عادي
الإمارات تمتلك بنية لوجستية جعلتها الأفضل عالمياً

تحديات الاستدامة تواجه مناولة الأغذية والمنتجات القابلة للتلف

22:16 مساء
قراءة 7 دقائق
نقل المنتجات القابلة للتلف

دبي: حمدي سعد

باتت عمليات استدامة نقل المواد القابلة للتلف والغذائية منها على وجه الخصوص، أحد أكبر التحديات التي يواجهها القطاع حالياً، فيما أشار تقرير جديد للبنك الدولي إلى إمكانية أن تسهم النزاعات العالمية والاختناقات في سلسلة التوريد في إبقاء أسعار الأغذية العالمية مرتفعة حتى عام 2024.

وبيّن التقرير أن المستويات القياسية للهدر في المواد الغذائية يعد من العوامل الرئيسية التي تتسبب في تضخم أسعار الغذاء، إذ يتعرض ما يقارب من 40-70% من الأغذية الطازجة في سلسلة التوريد للتلف أو الهدر، بسبب ظروف التخزين غير الملائمة أو الكفاءة المتدنية لعمليات المناولة.

ويؤكد خبراء في قطاعات النقل المستدام أن نقل المواد الغذائية القابلة للتلف أصبحت صناعة تدعمها اللوجستيات بصورة أساسية، من حيث القدرة على الوصول إلى موقع الغذاء ونقله محفوظاً وبسرعة إلى المستهلكين.

وتتمتع دولة الإمارات ببنية لوجستية قوية جعلتها من الأفضل في العالم، مكنتها من التحول إلى مركز لإعادة التصدير والشحن إلى أسواق المنطقة وإفريقيا والعالم كذلك عبر المطارات والموانئ المجهزة بوحدات التبريد والتخزين والشحن المستدامة خلال أوقات قياسية.

الصورة

في السياق، أعلن الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا) إطلاق مركز التميّز للخدمات اللوجستية للبضائع القابلة للتلف CEIV Fresh، وهو شهادة جديدة في القطاع لتعزيز مناولة ونقل المنتجات القابلة للتلف جواً.

وبذلك يصبح بإمكان مطارات المنطقة أن تحصل على ميزة تنافسية قوية، لتكون ضمن اختيار الجهات المصدرة للغذاء والبضائع القابلة للتلف التي تستدعي عناية خاصة، وتعزز قدرة مطارات المنطقة على مناولة هذه المنتجات وشحنها باغتنام الفرص المتزايدة في سوق البضائع الطازجة والقابلة للتلف، حيث أعلن الاتحاد الدولي للنقل الجوي عن إطلاق معياره الجديد الخاص بالمنتجات القابلة للتلف وهو CEIV Fresh ويمكن للمطارات الحصول على شهادة جديدة في القطاع، لتعزيز مناولة ونقل المنتجات القابلة للتلف جواً من خلال الالتزام بمتطلبات شحن هذه المواد.

وتتسم عملية مناولة ونقل المنتجات القابلة للتلف بصعوبتها، نظراً للشروط الخاصة التي تطلبها المنتجات الغذائية والنباتية من حيث الوقت ودرجات الحرارة.

أتمتة للشحن والتخزين

قال ديفيد درونفيلد، مدير عام «سويس لوج» الشرق الأوسط: «تواجه قطاع الأغذية والمواد القابلة للتلف تحديات كبيرة تتعلق بالاستدامة في عمليات الشحن بداية من مصادر الزراعة أو الإنتاج، وصولاً إلى المستهلكين نظراً لارتفاع احتياجات الاستهلاك اليومي، مشيراً إلى الحاجة الماسة إلى تبني أنظمة لوجستية وأنظمة انتقاء متطورة تجمع بين إمكانيات الحفظ والتجميد لفترات طويلة، والتحضير السريع للمنتجات الفردية والحزم والمنتجات الجاهزة للتسليم».

وأضاف يظل الطلب المتزايد على الإمدادات على مدار العام من قِبل المستهلكين سواء كانت المنتجات الموسمية والوجبات الجاهزة بفضل التوسع الحضري المرتفع، قوة دافعة وراء الابتكار والمبيعات في تقنيات الأغذية المجمدة.

وأوضح، من المتوقع أن يسجل سوق الأغذية المجمدة في الإمارات العربية المتحدة معدل نمو سنوي مركباً قدره 4.87% خلال الفترة المتوقعة من 2022 إلى 2027. من ناحية أخرى، فإن الارتفاع المطرد في أسعار الطاقة والحاجة الملحة إلى مزيد من الاستدامة البيئية تعني أن تقليل استهلاك الطاقة في سلسلة توريد الأغذية المجمدة قد أصبح الآن حاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى.

