القطاع المصرفي يستفيد من رفع الفائدة

21:37 مساء
الصورة
صحيفة الخليج

محمد الأحمد *
توقّع صندوق النقد الدولي أن يصل التضخّم في منطقة الشرق الأوسط إلى 13.9%، وهذا أقل قليلاً من المستويات المسجّلة للعام الماضي 14.8%، وهذه التوقعات بارتفاع التضخّم مبنية على الارتفاع الملموس الذي حصل في أسعار الغذاء والطاقة عالمياً، وفي بعض الأحيان إلى التراجع في أسعار صرف بعض العملات وكذلك السياسات التسهيلية في عديد من البنوك المركزية في وقت سابق.
وارتفاع التضخّم لا يقتصر فقط على منطقة الشرق الأوسط؛ حيث ارتفع في الولايات المتحدة بحسب مؤشر أسعار المستهلكين ليصل نحو أعلى مستوياته في 40 عاماً عند 8.5% شهر مارس الماضي، قبل أن يتراجع قليلاً إلى 8.3% شهر إبريل. وشمل ارتفاع التضخّم دولاً مثل المملكة المتحدة وألمانيا وغيرها، ليتوجّه بنك إنجلترا المركزي لرفع الفائدة، فيما قد يلجأ المركزي الأوروبي لرفع الفائدة لاحقاً هذه السنة للحد من ارتفاع التضخّم.
وقام مصرف الإمارات المركزي برفع الفائدة متماشياً مع خطوات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي؛ حيث تم رفع الفائدة من معدل 1.5% إلى 2.25% في الرابع من شهر مايو 2022. وبحسب أصول الدورات الاقتصادية، رفع الفائدة قد يقلل النمو الاقتصادي، ويتم رفع الفائدة في العادة لخفض معدلات التضخّم. لكن، رفع الفائدة هذه المرة جاء مع استمرار التعافي الاقتصادي؛ حيث يتوقّع البنك الدولي أن يحقق الاقتصاد في الإمارات نمواً تصل نسبته إلى 4.6% هذه السنة 2022، وهذا يرافقه نمو في أصول البنوك بنسبة تتراوح بين 8% و9%.
في الإمارات العربية المتحدة، من المحتمل للقطاع المصرفي أن يستفيد من ارتفاع أسعار الفائدة؛ حيث تتوقّع وكالة «إس آند بي» للتصنيف الائتماني العالمي أن يرتفع دخل المقرضين من القطاع المصرفي بنسبة قد تصل إلى 15% ونمو في أسعار الأصول بنسبة 1.4% لكل 100 نقطة أساس من رفع الفائدة. وعلى الرغم من أن رفع الفائدة قد يكون ضاغطاً نوعاً ما على النمو الاقتصادي في عديد من الدول، فإن الوكالة تتوقّع أن يتسارع نمو شركات الإقراض والبنوك، بقيادة النمو الاقتصادي القوي في الإمارات العربية المتحدة.
التعافي التدريجي للتجارة الدولية، إلى جانب إنهاء إغلاقات كورونا في أغلب دول العالم، كلها أسباب دفعت بعجلة النمو الاقتصادي عالمياً خلال 2021، وهنا يجب على البنوك المركزية التراجع بشكل تدريجي عن تحفيزها الاقتصادي الهائل للاقتصاد أثناء جائحة كورونا. وقام مصرف الإمارات المركزي بخفض أسعار الفائدة شهر مارس 2020 إلى 1.5% لتدعيم الاقتصاد، متماشياً مع البنوك المركزية الكبرى في العالم التي هوت بأسعار الفائدة لتدعيم الاقتصاد العالمي الذي تهاوى أمام الجائحة.
لكن، عندما عادت الظروف الاقتصادية لمستويات قريبة مما كانت عليه قبل الجائحة، بدا من المنطقي جداً أن تعود أسعار الفائدة لمستويات قريبة من مستوياتها المعتادة أواخر عام 2019 عند 2.00%، هذا ويجب أن نعلم بأن أسعار الفائدة خلال 2019 وصلت إلى 2.75%، مما يجعل المستويات الحالية للفائدة تعطي انطباعاً بأن الظروف الاقتصادية أصبحت أفضل لتتطلب الآن رفع الفائدة.
وعلى الرغم من أن المدى الطويل قد يشهد انخفاضاً في الطلب على القروض المصرفية بفعل ارتفاع تكاليف الاقتراض، لكن التاريخ يثبت أن ارتفاع الفائدة عندما يرافقه نمو اقتصادي قوي ومستدام، لا يقلل بشكل كبير من الطلب على القروض. إلى جانب ذلك، مع رفع الفائدة ترتفع هوامش الربحية لدى القطاع المصرفي، وهي الهوامش المتعلقة بفرق فائدة الإقراض عن الإيداع، وبالتالي قد يكون القطاع المصرفي من القطاعات التي ستستفيد على الأرجح من رفع الفائدة.
خلال عام 2021، ارتفع صافي الدخل الإجمالي للقطاع المصرفي لدولة الإمارات بشكل ملموس وصل إلى 48.6% بحسب تقرير أصدرته شركة «ألفاريز آند مارسال» الشركة العالمية المتخصصة في تقديم الخدمات الاستشارية. 
وقالت الشركة أيضاً إن البنوك العشرة الكبرى في الإمارات العربية المتحدة، استفادت من هوامش ربحية «أفضل» خلال الربع الأول من عام 2022 بفعل زيادة الإقراض وتحسّن جودة الأصول. وارتفعت نسبة القروض إلى الودائع إلى 84.5% في الربع الأول من عام 2022 مقارنة بنسبة 82.1% في الربع الرابع من عام 2021.
بالتالي، يبدو أن رفع الفائدة سيكون ذا فائدة للقطاع المصرفي؛ إذ إنه سيزيد من قدرة البنوك على رفع هوامش الربحية الناجم عن فرق فوائد الإيداعات عن فوائد الإقراض.
* الشريك المؤسس والعضو المنتدب الإقليمي لمجموعة Equiti الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

عن الكاتب: