نبض الثقافة

00:02 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج

ليست الروح في الأمكنة، بل فيمن نفخ فيها من روحه، ومنحها دعمه وجهده، وأعطاها اهتمامه ومتابعته، ولقد قلت: إن معرض الشارقة الدولي للكتاب أصبح خلال هذه الفترة الزمنية المثقلة بالعطاء من أكبر المعارض العالمية، ولذلك يحق لنا أن نشكر الله أوّلاً، ثم نشكر صاحب الرعاية الكريمة، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، المؤمن بأهمية الكتاب، والقراءة، فهو قلب الشارقة وكتابها الذي يزخر بكنوزٍ تعيش بها الأيام والأعوام.
 إن من يتجوّل بين أروقة المعرض، ويتنقل من دارٍ إلى دار، ومن فعاليةٍ إلى أخرى في المعرض، يشعر بأن في المعرض روحاً، وقلباً ينبض في أرجائه، لا أقول هذا الكلام من باب المجاز، بل هي حقيقة الحال، فقد تعودنا من صاحب السمو حاكم الشارقة أن يتفقد هذا العرس الكتابي، وأن يطّلع على أحواله قبل انطلاقته، فسموّه حريص على أن يكون هذا المعرض درة المعارض، وهذا حق مشروع ولم يأت من فراغ، فهو نتاج عمل ثقافي تراكمي سّخِّرت له الوسائل الداعمة، وهُيِّئت له البنى التحتية من مؤسسات ثقافية تسير وفق رؤية سموه، وهو الذي ما كل ولا مل من التعريف بأهمية القراءة والكتب، بل وجعلها تدخل البيوت من خلال المكتبات ومن خلال حديثه الدائم عن الكتب، فالكتب أصبحت أبناء سموه، ولهم حق الرعاية الأبوية، وهو ما جعل هذا الحدث سامياً شامخاً، وجعل الشارقة واحة مخضرة، تجري فيها أنهار الثقافة والآداب والفنون، وتسمع فيها تغاريد أطيار المعرفة وأشعار العرب، فحين يقترب الزائر من كتاب فهو لا يلمس ورقاً، بل يصافح روح كاتب، وحين يجلس في مقهى الشعر أو ندوة في قاعة، فهو لا يستمع إلى ما يقال، بل يتغذى على ما يسمع، ويدخر لحياته فوائد وفرائد، إنها البيئة الجاذبة، والأماكن المرحبة بالمبدعين والكتاب.
 إن الذي يتنفس في سطور الكتاب هو عمر الكاتب الذي يمنّي النفس بأن يجد الزمان قارئاً لعمره، وهو ما صوّره الشاعر محمد سعيد العباسي حينما قال: «عمري كتابٌ، والزمانُ كقارئٍ أبلى الصحائفَ منهُ إلا أَسْطُرا، فعلمتُ منه فوقَ ما أنا عالمٌ ورأيتُ من أحداثِهِ ما لا يُرى».
 إن معرض الشارقة الدولي للكتاب يمد جسوراً للتواصل بين المبدعين والجمهور، ويفتح آفاقاً شاسعة للتثاقف، وهو الحكيم الذي بلغ أشُدَّهُ بعد الأربعين الناضجة، فقد كبر على عين «سلطان»، واستقبل معه أجمل سنين العمر، وإني أرى أن من حرم زيارة هذا المعرض وهو قادر، فقد حرم خيراً كثيراً، فشكراً لقلب الكتاب ونبضه «حاكم الشارقة» الذي مكّنَ له ليحوز الريادة والتميّز.

hala_2223@hotmail.com

عن الكاتب: