عادي

المخطوطات العربية كنز لا يقدر بثمن

00:18 صباحا
قراءة دقيقتين
شيخة المهيري

شيخة المهيري*

يصل عدد المخطوطات العربية والإسلامية إلى أكثر من ثلاثة ملايين منتشرة في كبرى مكتبات ومتاحف المنطقة والعالم، وتقدم هذه المخطوطات للباحثين والمتخصصين والدارسين مدخلاً لدراسة وفهم الحضارة العربية والإسلامية ومساهمتها في إثراء الحضارة الإنسانية، ويعتبر الكثير من العلماء أن المخطوطات العربية تمثل كنزاً لم يبحْ بكل أسراره بعد، ولكن قد يسأل سائل: ما هي أهمية المخطوطات بالنسبة لغير المتخصصين؟ وأليس من المبالغة القول بأن هذه المخطوطات القديمة هي بمنزلة كنز لا يقدر بثمن؟

في الواقع لا توجد أي مبالغة في هذا الوصف، فإلى جانب دورها التاريخي المهم في دراسة الحضارة والثقافة العربية والإسلامية، فإن للمخطوطات العربية أثراً ينعكس على حاضرنا ومستقبلنا، فهذه المخطوطات تحمل في طياتها هويتنا وحضارتنا كعرب ومسلمين، وهي كذلك السجل الذي يحفظ إنجازات وبصمات عصور سبقت في مختلف المجالات الثقافية والإنسانية والفنية والعلمية، وهي الجسر الذي ربط الحضارات القديمة بعصر النهضة ومهّد للتقدم الإنساني والمعرفي الذي نعيشه اليوم، فالتعرف إلى تلك المخطوطات وتاريخها وسياقها، يُمكننا من التعرف إلى مجتمعاتنا وكينونتها ومسار تقدمها وتطورها.

وانطلاقاً من إدراكنا في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي لهذه الحقيقة، حرصنا على التعاون مع مجموعة من كبرى المكتبات التي تحفظ المخطوطات العربية في إسبانيا وإيطاليا لتنظيم مؤتمر «أبوظبي الثالث للمخطوطات» في منارة السعديات، ومعرض «درر الحكمة» في قصر الوطن، وجاءت هذه المقاربة الشاملة لهذا الموضوع الحيوي لتقدم للباحثين والمتخصصين فرصة مناقشة أهمية المخطوطات العربية وتأثيراتها على الحضارة الأوربية، وكيفية حفظها وتحقيقها ضمن فعاليات المؤتمر، فيما سنقدم لمجتمع أبوظبي من مواطنين ومقيمين وزوار فرصة الاطلاع على مجموعة متميزة من المخطوطات التاريخية التي تضمّها مجموعتنا في أبوظبي، فضلاً عن نخبة مختارة من المخطوطات التي تحفظها مكتبة مارسيانا التابعة لوزارة الثقافة الإيطالية، ومكتبة جامعة بولونيا الإيطالية، والمكتبة الوطنية في إسبانيا، ومكتبة متحف الإسكوريال الإسباني.

ويمكن لزوار معرض درر الحكمة التعرف من كثب إلى عمق الصلات الحضارية التي تربط الشرق والغرب، من خلال الاطلاع على المخطوطات التي يبرزها، ويوثق المعرض تاريخ الحضارة الإسلامية الحافل بالإنجازات الضخمة، وخاصة في منطقتي الأندلس في شبه الجزيرة الإيبيرية وصقلية في جنوب إيطاليا؛ حيث شكلتا جسراً حضارياً بين العالم الإسلامي وأوروبا خلال العصور الوسطى، وهي الحقبة التاريخية التي شهدت مزيداً من الانتشار الثقافي وتدفق المعرفة العلمية.

ولأن اهتمامات الجمهور تتنوع، فقد حرصنا على أن تتناول المخطوطات التي نقدمها في المعرض أبرز المجالات التي تفوقت بها الحضارة العربية، مثل اللغة والشعر والموسيقى والأدب والعلوم الإنسانية والترجمة، هذه المخطوطات التي نقدمها في أبوظبي ما هي إلا شواهد تاريخية تعبر الزمن والقرون لتبرز لأبنائنا اليوم إنجازات أجدادهم في الأمس، وتؤكد لهم أنهم قادرون على التميز والتفوق الحضاري والعلمي، كما يؤكد احتضان أبوظبي لهذا المؤتمر والمعرض مكانة الإمارة حاضرة ثقافية مزدهرة وحاضنة للشعوب والثقافات، ومنارة للتسامح والتعايش والحوار الإنساني، وهي ذاتها القيم التي يمكن مشاهدة آثارها في المخطوطات التي نقدمها لضيوفنا.

*مدير إدارة المكتبات في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3ccy7mjr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"