عادي
مطالبات بتبنّي الجهات المسؤولة معايير محددة

تضارب التقارير العقارية.. ضبابية تهز ثقة المستثمر

22:42 مساء
قراءة 5 دقائق
دبي: ملحم الزبيدي

صدرت منذ بداية العام تقارير عدة، حول أداء السوق العقاري في دبي لعام 2021، وفي الوقت الذي أجمعت فيه على تفوق البيئة الاستثمارية على نفسها في هذا القطاع، إلا أنها اختلفت كثيراً فيما بينها حول المعروض من عدد الوحدات السكنية التي دخلت السوق خلال العام الماضي، إلى جانب تضارب توقعات أداء منحنى الأسعار من حيث النمو، فضلاً عن التفاوت في حركة منحنى الأسعار.

يعتبر العاملون في السوق العقاري أن هذا التضارب واختلاف بيانات التقارير الصادرة عن شركات الاستشارات والوساطة حول معادلة العرض والطلب وحجم الوحدات المتوفرة وما أضافه المطورون خلال 12 شهراً، تبث الضبابية وتخلق حالة من الإرباك بين مختلف شرائح الجهات والأطراف المعنية بالقطاع، كالمطورين والمستثمرين والمستخدمين النهائيين.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه شركة استشارات عقارية أن السوق العقاري في دبي استقبل خلال 2021 نحو 17 ألف وحدة سكنية، أعلنت أخرى عن 25 ألف وحدة، وثالثة لامست بياناتها حاجز ال57 ألف وحدة، ما يعد اختلافاً كبيراً يثير التساؤل والشكوك حول مصداقية هذه التقارير والجهات التي تصدر عنها.

كما أدلى العديد من العاملين في القطاع العقاري المحلي بدلوهم من حيث توقعاتهم المستقبلية لنمو الأسعار وتحسن الأداء العام للقطاع، فهنالك من توقع أن ترتفع أسعار البيع 10%، وتوقع آخر 15%، بينما ارتفعت طموحات سقف التوقعات لآخرين بأن الأسعار ستشهد ارتفاعاً قوياً يتراوح بين 20 و25%.

وتؤكد أطراف معادلة العمل العقاري أن الجهة الوحيدة التي يجب الاستناد إليها والأخذ ببياناتها هي «دائرة الأراضي والأملاك» في دبي، الجهة المنظمة والضابطة لصناعة العمل العقاري، فلماذا لا تتدخل للجم التقارير، وذلك من خلال الإعلان عن الأرقام الحقيقية حول المعروض الجديد الذي دخل السوق بالدرجة الأولى، ووضع حد للمجتهدين بتوقعاتهم لأداء القطاع المستقبلي عبر تبني منظومة معايير لذلك؟

إن تضارب بيانات ونتائج هذه التقارير حول المعروض الجديد يهز ثقة المستثمر من خلال البيانات غير الدقيقة، فلا تستند إلى قاعدة بيانات موحدة، وإنما إلى معلومات داخلية تخدم بالدرجة الأولى أجندة وأهدافاً خاصة للجهات المصدرة لهذه التقارير التي تحاول رسم خط اتجاه لأداء السوق.

ويطالب العقاريون بأن تتبنى جهة حكومية رسمية إصدار تقرير فصلي كل ثلاثة أشهر يختص بتوضيح الأرقام والمعلومات المرتبطة بمعادلة العرض والطلب لتفنيد ودحض مزاعم شركات الاستشارات والوساطة العقارية الخاصة التي تتبنى أهدافاً ومصالح داخلية خاصة بها فقط، بعيداً عن تحقيق المصلحة العام للقطاع العقاري برمته. وأكدوا ضرورة توفير قاعدة بيانات ثابتة حول معادلة العرض والطلب التي يعتمد عليها أغلبية المطورين والمستثمرين في رسم خريطة مستقبل القطاع في السنوات المقبلة.

فقدان التوازن

1
فارس سعيد

أكد المهندس فارس سعيد، رئيس مجلس إدارة «دايموند ديفلوبرز»، أن تضارب التقارير الصادرة عن بعض شركات الاستشارات العقارية حول السوق المحلي في دبي يؤدي إلى حالة من الإرباك وفقدان التوازن لدى أغلبية المستثمرين والمستخدمين النهائيين، الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي في منحنى أداء السوق.

