مستثمرو الأسهم أمــام عمليــة موازنــة

21:11 مساء
قراءة 4 دقائق

شادي كرباج *

على الرغم من استمرار الوباء العالمي، كان عام 2021 عاماً جيّداً بالنسبة لمؤشّرات الأسهم العالمية في الاقتصادات المتقدّمة حيث تجاوزت أرباح ناسداك 20%، وحقق مؤشّر ستاندرد أند بوز أرباحاً بنسبة 22%، و15% لمؤشر داكس الألماني. ولسوء الحظ، من غير المرجح أن نشهد الأداء نفسه خلال عام 2022 بسبب العديد من العوامل الحاسمة، بما في ذلك، ارتفاع التضخّم والتضييق من البنوك المركزية.

وبعبارات أخرى، إنّ السيولة التي تمتّعت بها الأسواق خلال السنوات القليلة الماضية قد بدأت تنضب.

من المحتمل أن يستمرّ التناقض بين النمو الاقتصادي الحقيقي ونمو وول ستريت بالتوسّع، ما يؤثّر سلباً في توقّعات النمو على المدى البعيد. توقّع صندوق النقد الدولي أن يصل النمو العالمي إلى 6% عام 2021، قبل أن يعود وينخفض إلى 4.4 عام 2022. أمّا بالنسبة لأمريكا، فيُتوقّع أن يبلغ النمو 5.2% عام 2022 أي إنّه سينخفض من نسبة النمو التي سجّلها عام 2021 حيث بلغت 6%. وبالنسبة للصين، فقد سجّلت 5.6% عام 2022 انخفاضاً من 8% عام 2021. ومن ناحية أخرى، يُتوقع أن يحقق الشرق الأوسط نمواً بنسبة 4.1% عام 2022، أي بدون أيّ تغيير مقارنة بالسنة الماضية. ومع ذلك، من المرجّح أن تشهد المملكة العربية السعودية نمواً أقوى عام 2022 ليرتفع من 2.8% عام 2021 إلى 4.8% عام 2022.

في حين أنّ الاهتمام بالأصول عالية المخاطر لم يتلاشَ بعد، سيكون اختيار الأصول الصحيحة عام 2022 أمراً حاسماً، ومن المرجّح أن تنخفض عائدات مؤشر الأسهم مقارنة بعام 2021. وستكون الأنظار موجّهة نحو بورصة تداول السعودية ومؤشرات الأسهم الإماراتية عام 2022 لأن الدولتين كلتيهما قررتا زيادة عمليات الطرح الأولية والتنويع أكثر في الاستثمارات. وقد كسبت بورصة أبوظبي أكثر من 60% في سنة واحدة، يليها سوق دبي المالي مع 18% والسوق المالية السعودية مع 36%. ونظراً إلى الشعور السائد في السوق وإلى تفاني الحكومة والتوقعات لعمليات الطرح الأولية، سيكون سوق دبي المالي المؤشر الذي يجب الانتباه إليه عام 2022.

وسيكون من الحكمة البقاء على حذر حيال عملية رفع معدلات الفوائد التي ينتهجها البنك المركزي الأمريكي، إذ لا نتوقع اعتماد سياسة نقدية تحبّذ ارتفاع أسعار الفوائد، ونعتقد أن الأسواق تأثرت إلى حد بعيد بالواقع مقابل التوقعات. وسيعطي سيناريو كهذا دفعة إضافية للأسواق الناشئة ولاسيما في النصف الثاني من عام 2022. بيد أن عملات الأسواق الناشئة ستبقى غير مؤاتية على المدى القصير. أما فيما يخص التضخم فيبقى العامل الكلي الأصعب عام 2022. فمع أننا نتوقع أن ينخفض التضخم في أمريكا عام 2022 (7% الآن، الأعلى منذ 40 سنة)، من المرجح أن يبقى أعلى من الهدف الذي يعتزم البنك المركزي الأمريكي بلوغه (2%)، وتعتبر مخاوف الكساد التضخمي تهديداً حقيقياً للغاية للاقتصادات وصانعي السياسات على حد سواء، لأن المستثمرين سيبدأون بتحويل محافظهم المالية بشكل مكثف في حال باتت المخاوف حقيقية.

