ليس بالإمكان أفضل مما كان

00:32 صباحا
قراءة 3 دقائق

حافظ البرغوثي

هذا هو ملخص اجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني الأخيرة في رام الله. فقد قرر المجلس المركزي لمنظمة التحرير تعليق الاعتراف بإسرائيل، وإنهاء التزامات السلطة الفلسطينية بكافة الاتفاقيات معها إلى حين اعترافها بدولة فلسطينية على حدود 4 حزيران/ يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وقرر المجلس أيضاً «وقف التنسيق الأمني بأشكاله المختلفة». وكلف المجلس المركزي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ب«العمل على وضع الآليات المناسبة لتنفيذ قراراته، وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني». 

والعبارة الأخيرة تشير ضمناً إلى أن التنسيق سيستمر حتى لا يتضرر الشعب الفلسطيني من وقفه، نظراً لتوقف الحياة اليومية الفلسطينية على التنسيق في كل الميادين الاقتصادية والتجارية والتنقل والاستيراد، وكذلك العمل، حيث يعمل قرابة 200 ألف فلسطيني في المرافق والمصانع الإسرائيلية. 

وكانت السلطة الفلسطينية أوقفت التنسيق الأمني مع الاحتلال في منتصف 2020 رداً على نية الاحتلال إعلان ضم الضفة الغربية إلى الكيان الإسرائيلي، وقاطعت السلطة الفلسطينية إسرائيل عملياً، ورفضت التنسيق المالي مع الاحتلال بشأن المستحقات الضريبية، ما أدى إلى شح الموارد وتوقف دفع الرواتب. والغريب في تلك الفترة التي استمرت شهوراً أن حركة حماس التي تضررت من توقف دفع الرواتب لموظفي السلطة في غزة، وتوقفها عن جني الضرائب من الموظفين بسبب ومن دون سبب، وسّطت قطر لإقناع الرئيس الفلسطيني بتسلم الرواتب، وهي التي كانت تهتف يومياً بإسقاط التنسيق، وحالياً ترفع الشعار ذاته مع أنها تنسق أمنياً على حدود غزة.

السلطة لا تستطيع حالياً تكرار ذلك؛ لأن الوضع الفلسطيني في أسوأ حالاته اقتصادياً وسياسياً، فحماس والجهاد ليستا مشاركتين في المنظمة من قبل، وتطالبان طبقاً لوجهتي نظرهما «في الورقتين اللتين سلمتاهما للمسؤولين في الجزائر التي تستمع للفصائل الفلسطينية تمهيداً للحوار» تريدان إعادة تشكيل قيادة المنظمة، ثم المجلس الوطني أولاً، ولم تتحدثا عن المصالحة.

في وضع مأساوي كهذا لا يمكن للمجلس المركزي أن يقرر الكثير، ولا تستطيع اللجنة التنفيذية أن تنفذ قراراته. فواقع الحال أن الجانب الإسرائيلي يرفض التفاوض بالمطلق بلسان رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت الذي يكرر أنه لن يجتمع مع أي مسؤول فلسطيني، بينما يقوم وزير الحرب جانتس، بتسيير الأمور اليومية في العلاقات مع الفلسطينيين لمنع الانفجار في الضفة دون التطرق إلى الملف السياسي. 

فاليمين الإسرائيلي يريد تقزيم القضية الفلسطينية وتصويرها على أنها قضية داخلية لا حاجة للتدخل فيها من أي طرف خارجي، بمن فيهم الأمريكيون، حيث نجح الإسرائيليون في وقف تنفيذ تعهدات الرئيس الأمريكي جو بايدن بفتح مكتب المنظمة في واشنطن وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، والعمل على وقف الاستيطان للحفاظ على حل الدولتين. فالقضية حالياً باتت تدور في إطار الحكم الذاتي فقط. 

ففي اليوم الذي انعقد فيه المجلس المركزي الفلسطيني قامت وحدات خاصة باغتيال ثلاثة من نشطاء فتح في نابلس، وأعلنت السلطات الإسرائيلية عن مشروع لهدم عشرات المتاجر والبيوت في القدس من دون أي تنديد أمريكي أو دولي، وشن المستوطنون حملة على مفارق الطرق في الضفة تحت شعار «أرض إسرائيل في خطر»، مطالبين بترحيل الفلسطينيين إلى الخارج. وفوق هذا وذاك، تتنامى الأزمة الاقتصادية الداخلية الفلسطينية لندرة المساعدات الخارجية وفقدان المقاصة الضريبية لغزة. 

 وشرعت السلطة التي باتت تعتمد على إيراداتها من الضفة فقط، في صرف نسبة ثلثي الراتب منذ شهور. وضع كهذا لا ينذر بغد مستقر، وهناك أصابع عديدة تلعب في الحقل الفلسطيني أهمها تهريب السلاح، إما لغايات إجرامية أو تعظيم العشائرية ومشتقاتها من الفتن والتخلف الوطني، أو سياسة شخصية لخلق بؤر عدم استقرار يستطيب الاحتلال ظهورها. فالمجلس المركزي كان كمن يرقص في العتمة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"