصر الحاسم على جائحة. وفي هذا المضمار توالت في الأشهر الماضية التوقعات المفعمة بالأمل، وقال عضو مجلس إدارة شركة فايزر، سكوت غوتليب، الخريف الماضي، إن الولايات المتحدة ستعرف نهاية الوباء في 4 يناير 2022، لكن هذا الموعد، في وقته، كان مجرد أمنية يبدو أنها لن تتحقق في هذا التاريخ، وقد تتأجل لبضعة أشهر. وفي ذات السياق، لم يستبعد عالم الفيروسات الروسي وكبير الباحثين في مركز «غاماليا» للبيولوجيا المجهرية والأوبئة، أناتولي ألتشتاين، أن ينتهي وباء «كوفيد – 19» العام المقبل. وأكد ألتشتاين، «أتوقع انتهاء الجائحة عام 2022، وسيتحقق هذا السيناريو المتفائل لانتصارنا على الوباء، مع شرط ارتدائنا الأقنعة الواقية بشكل طبيعي والتزامنا بالتباعد الاجتماعي وتلقي اللقاحات ضد فيروس كورونا. وإذا استطعنا اتخاذ كل تلك الخطوات، يمكننا تطويق الوباء عام 2022. وفي حال تلقينا اللقاحات فإن أوميكرون لن يذهب بعيداً».

مسار نهاية الوباء

وكان كبير اختصاصيي الأمراض المعدية في الوكالة الفيدرالية الروسية للبيولوجيا والطب، فلاديمير نيكيفوروف قد أعلن في وقت سابق أن ظهور متحور «أوميكرون» هو بداية لنهاية الوباء، مشيراً إلى أن الطفرة الجديدة أسرع انتشاراً، لكنها تسبب مسارات أقل حدة للمرض ولا تسبب إصابات رئوية خطيرة.

ومن الولايات المتحدة، أكد كبير مستشاري الصحة في البيت الأبيض، أنتوني فاوتشي أن «كوفيد- 19» قد يدخل مرحلة ما يعرف ب«المرض المتوطن»، بحلول العام المقبل، أي أنه سيصبح اضطراباً صحياً موجوداً في المجتمع على الدوام، لكن بخطورة أقل. وأوضح، بحسب «واشنطن بوست»، أن مرحلة «المرض المتوطن» لا تعني أنه تم القضاء على الفيروس، بل إن العدوى لن تظل هاجساً يسيطر على الحياة، «فالناس سيستمرون في التقاط العدوى، كما سيمرضون وسيواصلون الدخول إلى المستشفى أيضاً، لكن هذا الأمر سيكون في مستوى منخفض لا يشغلنا طيلة الوقت ولا يؤثر على الأمور التي نقوم بها».

«انعدام المساواة».. يعرّض الملايين للموت

يتفق القادة في المجال الصحي، أن تحقيق عالم خال من فيروس كورونا لن يكون ممكناً إلا بإعطاء الجميع فرصاً متساوية في الحصول على اللقاحات. فقد أسفر الفيروس منذ اجتياحه العالم، في بداية 2020، عن وفاة نحو 6 ملايين شخص، ولكن من المتوقع أن ينخفض معدل الوفيات إذا تم تطعيم المزيد من الأشخاص.

وببساطة، تعني المساواة في إعطاء اللقاحات ضرورة أن يتمتع جميع الناس، أينما كانوا في العالم، بفرص متساوية في الحصول على اللقاح الذي يوفر الحماية ضد عدوى كوفيد-19، بحسب موقع «أخبار الأمم المتحدة».

وبصرف النظر عن الجدل الأخلاقي القائل إنه ما من بلد أو مواطن يستحق أكثر من آخر، بغض النظر عن مدى ثرائه أو فقره، فإن مرضاً معدياً مثل «كوفيد-19» سيظل يشكل تهديداً عالمياً، طالما أنه موجود في أي مكان في العالم.

وبالتالي، فإن التوزيع غير المنصف للقاحات لا يجعل الملايين أو المليارات من الناس عرضة للفيروس القاتل فحسب، بل إنه يسمح أيضاً بظهور المزيد من المتغيرات الفتاكة، وانتشارها في جميع أنحاء العالم. وعلاوة على ذلك، فإن التوزيع غير المتكافئ للقاحات سيعمق مسألة عدم المساواة، ويزيد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وسيعكس عقوداً من التقدم الذي تم تحقيقه بشق الأنفس في مجال التنمية البشرية.

ووفقاً للأمم المتحدة، سيكون لعدم المساواة في توزيع اللقاحات تأثير دائم على الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وسيؤدي إلى حدوث انتكاسة في التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بحلول 2030.

تطعيم الأطفال.. وقاية للمجتمع وحصانة للأسرة

مع اتساع نطاق حملات التطعيم ضد فيروس «كورونا» في أنحاء العالم وشموله أغلب الشرائح، بدأت دول عدة في تلقيح الأطفال بلقاحات معدلة تتماشى وطبيعة أجسادهم الغضة، بهدف توفير الحصانة الكاملة للمجتمعات من هذا الوباء ومتحوراته.

وعلى الرغم من أن تأثيرات «كوفيد- 19» بشكل عام أقل حدة بالنسبة للأطفال مقارنة بالبالغين، فإنه يمكن أيضاً أن يتسبب بدخول بعضهم إلى المستشفى، وقد يصل مستوى الحالات إلى درجات حرجة. وفي بعض الحالات، يمكن أن تؤدي مضاعفات العدوى إلى الوفاة.

ويؤكد الأطباء أن الأطفال الذين يعانون الأمراض هم أكثر عرضة للإصابة بالمضاعفات الخطِرة مقارنة بالأطفال الأصحاء. كما يمكن للأطفال الذين يصابون بالفيروس المسبب أيضاً أن يصابوا بمضاعفات خطِرة مثل متلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة (MIS-C)، وهي حالة تلتهب فيها أجزاء مختلفة من الجسم، بما في ذلك القلب والرئتان والكلى والدماغ والجلد والعينان، أو أعضاء الجهاز الهضمي.

ويؤكد العلماء في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي)، أن حصول الأطفال في سن الخامسة وما فوق على لقاح «كوفيد- 19» يقيهم من المرض، كما يساعد على حماية أفراد الأسرة، بما في ذلك الأشقاء الذين لا يمكنهم الحصول على التلقيح لأسباب مرضية وكذا أفراد الأسرة الذين قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمرض شديد إذا أصيبوا بالعدوى. ويمكن أن يساعد التطعيم أيضاً على منع الأطفال من الإصابة بمرض خطِر حتى لو أصيبوا ب«كوفيد- 19».

وبحسب «سي دي سي»، يمكن أن يساعد تطعيم الأطفال، على إبقائهم في المدرسة ومساعدتهم على المشاركة بأمان في الأنشطة المختلفة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"