عادي
ألما تاديما أبرز فناني القرن ال 19

عناق الشعر والموسيقى في (سافو وألكايوس)

15:23 مساء
قراءة 4 دقائق
سافو وألكايوس

الشارقة: عثمان حسن

السير لورانس ألما تاديما (1836 – 1912) ولد في قرية صغيرة في فريزلاند شمال هولندا، انتقلت عائلته في 1838 إلى بلدة ليوواردن القريبة، وتوفي والده عندما كان لورنس في الرابعة من عمره، وترك والدته مع خمسة أطفال. كانت والدته ذات ميول فنية وقررت إدراج دروس الرسم في تعليم الأطفال. وتلقى لورنس أول تدريب فني له مع خبير رسم محلي تم تعيينه لتعليم إخوته غير الأشقاء الأكبر سنا.

1
لورنس تاديما

وفي عام 1852 التحق تاديما بالأكاديمية الملكية في أنتويرب، فدرس الفن الهولندي والفلمنكي تحت إشراف إيجيد تشارلز جوستاف، وخلال أربع سنوات استطاع أن يسجل في الأكاديمية الفنية، فاز بالعديد من الجوائز المرموقة وهو شاب يافع، وفي نهاية 1855، أصبح مساعداً لأستاذه الرسام جان دي تاي، الذي تفاعل مع دوراته المتنوعة في التاريخ، وبخاصة الأزياء التاريخية التي كان يلقيها في الأكاديمية. وعلى الرغم من أن دي تاي لم يكن رساماً بارزاً إلا أن تاديما كان يحترمه فعمل معه ثلاث سنوات. عرّفه دي تاي على الكتب التي أثّرت في رغبته في تصوير مواضيع تتحرى الدقة التاريخية، وهي سمة اشتهر بها الفنان، كما نجده في واحدة من لوحاته الشهيرة وهي بعنوان (سافو وألكايوس).

غادر تاديما ستوديو دي تاي في نوفمبر/ تشرين الثاني 1858، حيث بدأ العمل مع الرسام البارون جان أوغست هندريك، الذي كان يمتلك أحد أكثر استوديوهات الفن شهرة في بلجيكا. وتحت إشرافه رسم أول عمل رئيسي له بعنوان «تعليم أطفال كلوفيس» (1861). أثارت هذه اللوحة ضجة كبيرة بين النقاد عندما عرضت في أنتويرب في بلجيكا، ويقال إنها كانت السبب الرئيسي في شهرة تاديما الفنية، والنقد الذي وُجه للوحة دفعه إلى تحسين أسلوبه ليصبح الرسام الأول في العالم للرخام وجميع أنواع الجرانيت.

تنقل تاديما بين فلورنسا وروما ونابولي وبومبي، وفي إيطاليا طور اهتمامه بتصوير حياة اليونان القديمة، وخلال صيف عام 1864، التقى تاديما إرنست جامبارت، تاجر الأعمال الفنية الأكثر نفوذاً، والمنتج الفني في القرن التاسع عشر. أعجب جامبارت بشدة بأعمال تاديما، الذي كان منهمكاً في رسم لوحة «لاعبي الشطرنج المصريين» (1865). تعرف التاجر في الحال إلى موهبة غير اعتيادية للرسام الشاب، فطلب منه 24 لوحة، ورتب لعرض ثلاث لوحات منها في لندن. وفي عام 1865، انتقل تاديما إلى بروكسل حيث حصل على لقب فارس من وسام ليوبولد الأول.

*إشراق

وصل تاديما إلى لندن في بداية 1870، حيث أصبح واحداً من أشهر الفنانين في عصره، وكانت لوحاته تباع بأعلى الأثمان، وبحلول 1871، صادق معظم الرسامين الرئيسيين في فترة ما قبل الرفائيلية، ويرجع ذلك جزئياً إلى تأثيرهم الذي جعل الفنان يسعى ليقدم لوحات مشرقة، وفي 1873، أصبح فناناً يتمتع بحقوق المواطنة البريطانية، فيما كان في السابق يتجول بين بروكسل وألمانيا وإيطاليا. وفي إيطاليا كان قادراً على استعادة الآثار القديمة مرة أخرى، فابتاع مجموعة من الرسومات التاريخية فأصبح لديه أرشيف هائل من الأوراق التي تحتوي على وثائق لرسومات تاريخية ساعدته على إنجاز العديد من لوحاته خلال مسيرته الفنية، وفي 19 يونيو/ حزيران 1879، حصل تاديما على لقب أكاديمي كامل، وهي أهم جائزة شخصية له، وبعد ثلاث سنوات، نظم معرض استعادي كبير لأعماله بأكملها في معرض «جروسفينور» في لندن.

«سافو وألكايوس» هي لوحة زيتية على القماش، تعود لعام 1881، أنجزها تاديما خلال تواجده في لندن، وقد وجد سوقاً بين الطبقات الوسطى الثرية للوحات التي تعيد خلق مشاهد من الحياة المحلية في العصر الروماني الإمبراطوري، ومع ذلك، فتاديما في هذه اللوحة يتجه إلى اليونان المبكرة من خلال فقرة مستوحاة من الشعر اليوناني القديم (330 قبل الميلاد)، حيث تستمع الشاعرة سافو ورفيقاتها بحماس لعزف الشاعر ألكايوس على القيثارة، فيما تظهر سافو، وهي تسند ذراعها إلى وسادة عليها إكليل من الغار، والحفلة كما يبدو مخصصة للفنانين.

واللوحة، بحسب المصادر، تحاول تفسير أحد المقاطع الشعرية القديمة، سجله أثينيوس في كتابه (مأدبة الفلاسفة)، وكان أثينيوس فناناً ونحوياً يونانياً عاش في نهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث الميلادي.

تقنيات الرسم التي استخدمها تاديما في اللوحة، هي عبارة عن أصباغ ملونة مخلوطة بمواد زيتية، وقد اعتنى بتصميم المنصات الخاصة بالمتفرجين باستخدام كميات قليلة من الطلاء، واهتمامه الشديد بإبراز التفاصيل كان الغرض منه تقديم عمل فني يوازن بين المشاعر الإنسانية ومحاولة إقناع المستمعين من الجمهور ونخبة المثقفين والفنانين، على حد سواء، وفي هذه اللوحة يلفت تاديما الانتباه إلى سافو وألكايوس بخلفية محايدة وتفاصيل واضحة، حيث برزت المقاعد الرخامية البيضاء في صف مستوحى من مسرح ديونيسوس في أثينا، لكن تاديما استبدل الاسم الأصلي للنقش الأثيني بأسماء صديقات سافو. وفي الخلفية، يمكن رؤية بحر إيجه من خلال الأشجار.

عرضت اللوحة في الأكاديمية الملكية عام 1881، وقام جون إيفريت ميليه بتفحصها، وقد أشاد النقاد باللوحة التي اقتناها ويليام تومسون والترز من بالتيمور، وعند وفاته عام 1894 ورثها ابنه هنري والترز، الذي تركها لمتحف والترز للفنون بعد وفاته في 1931.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5ftkd983

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"