مبادرة الصين لم تمت

00:42 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

عندما عرضت الصين يوم 24 الشهر الماضي مبادرتها للتوصل إلى حل للحرب الروسية - الأوكرانية التي دخلت عامها الثاني، كانت متيقنة بأنها لن تلقى التجاوب المطلوب من التحالف الغربي، وخصوصاً من الولايات المتحدة التي لن تسمح للصين بتحقيق إنجاز سياسي سوف يأخذ من رصيدها ويضاف إلى رصيد بكين، فيما يشتد الصراع بينهما على النظام الدولي.

لكن الصين تدرك أيضاً أن مسؤولياتها الدولية، ودورها في تشكيل نظام دولي جديد أكثر عدالة وإنسانية، يفترض عدم الركون للعقبات التي تواجهها، أو التوقف عن الحركة السياسية التي قد تساعد في ضبط الأوضاع الدولية المتوترة، والحد من المخاطر التي تهدد السلام العالمي، وذلك من منطلق أنه كلما ازدادت الاضطرابات العالمية، ازدادت الحاجة إلى العمل من أجل السلام، رغم يقينها بأن القوى التي تعمل على تأجيج الحروب لن تعدم وسيلة لإحباط أي مسعى سلمي يعيق الأهداف التي تسعى إليها باستمرار الهيمنة وفرض الأمر الواقع بالقوة.

ترى بكين أن مبادرتها متوازنة وجديرة بالبحث، لأنها تأخذ في الاعتبار مخاوف روسيا الأمنية، إذ تؤكد أنه «لا يمكن ضمان أمن دولة ما على حساب أمن الدول الأخرى، ولا يمكن ضمان الأمن الإقليمي من خلال تعزيز الكتل العسكرية بل وتوسيعها»، في إشارة إلى توسيع حلف الأطلسي شرقاً. كما تأخذ المبادرة في الاعتبار مطالب أوكرانيا «في احترام سيادتها»، وأن «جميع الدول متساوية، بغض النظر عن حجمها أو قوتها أو ثرواتها»، وأنه «يجب تطبيق القانون الدولي بشكل موحد والتخلي عن المعايير المزدوجة».

ولأن الصين ترى أنه بات من الضروري وقف الحرب الآن قبل أن تتوسع وتخرج عن السيطرة، بما يشكل خطراً داهماً على العالم، وأن لا رابح في الصراعات والحروب، فإن زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى موسكو الأسبوع المقبل كما هو مفترض، تشكل خطوة متقدمة لتفعيل المبادرة، خصوصاً أن موسكو أعلنت تأييدها الضمني لبنودها، ورحبت بأي جهد فعلي لوقف الحرب. ولا شك أنه بحكم العلاقات الوطيدة التي تربطه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والعلاقات الإستراتيجية بينهما، فإن الرئيس الصيني بإمكانه أن يلعب دوراً إيجابياً في أن يضع حجر الأساس لبدء مفاوضات روسية - أوكرانية تفضي إلى تسوية سياسية.

وتشير المعلومات إلى أن رئيس مكتب اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني للشؤون الخارجية وانغ يي الذي زار موسكو الشهر الماضي واجتمع إلى الرئيس بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف، بحث في تفاصيل المبادرة لإعطاء فرصة للسلام.

وإذا صحت المعلومات التي تحدثت عنها صحيفة «وول ستريت جورنال» بأن الرئيس الصيني، وبعد زيارته إلى موسكو، يعتزم عقد لقاء عبر الإنترنت مع الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي، فهذا يعني أن الصين مصممة على المضي في طرح مبادرتها للسلام، والسعي لإقناع الرئيس الأوكراني بأهمية وقف القتال لمصلحة كل من أوكرانيا وروسيا، وبالتالي مصلحة الأمن والسلم العالميين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s3kpa5y

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"