تحقيق: إيمان عبدالله آل علي
«كوكتيل الفيتامينات» خدمة جديدة تقدم في المراكز التجميلية والطبية، وهوس جديد بات ملازماً للباحثين عن الجمال من السيدات والرجال. وحذر الأطباء من استخدامه العشوائي، وحقن الفيتامينات بالوريد، لأن أضرار تلك الممارسات قد تفوق الفوائد في بعض الأحيان، فمن الممكن حدوث نزف أو التهاب بالوريد أو خثرة وريدية أو كدمات دموية تنتج عن تسرب الدم أو احتباسه بالأنسجة نتيجة تكرار الحقن، كما أن زيادة بعض الفيتامينات والمعادن بالجسم على الحدّ الذى يحتاج إليها، قد تتسبب في حدوث خلل بعملية الأيض والعمليات الحيوية بالجسم، وحدوث أمراض ومضاعفات. وأكدوا ضرورة استشارة الطبيب قبل البدء بالحصول على الفيتامينات بالوريد.
أكدت الدكتورة شيماء مشعل، أخصائية الأمراض الباطنة في «مستشفى الإمارات التخصصي» بمدينة دبي الطبية، أن الفيتامينات مركبات يحتاج إليها جسم الإنسان بكميات محددة للقيام بكثير من الوظائف الحيوية بالجسم. ومعظمها لا يصنّعه جسم الإنسان، ويجب الحصول عليه عن طريق الغذاء باستثناء فيتامين «د» الذي يصنّعه الجسم بتعرضه لأشعة الشمس. ويحتاج جسم الإنسان إلى كميات مختلفة من الفيتامينات والمعادن التي تختلف بحسب العمر والجنس، والوضع الفيزيولوجي، كالحمل والرضاعة مثلاً والحالة الصحية.
قالت: انتشر في الآونة الأخيرة ما يسمى بحقن أو «كوكتيل الفيتامينات» التي يسوّق لها الكثير ويستخدمونها للحصول على مغذيات وفيتامينات ومعادن ومضادات الأكسدة، تساعد على تحسين مناعة الجسم والحصول على الحيوية والنشاط والبشرة النضرة ولأغراض جمالية، في حين يستخدمها بعضهم في حالات مرضية ناتجة عن نقص الفيتامينات أو ينجم عنها نقص في فيتامينات ومعادن معينة، بحكم نظام غذائي غير صحي وقلة ممارسة الرياضة، في محاولة لتعويض النقص الموجود في الجسم. أما عن الأضرار المحتملة لحقن «كوكتيل الفيتامينات»، فمن الممكن حدوث نزف أو التهاب بالوريد أو خثرة وريدية أو كدمات دموية، تنتج عن تسريب الدم أو احتباسه بالأنسجة، نتيجة تكرار الحقن. كما أن زيادة بعض الفيتامينات والمعادن بالجسم على الحدّ الذي يحتاج إليه، قد تتسبب في حدوث خلل بعملية الأيض والعمليات الحيوية، وقد تتسبب بحدوث أمراض ومضاعفات، لذا فإنه في جميع الأحوال، لا بدّ من استشارة الطبيب وعمل الفحوص الطبية اللازمة من وظائف الكبد والكلى، وتحديد نسبة الفيتامينات والمعادن بالجسم، وتعويض الناقص منها، وليس إعطاء «كوكتيل» عشوائي يحتوي على جميع الفيتامينات والمعادن، التي قد تؤدي زيادتها إلى حدوث ضرر بالجسم أو مضاعفات صحية يمكن تجنّبها إذا أخذت الفيتامينات الناقصة بالجرعة والكمية المطلوبة وتحت إشراف فريق طبي.
وعن الفوائد الصحية لحقن الفيتامينات، قالت: تساعد على ضمان سلامة الجهاز الهضمي، وعدم تعرضه لأضرار ناتجة عن المكمّلات الغذائية التي تؤخذ عن طريق الفم وقد تؤثر في الجهاز الهضمي، لعدم قدرة الأمعاء على امتصاصها بسلاسة، وضمان وصول الفيتامينات والمعادن إلى أجزاء الجسم مباشرة، من دون الحاجة إلى مرورها بالجهاز الهضمي، وإمكانية امتصاص نسبة أكثر الفيتامينات والمعادن من تلك التي تؤخذ من المكمّلات الغذائية عن طريق الفم، وذات أهمية للأمراض الهضمية المزمنة، مثل مرض كرون والتهاب البنكرياس والفشل الكبدي، التي يصعب تناول المكمّلات الغذائية الاعتيادية معها.