وأكد درونفيلد ضرورة الاستعانة بالحلول والأنظمة التقنية والعمليات المؤتمتة والروبوتية القائمة على البيانات لمعالجة أكبر المشكلات التي تواجه سلسلة الإمداد الغذائي العالمية، وتقديم حلول ومعايير موثوقة تمكن الشركات من زيادة الكفاءة من خلال الاستخدام الأفضل لإمكانيات تخزين الطعام المبرد والمجمد لفترات طويلة، لزيادة استدامة وكفاءة مستودعات الأغذية المجمدة الخاصة بها.

الصورة

تعقيدات كبيرة

من جانبها، قالت الدكتورة شيرين نصار، المدير العالمي للدراسات اللوجستية في جامعة «هيريوت وات» في دبي: «أدى ارتفاع عدد سكان المدن، وتطور عادات استهلاك الغذاء، وزيادة عولمة التجارة، إلى جعل سلاسل الإمداد الغذائي معقدة وطويلة الأمد ولحل قضية فقد الغذاء في كل مرحلة من مراحل سلسلة التوريد، هناك حاجة إلى التحول من النهج التقليدي إلى النهج المتكامل».

ويعد تنفيذ تقنيات معالجة فعالة وميسورة الكلفة وصديقة للبيئة، وتوظيف حلول التخزين والتعبئة المناسبة، وتعزيز البنية التحتية للطرق وروابط السوق، فضلاً عن توفير التدريب والتعليم لجميع المشاركين في سلسلة التوريد، بما في ذلك العملاء، بعضاً من نجاحات التدابير التي يمكن أن تعزز كفاءة سلاسل التوريد، وتقلل من نسبة هدر الطعام وفقده.

وتعد إدارة المنتجات القابلة للتلف أثناء الشحن مهمة تتطلب مستوى أعلى من الدقة من إدارة سلسلة التوريد التقليدية للبيع بالتجزئة، حيث يجب نقل المنتجات وتخزينها في بيئة منظمة بشكل صارم. وإن السلع القابلة للتلف مثل المواد الغذائية والمستحضرات الصيدلانية وغيرها من المنتجات الحساسة للحرارة، لها مدة صلاحية محدودة وهي معرضة بدرجة كبيرة للتلف.

زيادة معدلات الهدر

تقول نصار: «وفقاً لتقرير عام 2019 الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، فإن حوالي 33% من جميع المنتجات الغذائية، مع نسبة مذهلة تبلغ 45% من المنتجات الطازجة، تُفقد أو تُهدر، بسبب عدم الامتثال لحدود درجات الحرارة أثناء الحصاد، التعبئة والتغليف أو النقل أو التجارة. تبدأ تحديات إدارة السلع القابلة للتلف من المصدر، حيث يجب على المزارعين والمنتجين ضمان حصاد منتجاتهم ومعالجتها وتعبئتها بشكل صحيح للحفاظ على جودتها».

ويتمثل أحد أكبر التحديات في إدارة السلع القابلة للتلف في الحفاظ على سلسلة التبريد، وهي سلسلة التوريد التي يتم التحكم في درجة حرارتها والتي تضمن جودة وسلامة السلع القابلة للتلف.

وتعد إدارة المخزون تحدياً رئيسياً آخر في التعامل مع البضائع القابلة للتلف. نظراً لأن هذه المنتجات لها فترة صلاحية محدودة، فمن المهم إدارة المخزون بعناية لتجنب الإفراط في التخزين أو نقص المخزون. يمكن أن يؤدي الإفراط في التخزين إلى التلف، في حين أن نقص المخزون يمكن أن يؤدي إلى فقدان المبيعات وعدم رضا العملاء. ولإدارة المخزون بفعالية، يجب أن يكون لدى الشركات تنبّؤ دقيق بالطلب وأنظمة تخزين واسترجاع فعالة ومراقبة فعالة لتواريخ انتهاء صلاحية المنتج.

استخدام التكنولوجيا

وأدى الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا في نظام الإمداد الغذائي إلى تحسين سلامة الأغذية القابلة للتلف وجودتها. يمكن دمج أنواع مختلفة من التقنيات في نظام الإمداد الغذائي للتخفيف من المخاطر وزيادة الكفاءة وإدارة التعقيدات. علاوة على ذلك، أصبحت التقنيات الحديثة أكثر سهولة في الاستخدام، وتستخدم للأنشطة المختلفة في سلسلة التوريد الغذائي، مثل الزراعة والحصاد والتحضير والمعالجة والتعبئة والنقل وإدارة المخزون. تم اعتبار تحديد الترددات الراديوية (RFID) والملصقات الذكية طريقة سهلة للتنفيذ في تنسيقات التغليف الحالية. على سبيل المثال، يمكن استخدام علامات RFID (تحديد التردد اللاسلكي) لتتبع موقع ودرجة حرارة المنتجات في جميع مراحل سلسلة التوريد.

