خطوة أربكت العراق!

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

لم تكن استقالة الكتلة الصدرية من البرلمان العراقي، بأمر من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مجرد خطوة في الهواء، ليس بسبب التداعيات التي أحدثتها فحسب، وإنما لأنها بدأت تثير الكثير من الأسئلة حول مستقبل النظام السياسي والعملية السياسة برمتها في العراق.
 وعلى الرغم من أن الخطوة، بحد ذاتها، تبدو في الظاهر انتصاراً لخصومه السياسيين، ولقوى «الإطار التنسيقي»، إلا أنها ليست كذلك بالفعل، خصوصاً أن هذه القوى ستجد نفسها في وضع صعب للغاية، سواء ذهبت لتشكيل حكومة أو لم تذهب، لأنها تدرك أن أي حكومة ستشكلها، بعد نحو ثمانية أشهر من التعطيل والعرقلة، ستكون هشة ومؤقتة وضعيفة وقد تسقط في الشارع، بعد أن انتقل الصدر من «المعارضة السياسية» إلى «المعارضة الشعبية»، حيث يتمتع التيار الصدري بثقل جماهيري كبير. كما أن البرلمان سيكون مرشحاً للحل، ولن يصمد طويلاً في ظل غياب أكبر كتلة برلمانية وازنة وبالسيناريو الذي حدث، وفي ظل تشكيك وتساؤلات داخلية وخارجية، حول جدوى العملية الديمقراطية والحاجة الملحة للإصلاح.
 كثير من القوى السياسية، بما فيها قوى «الإطار التنسيقي» لم تتوقع أن تكون تحذيرات الصدر وتهديداته باستقالة كتلته البرلمانية جدية، ولكنها جاءت حاسمة ومحسوبة على الأرجح، كونها مثلت خياراً واضحاً بالتخلي عن السلطة، باعتباره «تضحية من أجل الوطن» بعد فشل سلسلة طويلة من المبادرات والمهل، وتفكيك تحالف «إنقاذ الوطن» الذي تشكل مع تحالف السيادة بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والحزب الوطني الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني. ويبدو واضحاً أن الصدر، بعد كل هذه المبادرات والمهل، يرفض أن «يكسر سياسياً»، بعدما تقطعت كل أشكال التواصل مع خصومه السياسيين، بإصراره على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، ورفضه القاطع لأي حكومة توافقية مع قوى «الإطار» الذين خاطبهم مراراً وتكراراً بأنه لن يشكل حكومة معهم. 
 هذا التمسك بحكومة الأغلبية الوطنية وترجمته عبر «المعارضة الشعبية» يثير المخاوف لدى أي حكومة يمكن تشكيلها، من السقوط أولاً، وثانياً من تحميلها مسؤولية الفشل في إنقاذ البلاد من الفساد المستشري والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتراكمة، وبالتالي انكشاف دورها في تعطيل تشكيل الحكومة طوال الأشهر الماضية، وترك الدولة بلا موازنة ولا خدمات ولا إصلاحات كانت كلها سبباً في انفجار الأوضاع الشعبية عام 2019، وهي مرشحة للانفجار مجدداً مع دخول أشهر الصيف من دون كهرباء ولا ماء ولا حتى أبسط مقومات الحياة لغالبية العراقيين. 
 وإذا ما انضم التيار الصدري لأي حراك شعبي على غرار «الحراك التشريني»، فإنه سيمثل كابوساً لأي حكومة مقبلة، ناهيك عن أنه سيطرح بجدية، هذه المرة، إعادة صياغة النظام السياسي الحالي والعملية السياسية التي نشأت بعد سقوط النظام السابق عام 2003، بما يقتضيه ذلك من تعديلات دستورية ونظام انتخابي، وصولاً إلى إصلاح النظام القضائي الذي تسبب في الكثير من الإرباك والتخبط في أعقاب انتخابات أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبما ينهي نظام المحاصصة الطائفية والسياسية، ويعيد بناء الدولة والمؤسسات على أسس وطنية ديمقراطية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"