الفيتامينات الوريدية
وأكدت حنان إبراهيم خطيب، أخصائية تغذية في «مستشفى الشرق» في الفجيرة انتشرت ظاهرة الفيتامينات الوريدية بشكل كبير أخيراً، وخاصة عن طريق مواقع التواصل والإعلام. لافتة إلى أن أخذ خلطة الفيتامينات الوريدية من دون إشراف طبي وفحوص مخبرية، لتعويض النقص، له آثار جانبية، حيث إن الفيتامينات الموجودة فيها هي الذائبة في الماء، مثل فيتامين C وB complex ولا تحتوي على الفيتامينات المهمة الباقية، وهي الذائبة في الدهون، A، وD، و E، و K. لأن الجسم له قدرة تخزينية محدودة للفيتامينات والمعادن، والباقي يطرح في البول بعد ساعتين، ولا يستفاد من الفيتامينات المعطاة بعد ذلك، لأنه احتياج يومي.
وقالت: يمكن أخذ الفيتامينات عن طريق الفم يومياً تحت إشراف الطبيب، وبحسب الحاجة الصحية والتقارير المخبرية، ويمكن أخذ الفيتامينات عن طريق الوريد في حالات خاصة مثل: الأنيميا، ونقص الفيتامينات، والمشاكل الهضمية التي تمنع الامتصاص عن طريق المعدة والأمعاء، وسوء التغذية، ومشاكل الغدة الدرقية، والسرطان، للذين قاموا بعملية قص المعدة أو تحويل المسار.
وأضافت: إذا كان الفيتامين ذائباً في الماء، يأخذ الجسم حاجته لدرجة معينة، والباقي يتم طرحه في البول خلال ساعتين، أما إذا كان ذائباً في الدهون فله درجة سمّية معيّنة وأعراض جانبية خطرة، يمكن أن تؤدي إلى السرطان والوفاة، مثل فيتامين A، زيادة الجرعة منه، يمكن أن تؤدي إلى الصداع، ومن ثم الدوار وحتى الوفاة، لذلك فهي ممارسة خطرة جداً بدون إشراف طبيب وبعد تحاليل مخبرية تبيّن النقص والجرعة المطلوبة.
وأكدت أن من سلبيات الفيتامينات الوريدية، أنها تمنع عن مرضى الكلى ومرضى القلب، لأن هذه الأعضاء يمكن أن تكون غير قابلة لتحمل تركيزات عالية من الفيتامينات والمعادن دفعة واحدة، ويمكن أن يحدث اختلال في توازن المعادن في الجسم، مثلاً زيادة البوتاسيوم يمكن أن يؤدي إلى نوبة قلبية، والدراسات لم تثبت فاعلية الفيتامينات الوريدية على الصحة عامة على المدى الطويل، ولا تستبدل الفائدة من الفيتامينات الموجودة في الغذاء بشكل طبيعي.
كما أن بعض الناس عانوا أعراضاً جانبية، مثل: التهاب في مكان الحقن، وطفح جلدي، والتهاب الوريد وازرقاق المنطقة، وتخثر دموي، وانسداد هوائي في الوريد.
تداخل المكملات مع الأدوية
وأكدت الدكتورة عامرة شاه، أخصائية طب الأسرة، في «مستشفى فقيه الجامعي» أن استهلاك الفيتامينات من دون وصفة طبية مناسبة، أو تلك غير المعيارية، يمكن أن يكون سلبياً على الصحة. ويمكن أن يشكل ذلك مخاطر كثيرة؛ على سبيل المثال، من السهل تناول جرعة زائدة من الفيتامينات، ويمكن أن تكون لها آثار ضارة في الصحة. وكذلك، يمكن أن تتداخل هذه المكملات مع الأدوية التي تتناولها بانتظام.
فضلاً عن ذلك، من المهم أن تعرف أن مجرد تناول حبة فيتامين، ليس علاجاً سريعاً للتعب أو نقص الطاقة الجسدية. وتزودنا معظم الأطعمة التي نستهلكها بالعناصر الغذائية المناسبة ومعززات الطاقة.