أهمية البيانات

وأضافت نصار قائلة: «يمكن دمج البيانات التي تم جمعها من هذه الأجهزة في نظام إدارة الخدمات اللوجستية للشركة لتوفير رؤية وشفافية في الوقت الفعلي لأصحاب المصلحة. كما يمكن أن يساعد ذلك فريق اللوجستيات على تحديد المشكلات المحتملة بشكل استباقي واتخاذ تدابير وقائية، لتجنب التأخير أو تلف السلع القابلة للتلف».

ويعد استخدام تقنية البلوك تشين مثالاً آخر على إنشاء سلسلة توريد آمنة وشفافة. باستخدام تقنية البلوك تشين، من الممكن تتبع عملية سلسلة التوريد بأكملها، من نقطة الانطلاق إلى نقطة الوصول، ما يضمن التعامل مع البضائع القابلة للتلف بشكل مناسب أثناء النقل. تقدم التقنية حساباً غير قابل للتغيير لكل مرحلة في سلسلة التوريد، والتي تتضمن تسجيل مستويات درجة الحرارة والرطوبة أثناء النقل والتخزين.

إدارة التعقيدات اللوجستية

وتقول نصار: «تتطلب إدارة التعقيدات اللوجستية للسلع القابلة للتلف تخطيطاً وتنسيقاً وتنفيذاً دقيقاً. يجب أن تضمن الشركات الحفاظ على سلسلة التبريد طوال سلسلة التوريد، وإدارة المخزون بفعالية، والاستفادة من التكنولوجيا لتحسين الرؤية والتحكم في العملية. من خلال مواجهة هذه التحديات، يمكن للشركات ضمان جودة وسلامة منتجاتها، وتقليل الخسائر وزيادة رضا العملاء. أيضاً، يستمر الابتكار في سلسلة التوريد في التطور، حيث يدرس الأكاديميون والعلماء باستمرار ويطورون العمليات بناءً على التعليقات الواردة من الصناعة».

ظروف تخزين مستدامة

بدوره، قال مصطفى صابر، الخبير في عمليات شحن المواد الغذائية القابلة للتلف: «إن السلع القابلة للتلف مثل المواد الغذائية، تتدهور وتفسد إذا لم يتم تخزينها في الظروف المحددة التي يتم التحكم في درجة حرارتها مثل الخبز والفواكه والخضروات ومنتجات الألبان واللحوم والدواجن والمأكولات البحرية والأدوية، هي بعض الأمثلة على العناصر القابلة للتلف».

وتتطلب هذه السلع الغذائية ظروف تخزين مستدامة، خاصة عبر نقلها في حاويات نظيفة يمكن التحكم في درجة حرارتها للحفاظ على جودة هذه العناصر عند نقلها من مكان إنتاجها إلى السوق والعميل النهائي. وتحتاج جميع الأدوية الصيدلانية تقريباً إلى الحماية من أشعة الشمس المباشرة والرطوبة، إضافة إلى مكان تخزين بارد وجاف.

وأضاف أن تنسيق حركة هذه البضائع بين مستودع المورد والناقل والجمارك والسلطات الصحية والعميل ليس بالأمر السهل، أي حسابات خاطئة يمكن أن تؤدي إلى خسائر فادحة لأصحاب المصلحة.

ويمكن استخدام تقنيات مختلفة مثل تحديد التردد اللاسلكي (RFID) وتتبع الشحن وما إلى ذلك لتتبع الشحنة والتخطيط وفقاً لذلك.

وتساعد مستشعرات وأجهزة مراقبة درجة الحرارة والرطوبة في اكتشاف تعطل معدات التبريد في الطريق واتخاذ الإجراءات الفورية اللازمة لحماية البضائع.

ربط سلاسل الإنتاج

وتؤكد شركة «سرماغوستر فيرا» العالمية للعمليات اللوجستية على أن صناعة الأغذية في العالم قد شهدت تحولات كبيرة، لاسيما خلال عمليات النقل التي تعد أحد التحديات المستمرة التي تواجها سلاسل الإنتاج والتوريد والمصانع.

ولأن معظم المنتجات الغذائية المنتجة في المصانع والمزارع تكون حساسة لدرجات الحرارة المفرطة، لذا أفرزت صناعة اللوجستيات فكرة استخدام الحاويات والسيارات المبردة والمضادة للحرارة وجيدة التهوية، لبعض المواد وغيرها مثل وحدات التبريد والتي تراعي ظروف بيئية معينة.

وتتطلب خطوة نقل الأغذية عمليات حساسة مثل استمرار التحقق من درجة الحرارة وظروف التخزين للمنتجات، واتخاذ تدابير معينة في حالة وجود مشاكل. في حالة حدوث أي إهمال في هذه المرحلة، قد تواجه المنتجات الغذائية مشاكل وتفقد استهلاكها.

ومن بين النقاط المهمة المتعلقة بمرحلة التوزيع، هي منع التلوث البيئي من دخول الحاوية، والحفاظ على درجة الحرارة والظروف البيئية المناسبة للمنتجات والتسليم السليم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yppevyya

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"