وأوضح سعيد أن تضارب التقارير العقارية ليس مشكلة حديثة، وإنما تواجه صناعة القطاع منذ أكثر من عقد من الزمن، الأمر الذي بات يتطلب تحركاً فورياً من قبل الجهات الحكومية المعنية بتنظيم وضبط السوق العقاري في إمارة دبي المتمثلة في دائرة الأراضي الأملاك ومؤسسة التنظيم العقاري (ريرا)، من حيث وضع ضوابط ومعايير للتدقيق على هذه التقارير ومراجعتها قبل صدورها والموافقة عليها، ونقترح هنا تشكيل لجنه تحت مظلة الدائرة أو المؤسسة.

وتساءل سعيد عن الأسس والمعايير التي تعتمد عليها هذه الشركات في إصدار تقاريرها، وعلى ماذا تعتمد في الوقت نفسه أيضاً؟ وما الدوائر التي تستند إليها للحصول على قاعدة بياناتها للتوصل إلى نتائجها النهائية؟ ومن وجهة نظرنا أن تضارب النتائج هو دليل قاطع على عدم صحتها وأمانتها.

بيئة الاستثمار

1
مهند الوادية

ذكر مهند الوادية، المدير الإداري في شركة «هاربور العقارية»، أن التقارير العقارية الصادرة عن مصادر مختلفة كشركات الاستشارات والوساطة العقارية، تأتي أغلبيتها باتجاه خدمة مصالح خاصة بهذه الجهات وتنفيذ أجندة معينة لها.

وأفاد الوادية بأن هذه التقارير هي اجتهادات جيدة ولا بأس بها، لكن كثرتها وتضاربها من حيث النتائج تنعكس بشكل سلبي على البيئة الاستثمارية العقارية في السوق المحلي، لذلك تأتي دائرة الأراضي والأملاك في دبي على رأس الجهات الحكومية المعنية بضبط وتنظيم هذه التقارير.

أبحاث وتسويق

1
شادي بتاديني

قال شادي بتاديني، مؤسس ورئيس شركة «سينتشري 21» في منطقة الشرق الأوسط: إن الأرقام الصادرة عن تقارير لشركات أبحاث وتسويق عقارية في الدولة باتت تحمل الكثير من التناقض وعدم الدقة في البيانات التي تنشرها، مشيراً إلى أن أغلب هذه التقارير لا تتحرى الدقة ولا تستخدم مصادر ذات صلة حقيقية في القطاع العقاري.

وأفاد بتاديني بأن هذه التقارير تبث حالة من التشويش والضبابية في السوق المحلي، ويمكن وضع حل جذري لهذه القضية بإصدار تقرير شهري أو فصلي، كل ثلاثة أشهر، عن الجهة الحكومية المعنية ليوضح الصورة الحقيقية عن عدد الوحدات السكنية التي ستدخل القطاع في الفترة المقبلة، وتكون في الوقت نفسه السلطة الحكومية الوحيدة المعنية والمعتمدة لمنح تصاريح البناء والإنجاز وترقيم المباني.

نمو الأسعار

وسجل قطاع العقارات في دبي توجهات تصاعدية غير مسبوقة خلال عام 2021، الأمر الذي أكده ارتفاع أسعار المبيعات ومعدلات الإيجار في المناطق السكنية المعروفة في دبي. فكم ارتفعت الأسعار؟ تراوح ارتفاع أسعار الفلل بين 25% و35% في مؤشر آخر على تناقض التحليلات والبيانات التي أظهرت تناقضاً أكبر في أسعار الشقق التي تراوحت بين الارتفاع في المتوسط بين 12% و4.4% بحسب اختلاق التقارير.

اتفاقيات للبيانات والتقارير التفاعلية

قامت دائرة الأراضي والأملاك في دبي، مؤخراً بإبرام مذكرة تفاهم مع ثلاث شركات متخصصة في توفير الحلول العقارية الذكية والمتطورة، هي موقع بيوت، وموقع DXBinteract.com، وبروبرتي فايندر، بهدف تزويد السوق العقاري بالحلول التي تعتمد على البيانات والتقارير التفاعلية، التي بدورها تسهم في تعزيز توجهات التحول الرقمي التي يشهدها قطاع دبي العقاري.

ويأمل الخبراء أن تسهم هذه التقارير بلجم التناقضات عبر اعتماد معايير موحدة لكي تسهم البيانات والتقارير في توفير صورة أوضح وأشمل، للمستثمرين الراغبين في معرفة معلومات السوق العقاري بطريقة تحليلة صحيحة، وبشكل يساعد في اتخاذهم القرار الصائب، سواء كان في عملية الشراء أو البيع أو الاستثمار. بالإضافة إلى توفير فرص مثلى لحماية معلومات المستهلك، من خلال تطوير حلول لتحديات العصر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"