الغرب وأمن أوكرانيا

00:51 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

خلافاً لما جرت عليه العادة، اختزل مؤتمر الأمن في ميونيخ للعام الحالي، قضايا الأمن العالمي والأزمات الدولية، وبؤر الصراع المتفجرة، والعلاقات بين الغرب والشرق، ببحث تداعيات النزاع الأوكراني، وسبل تقديم كل وسائل الدعم لأوكرانيا، باعتبارها بوابة الدفاع عن أوروبا وحماية مصالح الغرب.

المؤتمر الذي غابت عنه روسيا، وبالأحرى لم توجه إليها الدعوة، والذي افتتحه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبر دائرة مغلقة، عارضاً شروطه لتحقيق «النصر» على روسيا، عبر المزيد من الطلبات، واستعجال إرسال التعهدات الموعودة من أسلحة حديثة ودبابات وغيرها، يجعل منه مؤتمراً غربياً بامتياز، أكثر من كونه مؤتمراً دولياً، لبحث كل القضايا والأزمات الدولية.

الالتزام الغربي بمواصلة دعم كييف عسكرياً ليس جديداً، وربما لا يحتاج إلى مؤتمر من هذا النوع، ما دام أن هناك سباقاً بين الدول الغربية على إمداد أوكرانيا بالسلاح، مع الحرص على عدم تزويدها بأسلحة من شأنها توسيع نطاق الحرب إلى وسط أوروبا أو التسبب باستفزاز نووي يؤدي إلى كارثة للجميع. ربما يكون الجديد، هو ما قاله زيلينسكي للمؤتمر، وقبل أيام قليلة من مرور عام على العملية العسكرية الروسية، من أن أي إبطاء في إرسال الأسلحة سيكون «طوق نجاة» لبوتين، وكأن الجيش الأوكراني يحاصر موسكو ويطالب الرئيس الروسي بالاستسلام، وهو يعلم أن الغرب لا يصدقه حتى وهو يصفق له. فالجيش الروسي الذي يتقدم ميدانياً في جنوب وشرق أوكرانيا، يستعد لهجوم شامل في الربيع، قد يقلب كل الموازين القائمة حالياً، بعد أن غير معظم تكتيكاته العسكرية، وفق ما تقوله مصادر الغرب، بينما يريد زيلينسكي استعجال وصول الأسلحة الغربية، للقيام بهجوم استباقي، يمكنه من استعادة المناطق التي خسرها.

لكن ما يتبادر إلى الذهن هو أنه طالما أن زيلينسكي بات يعتمد اعتماداً كلياً على أسلحة الغرب لمواصلة الحرب، أين أصبحت ترسانة الأسلحة الضخمة التي كان يمتلكها الجيش الأوكراني، بعد أن ورثها من الاتحاد السوفييتي، وعززها على مدى سنوات بأسلحة غربية متطورة؟ وماذا لو توقف الغرب عن إمداد أوكرانيا بالسلاح؟.

بعيداً عن ظروف الميدان التي ستتضح في الأسابيع أو الأشهر المقبلة، فمن غير المشكوك فيه أن حسابات الغرب تختلف عن حسابات زيلينسكي، الذي يحظى بالوقوف والتصفيق في كل المحافل الغربية، ذلك أن الغرب ما زال يصّر على حصر النزاع داخل حدود أوكرانيا، وهو مستعد لتلبية طلبات زيلينسكي بالقدر الذي لا يسمح بتوسيع الحرب أو الصدام المباشر مع روسيا.

لكن مشكلة الغرب الذي يصّر على مقاتلة روسيا بالأوكرانيين، تكمن في أنه ما زال يراهن على «نصر» وهمي عبر زيلينسكي، متجاهلاً، ليس فقط كون روسيا قوة عظمى لديها من الإمكانات ما يحبط طموحات الغرب، وإنما لا يطرح أي مبادرة جادة لتسوية الأزمة في أوكرانيا، عبر إعادة صياغة الأمن الأوروبي باعتباره جزءاً من منظومة الأمن العالمي، يحفظ بشكل عادل مصالح كل الأطراف، وهذا بيت القصيد، وهو ما تجاهله مؤتمر الأمن في ميونيخ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/muzde9jx

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"