عادي

أرشيف رقمي على «غوغل» لناجيات إيزيديات عن دور الفن في تعزيز الصحة

18:41 مساء
قراءة 4 دقائق

أطلقت الأمم المتّحدة، الأربعاء، على منصة «Google للفنون والثقافة» أرشيفاً رقمياً جديداً عن الإيزيديين، إحدى الأقليات في شمال العراق. ويتضمّن الأرشيف سلسلة من الأعمال الفنية والشهادات الحية لنساء إيزيديات يسردن قصصهن عن الصمود والشجاعة لحماية ثقافتهن، مع تسليط الضوء على أهمية الفن كوسيلة في توفير الدعم النفسي للناجيات من الإبادة الجماعية التي ارتكبها تنظيم داعش في العام 2014.
يتوفّر «أرشيف الثقافة الإيزيدية» عالمياً باللغتين العربية والإنجليزية على منصة «Google للفنون والثقافة»، يتألّف من أربعة معارض إلكترونية أعدّتها إيزيديات بالتعاون مع منظمة «يزدا» المجتمعية التي تُعنى بحماية وتمكين الإيزيديين والأقليات الدينية والعرقية الأخرى. وشارك في المشروع كل من المنظمة العالمية «مجتمع جميل»، ومؤسسة CULTURUNNERS، ومكتب مبعوث الأمين العام المعني بالتكنولوجيا لدى الأمم المتّحدة، ومنظمة Nobody’s Listening، ومنصة «Google للفنون والثقافة».

الصورة

وفي إطار هذا المشروع، تم تقييم مدى تأثيره في الصحة النفسية للمشاركات، بدعم من مبادرة الفنون والصحة لدى جامعة نيويورك وبرنامج الفنون والصحة التابع لمنظمة الصحة العالمية. يحظى المشروع بدعم «صندوق الصحة الثقافية العراقي»، كجزء من مبادرة «فنون الشفاء» تحت رعاية برنامج الفنون والصحة التابع لمنظمة الصحة العالمية.
تم إعداد «أرشيف الثقافة الإيزيدية» على مدار 12 شهراً، عملت خلاله منظمة «يزدا» مع إيزيديات لتعزيز راحتهن النفسية من خلال ورش عمل في مجالات التصوير والفنون المرئية، مع التركيز على المساعدة في الحفاظ على التقاليد الثقافية الإيزيدية من خلال مشاركة قصص وتجارب ناجيات إيزيديات.
وشارك في المشروع نساء من مخيمات النازحين في القادسية وخانك ومام رشان وكابارتو وشاريا وشامشكو في محافظة دهوك بالعراق، وستستعين منظمة «يزدا» بهذا المشروع لتطبيق المزيد من برامج الدعم النفسي الاجتماعي.

