هل ينتشل دافوس العالم؟

00:28 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

يجتمع منتدى دافوس الاقتصادي، وسط أزمات عالمية عميقة على الصعد كافة، وتنعقد الآمال على هذه التظاهرة الدولية بوضع حلول وخطط وبرامج ناجعة تخفف وطأة التباطؤ الاقتصادي العالمي، مروراً بالانهيار البيئي، وليس انتهاء بالحرب الطاحنة التي تدور رحاها في أوكرانيا، حيث وضعت العالم أمام تحدٍ رهيب للتغلب على آثارها المدمرة التي مست حتى قوت الناس في كل أصقاع الأرض.

أكثر من 170 رئيساً ووزيراً، و19 محافظاً للبنوك المركزية، وقادة الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، ورؤساء الوكالات الدولية، ومئات المديرين التنفيذيين، سيكونون حاضرين هذا الأسبوع في المؤتمر الأهم عالمياً، لمناقشة تحديات مهمة ومختلفة، مثل كيفية تجنب مخاطر حدوث ركود عالمي في عام 2023، وكيفية ضمان عدم تراجع الجهود العالمية للتصدي لتغير المناخ، وأزمة الطاقة، كما سيناقش عدم الاستقرار الجيوسياسي، ومخاطر الأمن السيبراني، والأوبئة والتوترات، والفقر، لذا فإن العناوين المطروحة كبيرة جداً، وثمة تحدٍ حقيقي أمام المنتدى للخروج ببعض النجاحات.

من المفترض أن يتفق هؤلاء القادة على الخروج برؤية حول إصلاح الوضع الراهن، واستشراف المستقبل الذي يحمل في طياته مآسي إذا استمرت التوجهات العالمية على ما هي عليه، فاجتماعهم يأتي في وقت شديد الحساسية؛ إذ ثمة دول تنهار اقتصادياً وأخرى تحطمها الفيضانات، بينما لا تزال الشعوب تسحق تحت وطأة الفقر والجوع لعدة أسباب، منها التغيرات المناخية، والحرب في أوروبا، والصراعات الداخلية التي مست بشكل مباشر إمدادات الغذاء العالمية.

روسيا مستثناة من هذا الاجتماع، على الرغم من أهميتها القصوى؛ كونها طرفاً في حرب أوجدت كماً هائلاً من المشكلات، بينما سيشارك الكثير من «أعدائها»، لذا فإن هذا المنتدى أمام مسؤولية عدم تسييس قضاياه وجعل موسكو شماعة العلل بينما هي معزولة؛ لأن ذلك سيعقّد المشاكل إلى مستويات أكبر، وبالتالي انتهاء هذا المؤتمر «بخفي حنين»، لذا فإنه ليس أمام المنتدى سوى التطرق للعثرات والقيام بحلها مهنياً، وابتكار آليات تخفف من وطأة الحروب، والتصدي للمشكلات البيئية ونقص الغذاء، ودعم الدول المتعثرة، وإجبار بعض الدول الصناعية على التخلي عن أنانيتها من خلال إلزامها بتقليل الانبعاثات الكربونية، التي لم يتم تحقيق تقدم بشأنها، على الرغم من التعهدات.

القمة العالمية أيضاً استُبقت بتقرير «مخيف» للمنتدى، أشار إلى أن الحرب في أوكرانيا و«كورونا» تشكلان أزمة كلفة المعيشة الناجمة عن التضخم، وهي الخطر العالمي الأول خلال العامين المقبلين، هذا الخطر قد يتسبب بحدوث توترات شديدة في عدة مناطق من العالم، ويدفع الملايين إلى هوة الفقر المدقع، ويتجاوز مخاطر الكوارث الطبيعية والأحداث المناخية القاسية، بسبب الضغط على إمدادات الطاقة والغذاء المتوقع أن يستمر، بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والفائدة.

عثرات كثيرة على طاولة منتدى دافوس الذي يجمع من يمسكون بزمام العالم؛ لذا فإنه لا مناص من استغلال الفرصة لتبريد الصراعات، وبناء اقتصاد صلب يتخطى التأزم، وإنشاء برامج ترفع من التنمية في الدول بعد سنوات صعبة صنعها الوباء والحروب، وإلا فإن العالم سيسير من سيئ إلى أسوأ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/32cwcb7m

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"