بالنسبة للأشخاص في البلدان الغنية بالموارد، الذين يتناولون أنظمة غذائية متوازنة (أولئك الذين يتناولون مجموعة متنوعة من الفواكه والخضراوات والحبوب والبروتينات)، فإن هذه المكمّلات غير ضرورية.
وأفاد بيان من معاهد الصحة الوطنية الأمريكية، أنه لا توجد أدلة كافية للتوصية إما مع أو ضد استخدام الفيتامينات المتعددة، للوقاية من الأمراض المزمنة.
وعن الطريقة الصحيحة لتناول الفيتامينات، قالت: يمكن عادة تناول معظم الفيتامينات في أي وقت من اليوم. ومع ذلك، يمتصّ بعضها بشكل أفضل في حالات محددة. ونظراً لأن المكمّلات تحتوي على فيتامينات قابلة للذوبان في الماء والدهون، فمن الأفضل تناولها مع الوجبة الغذائية. قد يؤدي ذلك إلى تحسين امتصاص العناصر الغذائية، مع تقليل مخاطر الانزعاج المعدي المعوي، الذي يمكن أن يحدث عن طريق تناول فيتامين على معدة فارغة.
ليست كل الفيتامينات والمعادن متشابهة. وكذلك، ينبغي عدم تناول جميع الفيتامينات والمعادن في الوقت نفسه، فقد يتضادّ عمل بعضها، بينما يعمل بعضها الآخر على تعزيز الامتصاص أيضاً.
وأضافت: من الممارسات الشائعة أن يتناول الناس حبوب الفيتامينات، للتعويض عن نقص التوازن الغذائي في نظام طعامهم. وبشكل عام، مكمّلات الفيتامينات ليست ضرورية لمعظم البالغين الذين يتبعون نظاماً غذائياً متوازناً ومتنوعاً، ويتعرضون بانتظام لأشعة الشمس أو يشربون منتجات الألبان المدعمة بفيتامين «د». ومع ذلك، فإن بعض الجرعات الكبيرة من الفيتامينات يمكن أن تكون ضارّة لبعض الناس.
وعن إيجابيات خليط الفيتامينات وسلبياته، قالت: «كوكتيل الفيتامين» أو محلول «كوكتيل مايرز»، هو مزيج من الفيتامينات والمعادن. وتوصف الفيتامينات بأنها مكوّنات من المواد العضوية غير المرتبطة كيميائياً، ولا يمكن للبشر تصنيعها في أجسادهم، ولكن يجب تناولها في النظام الغذائي بكميات صغيرة، من أجل التمتع بالصحة المثلى. وهي مقسمة إلى فيتامينات قابلة للذوبان في الماء وفي الدهون. وسواء كان ينبغي التوصية التقليدية بمكمّلات الفيتامينات للمسنّين أم لا، فهذه مسألة لا تزال تسبب بعض الجدل والإرباك.
تمت التوصية بمكمّلات الفيتامينات للمسنّين الذين من المرجّح أن تكون تغذيتهم سيئة (الذين تمتد رعايتهم على مرحلة طويلة)، للمساعدة في حصولهم على مغذّيات بعينها. ومع ذلك، فإن الأدلة المتاحة لا تدعم هذه الممارسة الطبية على نحو كبير.
الاستخدام غير المنظم
أكد وقار أحمد، مدير - الصيدلة السريرية أنه حدثت زيادة في الاستخدام غير المنظم للفيتامينات، نظراً لأن معظم هذه العناصر غير مسجلة لدى السلطات الحكومية المسؤولة عن تنظيم الأدوية، ومن ثم لا توجد مراجعة لهذه المنتجات قبل طرحها في السوق. وكذلك، تتوافر هذه المنتجات من دون الحاجة إلى وصفة طبية، يتيح ذلك لكثير من المنتجين إصدار هذه المكمّلات وبيعها في السوق، من دون الحصول على تصريح أو الاضطرار إلى إثبات فعالية المنتج. وهذا يعني أيضاً أن هذه الفيتامينات لا ترتقي في كثير من الأحيان للاستهلاك الآمن، وفقاً للمبادئ التوجيهية القائمة على الأدلة. يجب أن يؤخذ في الحسبان، أن المكمّلات الغذائية ليست خالية من المخاطر، لأن بعضها أدوية موصوفة حقاً، وقد تتناول جرعة زائدة من الفيتامينات أو المعادن، إذا استخدمت دون مراقبة وتوجيه متخصص من جهات الرعاية الصحية.