العداء الأوروبي لسوريا

00:48 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

موقف دول الاتحاد الأوروبي المعادي لسوريا، لا يمكن تبريره إلا في إطار السياسة الأمريكية المعلنة تجاه دمشق منذ عام 2011، والتي تمثلت بسلسلة من قرارات المحاصرة الاقتصادية والسياسية، وكان «قانون قيصر»، الذي فُرض عام 2019 ذروة قرارات معاقبة الشعب السوري؛ حيث أرخى بتداعياته الكارثية على الأوضاع الحياتية والمعيشية والاقتصادية.

 إن «قانون قيصر» وأمثاله من القوانين التي فُرضت على سوريا وغيرها من الدول، هي في الواقع إجراءات عقابية، لعدم الامتثال للسياسات الأمريكية، وليس لأي شيء آخر له علاقة بحقوق الإنسان والديمقراطية وغيرها من الكليشيهات الإنسانية، لأن الولايات المتحدة هي آخر دولة يحق لها الحديث عن مثل هذه القيم؛ ذلك أن سلوكها على مدى التاريخ الحديث ضد الشعوب الأخرى، يمثل نقطة سوداء في سلّم القيم والأخلاق والإنسانية.

 أما دول الاتحاد الأوروبي التي كانت شريكة للولايات المتحدة في الحرب على سوريا من خلال ما قدمته من دعم مادي وإعلامي ولوجستي للجماعات المسلحة، وتصدير الآلاف منهم إلى سوريا، فلها حساباتها هي الأخرى من خلال الخضوع للإملاءات الأمريكية التي ترى في سوريا خصماً إقليمياً، نظراً لعلاقاتها الخاصة والمميزة مع روسيا «العدو اللدود» للدول الغربية.

 خلال المؤتمر السابع للدول المانحة الذي احتضنته بروكسل يوم أمس الأول، والذي تعهد بمساعدات إضافية بقيمة 10.3 مليار دولار، لإغاثة اللاجئين السوريين،  كشف مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن سياسة أوروبية منحرفة عن الواقع في تعاطيها مع الوضع في سوريا، ولا تراعي التطورات الإيجابية في الداخل السوري وفي علاقات سوريا العربية والإقليمية.

 يرى بوريل أن التطور نحو حل سلمي دائم في سوريا «وصل إلى طريق مسدود»، كما اعترض على عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وتطبيع العلاقات بين سوريا والدول العربية، وكذلك المبادرات بين دمشق وأنقرة، وقال: إن ذلك «ليس الطريق الذي سيختاره الاتحاد الأوروبي». ثم أن بوريل لا يرى من وجهة النظر الغربية والأوروبية تحديداً، ما هو إيجابي في المسألة السورية؛ لذلك «لا وجود لظروف تستدعي تغيير سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا»؛ بل هو زاد على ذلك، قائلاً: «سنواصل فرض العقوبات على النظام السوري».

 إن مثل هذه المواقف التي لا تراعي الظروف الإنسانية للشعب السوري من جهة، ولا القرارات السيادية للدول الأخرى في إقامة العلاقات مع دمشق، ولا حق سوريا في العودة إلى الجامعة العربية كمنظمة إقليمية تشكل بيتاً لكل العرب، وكركيزة للنظام العربي من جهة أخرى، فيها شيء من نكران الحقيقة، والخروج على أبسط العلاقات الدولية في الاعتراف بحق الآخر في خياراته السياسية، ثم هي إغراق في التماهي مع السياسة الأمريكية التي تمارس مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة» بكل الصور والأشكال، من دون قيود أخلاقية أو شروط إنسانية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y9s9fsee

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"