قمة لا تتوقف عن إطلاق المفاجآت

01:18 صباحا
قراءة 3 دقائق

سليمان جودة

ليس سراً أن القمة العالمية للحكومات، التي يطلقها، صباح الغد، صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، كانت منذ دورتها الأولى تنشغل بالمستقبل، وتتمسك به، ولا تفكر إلا فيه.

وليس أدل على ذلك إلا أنها في دورة من دوراتها القريبة، كانت تتحدث عن الفيروسات، وعمّا يمكن أن ترتبه في حياة البشر من تحديات، إذا ما فاجأتهم على ظهر الكوكب ذات يوم.. حدث هذا بالفعل في دورة لم تكن بعيدة عن زمن فيروس كورونا، إلا بما هو مقدار رمية حجر، فلما دارت الأيام دورتها أطل كورونا علينا، ففعل بحياتنا ما لم نكن نتخيله أو حتى نتوقعه، لكن القمة من جانبها كانت قد ألمحت إلى ظلال المسألة من بعيد، وكانت قد نبّهت، لعلنا نأخذ حذرنا ونحن نتحرك على الأرض.

وفي الدورة الخامسة التي كانت قد انعقدت في مثل هذا الشهر من عام 2017، كان محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، رئيس قمة الحكومات، قد أدار حواراً مع الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، الذي كان وقتها يترأس شركتي تسلا وسبيس إكس.

في ذلك الوقت كان الحديث مع ماسك عن تنبؤات المستقبل كما يراها، وكان يتحدث عن مساحة أوسع تحتلها السيارات ذاتية القيادة في مستقبل العالم، وكان يرى أن الذكاء الاصطناعي سوف يكون له دور أكبر في دنيا الناس، وكان يتوقع أن يحدث ذلك خلال عقد من الزمان لا أكثر في الأغلب، أي في مسافة زمنية يصل سقف مداها إلى عام 2027.

ولو أنت جربت أن تتطلع إلى حال أهل الأرض عند أول هذا العقد الذي تحدث عنه ماسك، ثم حالهم عند آخره، فسوف تكتشف أن حديث الوزير القرقاوي مع صاحب الشركتين، كان حديثاً يقرأ ما هو قادم، ويتحسب للتعامل معه، أكثر مما كان بالطبع ينظر إلى الماضي، إلا بمقدار ما يفيدنا هذا الماضي في الذهاب إلى المستقبل.

وإذا ضممت حديث القمة عن الفيروسات، إلى حديث الرجلين عن التنبؤات في مقبل الأيام، فسوف يتبين لك أن هذه قمة أولها المستقبل بكل معانيه وآخرها أيضاً، وأنها معنية به وبقضاياه أكثر مما هي معنية بشيء آخر، وأنها تحتشد من أجل هذا الهدف قبل كل دورة جديدة، فلا تذهب إليها إلا وهي متأهبة ومستعدة.

وليست قمة هذه السنة خروجاً على هذه القاعدة طبعاً؛ بل هي حلقة تنضم إلى حلقات، وهي خطوة أخرى في اتجاه المستقبل تضاف إلى خطوات.

ولا بد أن الحديث عن الابتكار في محور من محاور قمة هذا العام، هو من قبيل الانشغال بالمستقبل الذي يذهب إليه الناس بوتيرة متسارعة، والذي لا يترك فرصة أمام أحد لالتقاط الأنفاس.. وهذا في الحقيقة ما يجعل قراءة المستقبل عملية صعبة للغاية في ظل هذا الإيقاع المتسارع، لكن القمة وضعت لنفسها هدفاً حددته منذ لحظة إطلاقها، ولا تستطيع أن تحيد عنه، ولا أن تنحرف في اتجاه آخر سواه.

ومن بين السطور المنشورة عن جدول أعمال القمة المرتقبة، نقرأ أن الحوار القديم بين الوزير القرقاوي وماسك سوف يتجدد في إحدى قاعاتها، وسوف يواصل ما جرت قراءته من قبل، وسوف يبني على ما تم بناؤه في الدورة الخامسة.

وهذه مفاجأة من مفاجآت القمة التي لا تتوقف عن إطلاق المفاجآت، لأن الدنيا في هذه الدورة الجديدة للقمة، ليست هي الدنيا التي دار فيها الحوار السابق، ولا حتى ماسك هو ماسك، الذي تجاوز رئاسة الشركتين إلى امتلاك منصة تويتر بكل ما لها من تأثير في شتى الأنحاء.

وليس لتجدد الحوار بينهما من معنى، سوى أن قمة الحكومات العالمية تجدد عقدها مع المستقبل، بقدر ما تجدد عهدها أمام الحكومات، وبقدر ما تجدد الثقة مع الجمهور.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/44enexca

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"