الصورة

تسلّط المعارض الأربعة الضوء على أعمال أنتجت خلال سلسلة من ورش العمل حول الفنون والتصوير بإدارة منظمة «يزدا» لمساعدة المشاركات في إطلاق العنان لإبداعاتهن واستعادة شعورهن بالانتماء والتواصل مع الناجيات الأخريات ومشاركة تراثهن الثقافي وسرد قصصهن وتجاربهن مع المزيد من المجتمعات حول العالم. وتخلّلت ورش العمل تعريف المشاركات بالتكنولوجيات المتنوّعة المستخدمة في «Google للفنون والثقافة».
وفقاً لـ «يزدا»، كان للإبادة الجماعية الإيزيدية وتدمير المواقع التراثية الثقافية وعمليات اختطاف أكثر من 6000 امرأة وطفل أثرٌ فادحٌ في المجتمع الإيزيدي، حيث ارتفعت محاولات الانتحار والوفيات الناجمة عن الانتحار بشكل صادم. فإنّ تعداد الإيزيديين في العراق وصل إلى أكثر من نصف مليون نسمة قبل العام 2014، ولكن تسبّب تنظيم داعش في نزوح 360 ألف شخص منهم داخلياً، ولا يزال 200 ألف يعيشون في مخيمات للنازحين.
تشير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ الفن يشكّل جزءاً لا يتجزأ من آلية التعليم والتعلّم والتواصل بين الأفراد. وتؤكّد العديد من الدراسات العلمية، التي جرت خلال العقود الأخيرة، الفوائد الصحية والنفسية للاستمتاع بالأعمال الفنية أو المشاركة فيها. وتسلّط الدراسات الضوء على الدور الكبير للفن وتقنيات العلاج بالفن في تعزيز الصحة النفسية والجسدية والاجتماعية للنازحين قسراً، حيث يساعدهم الفن في التعبير عن مشاعرهم والتأقلم والحفاظ على هويتهم وقيمهم الثقافية.
قالت ملايين لقمان خلف، إحدى المشاركات في المشروع: «رسمتُ لأنني أردتُ أن يعرف الناس كيف كانت حياتي في الأسر وما بعد الأسر. شعرنا بالارتياح للتعبير عن أنفسنا لأننا لم نتمكن من إيصال صوتنا آنذاك. أشعر بالفخر بما أنشأناه لأنه ساعدني على تذكّر هويتي وهوية المجتمع الذي أنتمي إليه. ما أنشأناه يُظهر للعالم أنّ الإيزيديين، وخاصةً النساء الإيزيديات، ليسوا ضعفاء، وأنّ ثقافتنا وفنّنا ومعتقداتنا لن تُنسى. أريد أن يعرف الآخرون أنّنا عُدنا وأنّنا أقوى من ذي قبل».
وبدوره، قال حيضر إلياس، رئيس منظمة «يزدا»: «ثقافتنا هي هويتنا، والحفاظ عليها أمر أساسي لمجتمعنا قلباً وقالباً. لقد أدّت الإبادة الجماعية عام 2014 إلى إبادة ثقافية لا تزال مستمرة، بعد أن تدمّرت معابدنا والمزارات الدينية، ولا يزال العديد يعيشون في مخيمات نازحين لأكثر من ثمانية أعوام. يشكّل هذا الأرشيف الرقمي الذي أعددته الناجيات دعماً معنوياً لكل من يشعر بالقلق والهلع من فقدان هويته وثقافته الإيزيدية».
وقال جاك لانغ، رئيس معهد العالم العربي: «يمكن للفن أن ينقذ حياة الكثيرين، ملتزمون بدعم قضية هؤلاء النساء الشجاعات من المجتمع الإيزيدي في العراق ضد أعمال العنف والإبادة الجماعية. ولا شك أنّ إبداعاتهن الفنية التي يعرضها أرشيف الثقافة الإيزيدية الجديد تبيّن للعالم بأكمله مدى غنى الثقافة الإيزيدية وطموح شعبها والمصاعب التي مروا بها».
وأفاد كريستوفر بايلي، قائد برنامج الفنون والصحة في منظمة الصحة العالمية، بأن «الأرشيف يشكّل خير مثال على الدور الكبير للفن في مساعدة الأفراد على التأقلم وتطوير مهاراتهم وبناء مجتمعات وهويات مشتركة وكذلك الشعور بالراحة والفرح مهما كانت الصعاب».
وقال أنطوني نقاش، المدير العام التنفيذي في Google في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: «يوفّر أرشيف الثقافة الإيزيدية لمحة عن ثقافة الإيزيديين وتجارب الناجيات اللواتي استخدمن الفن كوسيلة للتعبير عن أفكارهن الإبداعية والحفاظ على قيمهن الثقافية التقليدية».
وقال جورج ريتشارد، مدير «مجتمع جميل»: «يوثّق هذا الأرشيف ثراء الثقافة الإيزيدية، حيث تم إعداده من خلال مشروع تعاوني هدف إلى تقديم الدعم النفسي الاجتماعي للناجيات من الإبادة الجماعية».
وأخيرًا، أضافت د.نيشا ساجناني، المديرة المؤسسة لمبادرة الفنون والصحة في جامعة نيويورك: «من خلال إنشاء هذا الأرشيف، أرادت المشاركات تسليط الضوء على هويتهن وتجاربهن من خلال توثيق العادات والتقاليد الإيزيدية وتخليدها للأجيال القادمة. وبذلك، فإنّهن يؤكّدن قوّة وصمود المجتمع الإيزيدي».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n8335yj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"