دبي: حمدي سعد
تقدم دبي مجموعة كبيرة من مبادرات الدعم والسياسات المحفزة لتنمية أعمال الشركات في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، ما يجعلها محط اهتمام المواهب والمؤسسات والشركات المتخصصة في تقنيات وأنظمة الذكاء الاصطناعي محلياً وإقليمياً وعالمياً.
وتمتلك دبي بنية تحتية قوية متينة تدعم قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، وتحفز على تبني المزيد من حلول الذكاء الاصطناعي والابتكار في «مدينة دبي للإنترنت»، التابعة ل«مجموعة تيكوم»، التي تشكل بيئة جذب لعدد كبير من الشركات العالمية والشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال والشركات الناشئة في هذا المجال.
ويشكل المجتمع المتنوع ل «مدينة دبي للإنترنت» أرضاً خصبة للشراكات القوية في مجال الذكاء الاصطناعي لتصبح المدينة وجهة جاذبة ومحفزة على تنمية الأبحاث والتطوير وتقديم حلول مصممة خصيصاً لتلبي احتياجات المنطقة، وبالتالي الاستعداد لتطوير الجيل القادم من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في جميع المجالات.
شركات مبتكرة
وقال مصدر مسؤول في «مدينة دبي للإنترنت» ل«الخليج»: إن مجموعة كبيرة من الشركات تقود تبني نظم الذكاء الاصطناعي والابتكار عبر القطاعات الرئيسية حول العالم، فبالإضافة إلى الشركات العالمية المعروفة مثل «جوجل ومايكروسوفت وأوراكل وديل وسوفت سيرف وإنجرام مايكرو»، تتواجد شركات مبتكرة ذات محفظة متنامية من الخدمات والحلول منها مجموعة «G2K»، التي تم تصنيفها ضمن أكثر 100 شركة تعتمد الابتكار في ألمانيا، وقد وسعت عملياتها في المنطقة من خلال إنشاء مقر لها في «مدينة دبي للإنترنت».
وتستضيف «مدينة دبي للإنترنت» شركة «Parsifal Dashboard»، المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي تحول المعلومات إلى معرفة وتعمل على ربط نقاط البيانات ورؤى «إنترنت الأشياء» لتعزيز القدرة على الاستقراء واتخاذ القرارات التي تعتمد على البيانات من خلال مقرها في «المدينة»؛ حيث تمكنت من إبرام شراكة مع شركة «هواوي» في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، لتقديم حلول لتحديات حقول النفط والغاز الذكية، بما في ذلك الأمن وفحص الإنتاج والصيانة التنبئية.
«إن 5» نقطة انطلاق عالمية
وذكرت «مدينة دبي للإنترنت» أن الحجم المتزايد لصناديق الاستثمار، وحاضنات الأعمال التي تشكل نقاط انطلاقة للشركات الناشئة، والجهود التي تقودها الحكومة لتحفيز نمو الشركات الناشئة والأعمال ضمن القطاع الخاص هي من أهم عوامل جاذبية دبي بالنسبة لرواد الأعمال في مجال التكنولوجيا والشركات الناشئة.
وقد نجحت حاضنة الأعمال «in5» التابعة لمجموعة «تيكوم» في تمكين رواد الأعمال والشركات الناشئة منذ العام 2013، وذلك عبر حزمة خدمات تنافسية تشمل مساحات عمل مبتكرة، التوجيه والإرشاد، وفرص التواصل مع المستثمرين وكبرى الشركات العالمية.
وشكلت حاضنة «in5» نقطة انطلاق للعديد من الشركات التي وضعت بصمتها في عالم الذكاء الاصطناعي، وأسهمت في دفع عجلة الابتكار وتعزيز المنافسة والارتقاء بأداء القطاع الحيوي.