وسوف تكون أسهم الشركات المالية والطاقة الخضراء وأسهم شركات الطيران واتجاهات التكنولوجيا التغييرية العناصر المفضلة عام 2022. ونظراً إلى أنّه من المرجّح أن يشهد عام 2022 ارتفاعاً في المعدلات العالمية، سيكون القطاع المالي خياراً جيداً، ولاسيما بالنسبة للبنوك التي تحقق ميزانيات قوية وعائدات أسهم أعلى واعتمادات منخفضة. من هذا المنطلق، نفضل أسهم الشركات المالية في سويسرا ومنطقة اليورو.

تعتمد الصين أكثر على التحول الرقمي والمركبات الكهربائية، مّا يولد إمكانات هائلة في هذه القطاعات. ونتوقع أن تؤمن الصين نمواً جيداً وعائدات أسهم جيدة بحلول نهاية عام 2022. أما بالنسبة لأمريكا، فنتوقع ارتفاعاً تدريجياً في المعدلات (التي تبلغ في الوقت الراهن 0.25%)، ما يعني أن الفترة التي سيحظى فيها الدولار بالقوة ستكون قصيرة. وتبلغ العائدات الأمريكية على سندات الخزينة بأجل 10 سنوات حالياً 1.71%، والهدف لعام 2022 هو زيادة إضافية في المعدلات لتبلغ 1.92% و2% على المدى القصير.

وكلما ارتفع التضخم ارتفع معه الطلب على الذهب. ومع أن الذهب خسر نحو 5% عام 2021 بسبب قوة الدولار والزيادة في العائدات الأمريكية، يبقى الذهب من الاستثمارات الملموسة الأكثر شعبية لعام 2022 حيث لا نتوقع أن يبقى الدولار بهذه القوة.

لكن ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني أن النصف الثاني من عام 2022 سيكون النصف الأكثر لفتاً للانتباه في السنة، لأن البنك المركزي الأمريكي سيرفع الفائدة على الأرجح في مارس 2022، ثم ينتظر ليرى ماذا سيحدث في النصف الثاني من عام 2022. وستكون السبائك وصناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب وأسهم التنقيب عن الذهب التي تدرّ حصص أرباح هي المفضلة في المنظور المتوسط إلى طويل الأمد.

ونعتقد أن اتجاهات الاستثمار في العملات الرقمية والأصول الرقمية ستستمر بالازدهار لأنه من غير المرجح أن يتباطأ الزخم عام 2022. وستستمر الحوارات المحتدمة بين الجهات التنظيمية وعمليات صرف العملات الرقمية، ولا مفرّ من تطبيق بعض التنظيمات. وسينضم المزيد من الصناديق وصناديق المؤشرات المتداولة إلى هذا الاتجاه، وستبقي العملات الرقمية المستوحاة من الميم (meme currency) الحماس مستمراً عام 2022. وستبقى بيتكوين وإيثيريوم العملتين الرقميتين الأبرز لناحية وجهة استثمارات لصناديق التحوّط وصناديق المؤشرات المتداولة الكبيرة.

أما في ما يخص المنطقة، ستبقى البحرين ودولة الإمارات أفضل مكانين للتنظيمات الأذكى في مجال العملات الرقمية. بيد أنه مع وصول منصة «بينانس» إلى دبي وتوسع منصة «كراكن» في سوق أبوظبي العالمي، من المرجح أن تكون الإمارات مركز التطوير والإبداع في مجال الأصول الرقمية في الشرق الأوسط.

في الوقت عينه، نعتقد بأنه على المستثمرين أن يكونوا أكثر انفتاحاً للتحلي بطابع عملي في خضم استمرارهم في البحث عن عائدات أعلى عام 2022. 

* نائب مدير المكتب التمثيلي لبنك سويسكوت المحدود في دبي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

نائب المدير التنفيذي ل«سويسكوت بنك – دبي»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"