الحلقة تضيق

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

يضيق العالم بنا، تضيق المساحات فتصغر دائرة خياراتنا؛ لكن العالم أصبح مفتوحاً متسعاً لكل الناس، تزدحم السماء بالطائرات كما تزدحم الأرض بالسيارات، حركة السفر من وإلى مختلف دول العالم مزدهرة، وحركة التواصل الافتراضي من وإلى كل بقاع الأرض مزدهرة كذلك ومتواصلة بلا انقطاع.. فكيف يضيق بنا العالم وتصغر المساحات؟! إذا تأملت أحوال العالم وتابعت كل ما يجري فيه، تشعر وتدرك أن حلقة الأمان والاستقرار صارت ضيقة جداً، ولو حاولت أن ترسم خريطة تضع فيها أفضل الأماكن التي يمكنك أن تعيش فيها بلا قلق على اليوم والغد والمستقبل، فستجد نفسك تشطب من القائمة الدول العظمى، ومعها دول كثيرة حتى تصبح خريطة العالم بين يديك صغيرة بالحجم والعدد.

دولة يتفشى فيها الوباء فتحاصر شعبها وتجبره على العزلة والحجر، وتتسبب بغربة إجبارية بين أفراد العائلة الواحدة وداخل البلد الواحد.. ناهيك طبعاً عن المنظمات الصحية التي تحذرك من أوبئة لا تحصى ومن متحورات تولد لا تعرف كيف وأين تطلق عليها مسميات كثيرة، وتتكهن بأنها آتية من القارة السمراء مثلاً فيدب الذعر في الناس ويبدأ التفكير في الاتجاه نحو قارة ودول أكثر أماناً.

دول تضربها كوارث طبيعية مخيفة، بينما دول عرفت منذ الأزل بتراكم ثلوجها وبردها القارس، انقلبت أحوالها فتكللت جبالها بالخضرة وحجب عنها الشتاء رداءه الأبيض.

دول (أمريكا أولها) ترفع راية حماية «حقوق الإنسان» فتصبح عرابتها والصوت الأعلى دفاعاً عنها، بينما العنصرية تنهش في جسدها وتنخر فيها حتى العظم، وتنتشر في مدارسها حالة ذعر وترقب من أعمال إرهابية أبطالها طلاب مسلحون وضحاياها طلاب عزل مسالمون.

دول تعاني نقصاً كبيراً في القطاع الطبي ويموت مرضاها إما بسبب عدم توافر سرير في المستشفى، وإما بسبب عدم توافر موعد عاجل ولا حتى قريب لزيارة الطبيب والكشف عنده حتى يتسنى للمرء معرفة حقيقة مرضه والبدء بالعلاج، ناهيك عن عدم توافر كل أصناف الأدوية حتى تلك البسيطة مثل المضاد الحيوي والضروري لطفل مصاب باحتقان، فهل تستغرب أن تكون بريطانيا وفرنسا وكندا من تلك الدول؟!.

دول تعاني الأزمة الاقتصادية العالمية لدرجة أنها تطفئ إنارة الشوارع كل مساء فتعيش مدنها وقراها في ظلام دامس، وهنا لا نتحدث عن دول فقيرة أو إفريقيّة، بل أوروبية وقد طلبت بعضها من شعوبها تخفيض استهلاك وسائل التدفئة والاستعاضة عنها بالملابس الثقيلة، كما انتشرت في شوارع بعض تلك الدول ظاهرة «البحث عن الطعام في النفايات»، دون أن يعلو أي صوت ينادي بحقوق الإنسان أو يتهم الدولة بالضعف والهزيمة كما يحصل عادة لو رصدت تلك الدول الغربية أي حالة مشابهة في أي دولة عربية.

الحلقة تضيق ومساحة العيش بأمان واستقرار ودفء تصغر، والدول المستقرة والمزدهرة نعمة، مثل الإمارات، عليك أن تتمسك بها وتحافظ عليها حين تسكن فيها وتسكن فيك.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2ydj5m79

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"