وفي هذا السياق تعد شركة «Derq» في طليعة شركات استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، وتقنية «Vehicle-to-Everything» التي تمكن السيارة من الاتصال بكل ما حولها؛ حيث انضمت إلى حاضنة «in5» في العام 2017، حيث بدأت العمل مع مكتب دبي الذكية وهيئة الطرق والمواصلات، لاختبار وتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في الوقاية من الحوادث.
وتطور «Whizkey» ضمن «in5» برامج مخصصة باستخدام أحدث التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وتقنية «بلوك تشين» لجمع البيانات من مصادر متعددة، وأتمتة العمليات الروبوتية، وقد أبرمت الشركة اتفاقية مع هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا)، ومسرعات دبي المستقبل، وحكومة دبي لتطوير حلول رقمية متخصصة لتعزيز تجارب المستخدمين وكفاءتهم.
مؤشرات إيجابية
وأشارت «مدينة دبي للإنترنت» إلى أنه قد برز على مدى العامين الماضيين الدور الاستراتيجي لتقنيات الذكاء الاصطناعي، بما عزز من حضوره وتفرده في ريادة التوجهات عبر مختلف القطاعات عالمياً، وفي هذا السياق أفاد استطلاع أجرته مؤسسة «جارتنر» للأبحاث في مجالات التكنولوجيا العام 2019 أن 91% من المنظمات العالمية تخطط لتبني الذكاء الاصطناعي بنهاية 2022.
ومن جانب آخر، من المتوقع أن تبلغ قيمة الذكاء الاصطناعي 320 مليار دولار في المنطقة بحلول عام 2030، وتظهر دولة الإمارات في صدارة المنافسة على عمليات التحول الرقمي وتبني الحلول والتقنيات الذكية، وذلك وفقاً لتقرير شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» لعام 2018. وتظهر أبحاث «أكسنتشر» أن الذكاء الاصطناعي سيضيف 182 مليار دولار إلى الاقتصاد الإماراتي بحلول العام 2035، ومن المتوقع أن يكون له تأثير كبير على الخدمات المالية متمثل في قيمة مضافة سنوية إجمالية قيمتها 37 مليار دولار، و22 مليار دولار على قطاع الرعاية الصحية، و19 مليار دولار للصناعات التخزينية.
اتجاه دائم للتوسع
وأكدت «مدينة دبي للإنترنت» أنه ومع مواصلة الشركات إنتاج المزيد من البيانات، تبرز أهمية تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في قدرتها على معالجة البيانات وتحليلها، وتقديم مخرجات تدعم عمليات صنع القرار، وتقديم رؤى ذات قيمة مضافة، وتحسين مستويات الكفاءة والفاعلية.
وفي مدينة دبي ستعمل الاستراتيجيات الوطنية في قطاعات مثل الأمن السيبراني وإنترنت الأشياء والاستدامة وبرنامج الصناعة 4.0، على زيادة الطلب على الذكاء الاصطناعي والحفاظ عليه، بما يجعل من هذه التقنيات ركيزة أساسية لنمو الاقتصاد الرقمي والإبداعي ويُسهم في تحقيق مستهدفات التنويع.
جاذبية الإمارات
بالنظر إلى وتيرة تبني حلول التكنولوجيا الحديثة في دولة الإمارات، نرى أن إنشاء مجلس الإمارات للذكاء الاصطناعي والتعاملات الرقمية يمهد الطريق لتصبح الدولة رائدة على مستوى العالم في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول العام 2031، وذلك بفضل ما تمتلكه من قدرات بحثية فائقة التطور، وجاذبية عالية للموهوبين والكفاءات المتخصصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وزيادة الأصول التنافسية ضمن هذا القطاع الحيوي.
وقد أسهم هذا التوجه الاستراتيجي في تعزيز مكانة الدولة لتكون في المرتبة الأولى على المستوى الإقليمي في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي لعام 2021، الصادر عن شركة «أوكسفورد إنساتس»، والذي يقيس مدى استعداد الحكومة لتطبيق الذكاء الاصطناعي في الخدمات العامة.
