محمد الأحمد*
في حدث يعتبر هو الأهم في صناعة العملات المشفرة للعام الحالي، اتفق مطورو عملة الإيثيريوم على تطوير كافة النظم والخوارزميات المتعلقة بالعملة وذلك لضمان المزيد من التوسع والانتشار والكفاءة.
مع الانتشار الواسع لعمليات التداول على العملات المشفرة عالمياً، برزت عدة تحديات أمام قابلية التوسع في الانتشار، مثل مشكلة الاستهلاك الكبير للكهرباء خلال عمليات التعدين للحصول على هذه العملات، ما يؤدي إلى زيادة هائلة في البصمة الكربونية وذلك من شأنه أن يضر بالبيئة، إضافة إلى أزمة الطاقة التي تواجهها أوروبا وعدد كبير من دول العالم خاصة عقب نشوب الحرب في أوكرانيا.
واستجابة لتلك التحديات، يقوم مطورو هذه العملة بعمليات تجديد في خوارزميات البحث والتعدين لتصبح أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للكهرباء، ما يساعد في تلافي العيوب الحالية ويضمن المزيد من الانتشار والتوسع.
وفي هذا السياق، قرر مطورو عملة الإثيريوم المشفرة إصدار النسخة الجديدة من الإيثريوم 2.0. حيث أعلن مطورو الإيثريوم أن ترقية الدمج قد تتم قبل أيام قليلة مما كان متوقعاً، ونستطيع القول بأن ذلك سيكون أهم حدث في صناعة العملات المشفرة لعام 2022 حيث من شأنه أن يغير الكثير في صناعة العملات المشفرة مستقبلاً.
ويبدو أن خطة الدمج تعني ببساطة عملية تشفير تنقل الإيثريوم إلى خوارزمية جديدة تسمى خوارزمية إثبات الحصة عوضاً عن خوارزمية إثبات العمل التي كان يؤخذ بها سابقاً عبر سلسلة الكتل أو ما يسمى بالبلوك تشين. يأتي هذا في الوقت الذي تعاني فيه سلسلة بلوك تشين الإيثيريوم الحالية من صعوبات عديدة باعتبار مستوى الطلب الحالي فقط دون المقدرة على استيعاب طلب أكبر جديد في المستقبل. وهذا ما يحتم على شبكة الإيثريوم ضرورة أن تحقق تحولاً وتغيراً كبيراً لتبقى في الصدارة وتستوعب الزيادات المستقبلية في الطلب، وهو ما يحدث بالفعل مع الانتقال تدريجياً إلى الإيثريوم 2.0. فالغرض الأساسي من عملية الدمج هو تحسين الشبكة وكفاءتها وقابليتها للتوسع.
والإيثريوم 2.0 هو إصدار جديد من نظام الإيثريوم بلوك تشين سوف يستخدم عملية الإجماع حول ملكية الحصة للتحقق من المعاملات عبر آلية تسمى Staking.
وستحل آلية Staking محل آلية إثبات العمل حيث يستخدم عمال المناجم المشفرة أجهزة كمبيوتر عالية الطاقة لحل المعادلات الرياضية المعقدة في عملية معروفة باسم التجزئة. تتطلب عملية التعدين كمية متزايدة من الكهرباء للتحقق من المعاملات قبل تسجيلها على البلوك تشين للعامة.
تعدين البيتكوين، على سبيل المثال، يستهلك حاليًا الكهرباء بمعدل سنوي يبلغ 127 تيراواط / ساعة. هذا حاليًا أعلى من استهلاك الطاقة في دولة النرويج بأكملها.
وتستهلك الإيثريوم حاليًا من الطاقة في قراءة سنوية ما يساوي تقريبًا استهلاك دولة فنلندا، وتسبب بصمة كربونية كبيرة مماثلة لتلك التي تنتجها سويسرا. من المتوقع أن يؤدي الدمج إلى تقليل البصمة الكربونية للإيثريوم بنسبة تصل إلى 99.95٪، وهو ما يعالج أحد الانتقادات الرئيسية للعملة المشفرة.
يعود المفهوم الكامن وراء آليات إجماع (إثبات العمل) PoW و(إثبات ملكية الحصة) PoS إلى كيفية قيام المشاركين في الشبكة، الذين يطلق عليهم العقد أو السلسلة، بالتحقق من صحة المعاملات على شبكات البلوك تشين الخاصة بهم والحفاظ على الحالة الطبيعية للنظام الأساسي بعيداً عن التهديدات الأمنية.
ويأتي PoS كبديل ل PoW، في محاول لحل مشاكل البيتكوين الرئيسية المتعلقة بقابلية التوسع واستهلاك الطاقة، من بين أمور أخرى. على عكس بلوك تشين PoW، لا تتضمن شبكات PoS عمال التعدين، حيث يتم إطلاق معظم هذه المشاريع برموز تم تعدينها مسبقاً.
فتتميز عملية الإيثريوم 2.0 بارتفاع في الودائع من حوالي 8 ملايين في منتصف مايو 2022 إلى أكثر من 13 مليوناً تقريبًا. يسمح عقد الإيداع في سلسلة Beacon Chain، الذي تم إطلاقه في نوفمبر 2020، لحاملي الإيثريوم بتأمين أصولهم قبل التبديل.
لذلك من خلال الانتقال إلى نموذج PoS، من المتوقع أن تحقق الإيثريوم قابلية أكبر للتوسع وتحسين استدامتها البيئية من خلال القضاء على عملية التحقق من التشفير PoW كثيفة الطاقة. بعبارة أخرى، ستعمل PoS على تسريع تعدين العملة المشفرة، وهي عملية إنشاء عملات معدنية جديدة والتحقق من معاملات التشفير.
بعد التبديل إلى نموذج PoS، سيتم تحسين سرعة معاملتها، كما سيتم تقليل استهلاكها للطاقة. نتيجة لذلك، لن يضطر المستثمرون إلى الانتظار طويلاً حتى يتم التحقق من معاملاتهم ولن يضطروا إلى دفع رسوم عالية.
على خلفية تلك الخطة، ارتفعت عملة الإيثريوم بشكل ملحوظ خلال الشهر الماضي ووصلت المكاسب إلى أكثر من 59%. ولكن يجب أن نضع بعين الاعتبار، أنه بالرغم من تلك المكاسب، لا تزال الإيثريوم منخفضة بنسبة 58% منذ بداية العام حتى الآن. فينتظر المستثمرون والمتداولون هذا الدمج على أمل أن يخلق انتعاشاً في سوق العملات المشفرة الذي كان يعاني خلال هذا العام بشدة.
* مؤسس مجموعة إكويتي والعضو المنتدب في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا