لبنان والتسوية الرئاسية

00:57 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج

يونس السيد

بعد أكثر من ستة أشهر على انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، لا يزال لبنان يرزح تحت عبء الفراغ الرئاسي محملاً بأعباء أخرى ناجمة عن سلسلة الانهيارات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، علاوة على عبء النزوح الذي تحول إلى نوع من المزايدات بين القوى السياسية المختلفة لحشد الشارع اللبناني.

 منذ ذلك التاريخ، أخفق البرلمان اللبناني 11 مرة في انتخاب رئيس للبلاد، بفعل الاستقطاب والكيدية السياسية المستندة إلى موروث طائفي يتحكم بإنتاج النظام، ويجعل من لبنان أسيراً للتوافقات الإقليمية والدولية، وبفعل غياب الأغلبية البرلمانية التي أنتجتها الانتخابات النيابية الأخيرة، والتي تمنع إيصال مرشح أي كتلة منفردة إلى سدة الرئاسة. وبالتالي فقد طالت مدة الفراغ، رغم حاجة اللبنانيين الماسة لانتشالهم من قعر الهاوية التي وجدوا أنفسهم فيها، ما لم يتم وضع القوى والأحزاب السياسية في «طنجرة الضغط» لدفعها إما إلى التوافق، أو تغيير المعادلات الداخلية لصالح تسوية رئاسية لا بدّ من الوصول إليها مهما طال الفراغ أم قصر.

 وبما أن الضغط يأتي من الخارج، كما هو معروف، فلن يطول الأمر حتى تجد القوى السياسية نفسها أمام لحظة الحقيقة، خصوصاً أن معظم القوى اللبنانية مرتبطة بالخارج، وأن هذا الخارج قد حسم أمره، على ما يبدو، بإمهال هذه القوى حتى منتصف يونيو/حزيران المقبل كحد أقصى لانتخاب رئيس جديد للبلاد. 

 صحيح أن الخارج لم يعلن مرشحاً بعينه للتوافق عليه، وإن كان ضمناً قد استقر على دعم رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، إلا أن القوى المعارضة له، تجد نفسها أمام خيارين، إما الرضوخ للأمر الواقع والذهاب لانتخاب أو تأمين النصاب الدستوري لانتخاب فرنجية، وفي هذه الحال، فإنها ستخسر قاعدتها الشعبية كما تعتقد، أو أنها ستعمد إلى الامتناع عن تأمين النصاب اللازم، وبالتالي منع فرنجية من الوصول إلى سدة الرئاسة، وعندها ستفقد دعم الخارج الذي لا غنى عنه في تأمين إيصال أي مرشح لها. وفي الخلفية يظل ماثلاً شبح الخيار الثالث وهو استمرار الفراغ الرئاسي الذي يتناقض مع رغبة اللبنانيين والمجتمع الدولي والقوى الإقليمية والدولية الفاعلة في وضع حد للأزمات المستعصية، عبر انتخاب رئيس وتشكيل حكومة أصيلة قادرة على القيام بالإصلاحات وتلبية مطالب المجتمع الدولي للحصول على المساعدات، وإطلاق عجلة الاقتصاد والتنمية سبيلاً للخروج من الأزمات والانهيارات المتتالية. 

 الأسوأ هو أن القوى المعارضة لانتخاب فرنجية لا تستطيع الاتفاق على مرشح بعينه لمواجهة فرنجية، بعد أن سقط رهان جزء منها على انتخاب النائب ميشال معوض، لأن ما يفرقها أكثر مما يجمعها، وحتى في حال التوافق على مرشح بعينه فإنها لن تتمكن من إيصاله إلى سدة الرئاسة بسبب ثبات القوى الداعمة لفرنجية على موقفها وعدم استعدادها لتأمين تغطية لأي مرشح آخر. ومن هنا تبرز أهمية التسوية الرئاسية كضرورة حتمية لإنهاء الفراغ الرئاسي والحكومي، ولنا في تسوية عام 2016 التي أتت بميشال عون رئيساً للجمهورية عبرة لمن أراد أن يعتبر.

younis898@yahoo.com

عن الكاتب: