عادي

البرهان: لم نستخدم كامل قوتنا.. والأمم المتحدة تحذر من «مجاعة» بالسودان

بعد تمديد الهدنة.. جدل بشأن هدوء الاشتباكات وتصاعدها

21:21 مساء
الصورة
الصورة

الخليج - متابعات

بعد إعلان السعودية والولايات المتحدة الاثنين عن نجاح وساطتهما في تمديد اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، الذي وقّعاه في 20 مايو/أيار، لمدة خمسة أيام، سادت حالة من الأمل والتفاؤل لدى سكان في الخرطوم بإمكانية وصول المساعدات الإنسائية إليهم، حيث من المقرر أن يتيح التمديد الوقت لمزيد من المساعدات الإنسانية، واستعادة الخدمات الأساسية، ومناقشة احتمال التمديد لفترة أطول، حسب بيان التمديد الصادر عن الرياض وواشنطن.

وفيما حذرت الأمم المتحدة من أن استمرار الحرب في السودان قد يدفعها إلى قائمة الدول المهددة بمجاعة قريبة، علاوة على أن موسم الأمطار الذي يحمل معه أوبئة عدة، من الملاريا إلى الكوليرا سيبدأ قريباً. انطلقت نداءات لتسليح المدنيين «لحماية الممتلكات».

وفي ظهور مفاجئ، قال قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، بمقطع فيديو الثلاثاء، إن «القوات المسلحة لم تستخدم بعد كامل قوتها المميتة، لكنها ستضطر إلى ذلك إذا لم ينصع» الطرف الآخر في الصراع «ويستجيب لصوت العقل»، على حد قوله.

  • هدوء أم تصعيد؟

تضاربت الأنباء بعد دخول الهدنة يومها الأول بعد التمديد بشأن هدوء الاشتباكات وتصاعدها.

فوفقاً ل «رويترز» قال سكان في العاصمة السودانية الخرطوم إن الاشتباكات هدأت الثلاثاء، لكن كان بالإمكان سماع دوي إطلاق النيران في بعض المناطق، وذلك بعد اتفاق طرفي الصراع، الذي اندلع قبل أكثر من ستة أسابيع، على تمديد وقف إطلاق النار للسماح بوصول المساعدات للمدنيين.

وقالت هند صابر (53 عاماً) وهي من سكان الخرطوم: «نتمنى أن تنجح هذه الهدنة، حتي تقف الحرب قليلاً ونستطيع العودة لحياتنا الطبيعية. لدينا أمل في الهدنة، ولا توجد خيارات أخرى».

وقبل ساعات من توقيع تمديد وقف إطلاق النار، تحدث سكان عن اندلاع قتال عنيف في مدن الخرطوم وأم درمان وبحري، التي تشكل معاً ولاية الخرطوم ولا يفصلها عن بعضها بعضاً سوى ضفاف النيل المتقابلة.

وأفاد سكان باندلاع قتال بعد ظهر الثلاثاء بالقرب من قاعدة عسكرية في جنوب الخرطوم.

وتسبب الصراع في نزوح ما يقرب من 1.4 مليون شخص من ديارهم، ومن بينهم ما يربو على 350 ألف شخص عبروا الحدود إلى بلدان مجاورة.

وتعرضت مناطق في العاصمة لأعمال نهب كبيرة وتعاني انقطاعاً متكرراً للكهرباء والمياه. وتوقفت معظم المستشفيات عن العمل.

حيث لم تعد المياه الجارية تصل إلى بعض مناطق الخرطوم ولا تتوافر الكهرباء إلا بضع ساعات في الأسبوع، كما باتت ثلاثة أرباع المستشفيات خارج الخدمة.

أما المستشفيات التي تواصل عملها فلديها القليل من المستلزمات الطبية والأدوية، كما أنها مضطرة لشراء الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء بعشرين ضعف سعره الأصلي.

وتطالب المنظمات الإنسانية منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من نيسان/أبريل، بتوفير ظروف أمنية تتيح لها الوصول إلى الخرطوم ودارفور من أجل تزويد المخازن التي نهبت أو دمرت بسبب القتال، بحسب «فرانس برس».

لكن تلك المنظمات لم تتمكن حتى الآن إلا من إيصال كمية صغيرة جداً من الأدوية والأغذية، إذ إن العاملين فيها لا يستطيعون التحرك بسبب المعارك، في حين أن شحنات المساعدات التي وصلت جواً لا تزال عالقة لدى الجمارك.

وباتت بعض مناطق دارفور معزولة تماماً عن العالم من دون كهرباء أو انترنت أو هاتف ويقول نشطاء سودانيون إنهم يخشون الأسوأ.

ونقلت الأمم المتحدة وبعض وكالات الإغاثة وسفارات وإدارات من الحكومة المركزية السودانية عملياتها إلى بورتسودان بولاية البحر الأحمر السودانية، وهي مركز رئيسي للشحن شهد قليلاً من الاضطرابات.

وأفادت اللجنة الأمنية بالولاية الثلاثاء، أنها ألقت «القبض على عدة خلايا نائمة قالت إنها تسللت من الخارج»، وحذرت من أن «عناصر متمردة تأتي للولاية لتنفيذ بعض الأعمال».

