التوازن بين تحول الطاقة وتأمين إمداداتها

21:02 مساء
قراءة 3 دقائق

خالد سالم*

لطالما اكتسب عنوان أمن الطاقة أهمية كبرى على مستوى المنطقة والعالم ويدور النقاش في الآونة الأخيرة حول كيفية تحقيق التوازن ما بين تأمين الإمدادات المستقرة للطاقة وضرورة تحول القطاع نحو الطاقة النظيفة وإنجاز الرؤية المستقبلية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للوصول إلى الحياد الكربوني؟ في واقع الأمر، فأن قطاع الطاقة يوفر لنا اليوم الفرصة المثالية لتحقيق التوازن بين تحقيق هذين الهدفين من خلال تبني نظرة قصيرة وطويلة الأمد في آن معاً.

وهناك إجماع عام على أن إيجاد مسارات رئيسية لإزالة الكربون من قطاع الطاقة، سيقودنا إلى تحول القطاع والوصول إلى أهدافه في عام 2050. وتشمل تلك المسارات «كفاءة الطاقة» و«مصادر الطاقة المتجددة» و«تقنية التقاط الكربون وتخزينه واستخدامه» و«تقنيات إنتاج الهيدروجين» و«الكهرباء»، بحسب أحدث تقارير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا).

وتوجد هذه التقنيات التي ستقود معظم جهود خفض الانبعاثات الكربونية حتى عام 2030 فعلياً اليوم فلذا من المهم تكثيف الجهود لتبني هذه التقنيات لتسريع تحويل قطاع الطاقة على مستوى المنطقة.

تعد كفاءة الطاقة «الوقود الأول» وذلك باعتبارها الخيار الأكثر فاعلية لتوفير احتياجاتنا من الطاقة، وستستمر في لعب دورها الأساسي في مراحل تحول قطاع الطاقة. ولتحقيق معدلات كفاءة عالية، ركزت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على استخدام تقنيات أنظف وأكثر تقدماً وذات كفاءة أعلى لتوليد الطاقة، مثل تلك التي توفرها «ميتسوبيشي باور» لأكبر محطة لتوليد الكهرباء تعمل بتقنية الدورة المركبة بالغاز الطبيعي في إمارة الفجيرة، وكذلك شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) التي تمتلك أكبر مصّهر للألمنيوم خارج الصين.

وبالإضافة إلى كفاءتها العالية، فإن تقنية توربينات توليد الطاقة بالدورة المركبة بالغاز الطبيعي قادرة على التكامل أيضاً مع مصادر الطاقة المتجددة، حيث توفر المرونة اللازمة للتكيف مع زيادة أو انخفاض إمدادات الطاقة المطلوبة.

أما فيما يخص نشر تقنية التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه (CCUS) في المنطقة، فتمتلك دولة الإمارات على سبيل المثال، واحداً من أكبر مشاريع التقاط وتخزين واستخدام الكربون على مستوى العالم، في منشأة «الريادة» التي تستوعب نحو 800 ألف طن متري/سنوياً من ثاني أكسيد الكربون. أما في مملكة البحرين فتعمل «ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة» مع شركة «ألبا» على أول تطبيق عملي على مستوى العالم لتقنيات احتجاز ثاني أكسيد الكربون في صناعة الألمنيوم.

وباعتباره أنظف وقود احتراق داخلي متوفر اليوم، يعد الهيدروجين العنصر الأساسي الذي تعتمد عليه خارطة طريق تحول قطاع الطاقة. ويسجل القطاع تطورات متسارعة في اعتماد توربينات الغاز الجاهزة للعمل بوقود الهيدروجين. ومن بينها التوربينات الغازية، والتي يمكنها العمل أيضاً بمزيج وقود يصل إلى 30% من وقود الهيدروجين، وستصبح جاهزة للعمل بنسبة 100% بوقود الهيدروجين بحلول عام 2025.

ولكن لا يقتصر استخدام تقنية الهيدروجين على معدات توليد الطاقة الجديدة والحديثة فقط، بل يمكن تحديث المعدات العاملة بالغاز وتحويلها إلى الهيدروجين بإجراء تعديلات سريعة على البنية التحتية الحالية، وهذا يعني، تمكين منتجي الطاقة من إدارة تكاليفهم بكفاءة وفي ذات الوقت تلبية المعايير البيئية والوصول لهدف الحياد المناخي.

ولأن الوصول إلى الجدوى التجارية لوقود الهيدروجين يعد اليوم أولوية عالمية تسعى الشركات إلى تسريع الوصول لهذا الهدف من خلال تأسيس منشآت اختبارية متخصصة، بما يدعم جهود تسويق توربينات الغاز الصغيرة والكبيرة الحجم. ومن خلال المزيد من التطوير لهذه الجهود، وربطها بالعديد من الصناعات المختلفة التي تركز على الهيدروجين، تهدف الشركات إلى إنشاء منظومة بيئية شاملة للهيدروجين تسهم في تسريع الوصول إلى هدف الجدوى الاقتصادية.

وأما فيما يخص تقنيات إزالة الكربون فإن تبنيها على نطاق واسع وبتكاليف تنافسية، يستكمل بذلك القدرات الحالية للبنية التحتية لقطاع الطاقة، وتوفر أرضية صلبة لتأسيس منظومة بيئية شاملة لأمن إمدادات الطاقة.

إنما سيتطلب تحول قطاع الطاقة تعاوناً شاملاً وعملاً جماعياً بين الشركات والحكومات والقطاع والمجتمع وأسواق رأس المال.

ولكن الفوائد التي ستجنيها منطقتنا من تضافر هذه الجهود ستشمل أبعاداً اجتماعية واقتصادية تفوق قضية أمن الطاقة في شكلها المجرد.

وذلك لأن توجه العالم نحو مصادر الطاقة النظيفة، يُنظر له اليوم على أنه أحد المحركات الرئيسية لتحقيق، ليس الطاقة المستدامة وحسب بل التنمية المستدامة بكل أركانها.

*رئيس «ميتسوبيشي باور» في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2tvb54by

عن الكاتب

رئيس «ميتسوبيشي باور» في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"