فلسطين ومعضلة اختيار الرئيس

00:56 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. ناجى صادق شراب

لعل التحدي الأكبر الذي قد يحسم كثيراً من المقاربات المستقبلية للقضية الفلسطينية مسألة اختيار الرئيس الجديد خلفاً للرئيس الحالي محمود عباس. فاليوم يزداد الحديث عن مرحلة ما بعد الرئيس وعن السيناريوهات الممكنة والمتوقعة.

لا شك أن كل سيناريو تترتب عليه نتائج معينه. ويحتل منصب الرئيس أهمية كبرى مستمدة من أهمية القضية الفلسطينية وطبيعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومن المناصب التي يشغلها.

وهنا بعض الملاحظات الأولية: الملاحظة الأولى، أن الرئيس عباس سيشكل نهاية مرحلة المؤسسيين للقضية الفلسطينية، ونهاية لما يعرف بالشرعية التاريخية الثورية. الملاحظة الثانية، تفكك السيطرة وتوزيعها في المناصب الرئاسية، وهذا في إطار توزيع المناصب كوسيلة للتوافق. الملاحظة الثالثة، إمكانية بروز الحلول الإقليمية للقضية الفلسطينية أو ما يعرف بالحل الأردني من خلال طرح حلول ومبادرات سياسية معينة. الملاحظة الرابعة، تراجع وتقليص مكانة القضية الفلسطينية. والملاحظة الخامسة، تتمثل في تزايد احتمالات الانقسامات داخل حركة فتح، وتثبيت حالة الانقسام السياسي هذه وتحولها إلى حالة سياسية ثابتة.

وعند السؤال عن أهم السيناريوهات المحتملة لخلافة الرئيس عباس، يبرز أكثر من سيناريو. الأول القانوني الدستوري وهو سيناريو مستبعد تماماً في ظل الانقسام وحل المجلس التشريعي، وأساس هذا السيناريو الذي على أساسه تم انتخاب الرئيس عباس أن يتولى رئيس المجلس التشريعي الرئاسة لفترة انتقالية لمدة شهرين، يتم بعدها إجراء انتخابات رئاسية. السيناريو الثاني، أن يتم ترشيح أمين سر المنظمة ليكون رئيساً للمنظمة ومن ثم رئيساً للدولة على أساس أن المنظمة هي المرجعية السياسية العليا ولها الصفة الشرعية كممثل وحيد للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.

وفي هذا السياق تشير الدلالات السياسية إلى احتمال اختيار حسين الشيخ أميناً للسر وقيامه ببعض المهام الرئاسية. ويلحق بهذا السيناريو أن يكون لفترة انتقالية يتم التوافق فيها على إجراء الانتخابات الرئاسية على أساس أن الرئيس ينبغي أن يأتي بالانتخابات.

هذا السيناريو قد يكون أكثر واقعية في حال التوافق بين أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، ومن ثم تأييد فصائل المنظمة، وقد يليه الاعتراف الإقليمي والدولي، أما السيناريو الثالث وكما تنبأت به مجموعة الأزمات الدولية فيتحدث عن الاحتجاجات وانتشار العنف، وهنا قد يأتي دور المؤسسات الأمنية واحتمال اختيار شخصية أمنية لفترة انتقالية، وهنا يبرز اسم ماجد فرج. والسيناريو الآخر فيتمثل في انهيار السلطة بالكامل وتولي إسرائيل المهام الأمنية والاحتلالية بالكامل، وهذا سيناريو مستبعد نظراً للحاجة المشتركة إلى وجود السلطة الفلسطينية فلسطينياً وإسرائيلياً وعربياً ودولياً. وهنا قد يبرز اسم رئيس الحكومة شخصيةً انتقالية لتولى الرئاسة.

كل هذه السيناريوهات متوقعه، ويبقى سيناريو منظمة التحرير الأكثر احتمالاً وقبولاً وخصوصاً بممارسة ضغط على حركة حماس في غزة للقبول بالحل الانتقالي إلى حين إجراء الانتخابات مع تثبيت وجودها في غزة.

ولعل أكثر السيناريوهات خطورة هو سيناريو ربط الضفة الغربية بالأردن تحت خيار الحل الكونفدرالي أو الفيدرالي حلاً وسطاً بين الحل الأردني والحل الفلسطيني والإسرائيلي.

ويبقى أن منصب الرئيس الفلسطيني ستحكمه المحددات العربية والدولية وموقف إسرائيل من أي مرشح للرئاسة، فالمنصب ليس باسم من سيكون، لكن بالالتزام بالاتفاقات الموقعة أولاً وبالحلول السياسية وهذا قد يكون شرطاً مسبقاً للاعتراف بالرئيس الجديد والقبول به. فنحن أمام منصب مركب تتجاوز محدداته المحددات الفلسطينية. ولن يكون بمقدور أي مرشح تجاوز الواقع السياسي الذي فرضته اتفاقات أوسلو والالتزام بالحل السياسي والشرعية الدولية. وما ينبغي تأكيده هو أهمية التوافق الفلسطيني على منصب الرئيس الذي يعد أحد مكونات مقومات الدولة الفلسطينية، والشخصية المحورية التي قد تجسد وحدة العمل السياسي والمحافظة على القضية الفلسطينية واستمراريتها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4y497bw9

عن الكاتب

أكاديمى وباحث فلسطيني في العلوم السياسية متحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ومتخصص في الشأن السياسى الفلسطيني والخليجي و"الإسرائيلي". وفي رصيده عدد من المؤلفات السياسية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"