وأضافت: «ننتهز الفرصة لتقديم الشكر لمواطني ولاية البحر الأحمر للتعاون التام الذي تم، والتبليغ الفوري بوجود هذه العناصر المتمردة وعملائهم داخل الأحياء»، لكنها لم تحدد هويتهم، وفقا ل «رويترز».

  • فجوة عميقة

وذكرت «فرانس برس» أن الحرب التي أوقعت أكثر من 1800 قتيل، وفقاً لمنظمة أكليد، وأكثر من مليون ونصف مليون نازح ولاجئ، بحسب الأمم المتحدة، تستمر في حصد الضحايا وترغم مزيداً من الأسر على ترك منازلهم.

وتابعت أنه ليل الاثنين الثلاثاء، أكد مواطنون ل «فرانس برس» استمرار المعارك في الخرطوم وفي نيالا بإقليم دارفور في غرب السودان الذي سبق أن شهد حرباً أهلية في العقد الأول من القرن الحالي.

وكتب المحلل المتخصص في القرن الإفريقي رشيد عبدي على حسابه على موقع تويتر الثلاثاء: «لا يوجد وقف إطلاق نار في السودان»، في إشارة إلى تواصل القتال.

وأَضاف: «هناك فجوة عميقة بين الواقع على الأرض في السودان والدبلوماسية في جدة»

وتبادل الجيش الذي يقوده الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو، الاتهامات بخرق الهدنة ويقول كل طرف إنه يرد على هجمات الخصم.

وبحسب تقرير الثلاثاء، للمجلس النرويجي للاجئين نقلته «فرانس برس»، فقد انتشرت أعمال «النهب والسرقة في الخرطوم، وجردت بعض المناطق بالكامل من الممتلكات».

وأشار المجلس إلى محاولته القيام بعمليات توزيع للمواد الغذائية: «لكننا نواجه تحديات بسبب انهيار النظام المصرفي وعقبات لوجستية أخرى»، مثل انقطاع الاتصالات وندرة النقد لشراء الإمدادات.

وأكد المجلس في تقريره: «لا تزال القصة كما هي.. يواجه الناس في السودان مرة أخرى العنف والنزوح».

وبحسب بيان الثلاثاء أفاد مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي بعد اختتامه زيارة إلى مصر بأنه «اضطر أكثر من 345,000 شخص للفرار مؤخراً من السودان، وتستضيف مصر حوالي نصفهم».

  • فيديو البرهان

ظهر قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، في مقطع فيديو الثلاثاء وهو يتفقد الجنود في بعض المناطق ويحييهم. قائلاً إن الجيش وافق على تمديد وقف إطلاق النار «لتسهيل انسياب الخدمات للمواطنين».

وقال في بيان إن: «القوات المسلحة لم تستخدم بعد كامل قوتها المميتة، لكنها ستضطر إلى ذلك إذا لم ينصع العدو أو يستجب لصوت العقل».

وأضاف أن: «جميع المناطق والفرق لا تزال محتفظة بكامل قواتها بعد أن بسطت سيطرتها على جميع أنحاء البلاد».

  • مساعدات الأطفال

من جهتها قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن أكثر من 13.6 مليون طفل في السودان في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية الضرورية للحفاظ على حياتهم. ويبلغ عدد سكان السودان 49 مليون نسمة.

وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن «17 ألف طن متري من المواد الغذائية نُهبت منذ بدء الصراع. ويتوقع البرنامج أن ينزلق ما يصل إلى 2.5 مليون شخص في السودان إلى دائرة الجوع في الأشهر المقبلة».

وقال البرنامج الاثنين إنه بدأ توزيع المواد الغذائية في مناطق بالعاصمة لأول مرة منذ اندلاع القتال.

  • دعوات التسلح

انطلقت في السودان نداءات لتسليح المدنيين «لحماية الممتلكات»، وخصوصاً في درافور، وقال مواطن من هذه المنطقة الواقعة عند الحدود مع تشاد لوكالة فرانس برس: «في الوضع الحالي، ينبغي أن نتسلح، لأن الجميع في خطر، الناس يجدون أنفسهم وحدهم في حين تتم مهاجمتهم في بيوتهم التي تتعرض للنهب».

غير أن مواطناً آخر يرى أن دعوة المدنيين إلى حمل السلاح أمر «غير مسؤول بتاتاً وهي دعوة خطرة يمكن أن تقودنا إلى الحرب الأهلية».

ويخشى جنوب السودان وتشاد وإثيوبيا ودول أخرى مجاورة امتداد عدوى الحرب إليها وتطلب مساعدات من الأمم المتحدة التي تؤكد أنها لم تحصل إلا على القليل من الأموال من مموليها.

الاثنين، حذرت الأمم المتحدة من أن استمرار الحرب قد يدفع السودان إلى قائمة الدول المهددة بمجاعة قريبة.

وخلال بضعة أيام سيبدأ موسم الأمطار الذي يحمل معه أوبئة عدة، من الملاريا إلى الكوليرا.