عادي

جدل في ألبانيا بسبب مشروع بناء مطار على البحر الأدرياتيكي

18:24 مساء
قراءة 3 دقائق
البحر الأدرياتيكي

ألبانيا (أ ف ب)

على السواحل الألبانية، وفي منظر مُذهل لإحدى البحيرات، تتنقل آلاف الطيور المائية في موئلها ذي اللون الأزرق السماوي، بينما ينكبّ عمّال في منطقة مجاورة، على أعمال حفر في موقع مُخصص لإقامة مطار.

وتحتج منظمات بيئية غير حكومية على خطة السلطات في بناء ثالث مطار في ألبانيا على شواطئ البحر الأدرياتيكي، وسيمثل مطار فلورا الذي تقول المنظمات إنه يُقام في منطقة محمية، «تهديداً خطراً» على مجموعات طيور النحام الوردي والبجع البلقاني وأنواع مهاجرة أخرى تتخذ من هذه المنطقة موئلاً.

وتؤكد الحكومة التي تنسجم في الرأي مع السكان المحليين، أن البنية التحتية ضرورية لإحراز تقدّم في القطاع السياحي وزيادة عدد الوظائف في بلد يهاجر سكانه بأعداد كبيرة بسبب الفقر والبطالة. وتشدد على أن الموقع يمتثل لكل القواعد البيئية، وأن الطيور لن تتعرض لأي إزعاج.

وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، يقول زيديون فورسبي من المنظمة الألبانية غير الحكومية لحماية البيئة الطبيعية (بي بي إن آي إيه): «إن هذا المشروع يتعارض مع قوانين الطبيعة»، مشيراً إلى أن بناء بنية تحتية شاسعة كهذه في منطقة معروفة عالمياً بتنوعها البيولوجي الاستثنائي، يعني سد الطريق أمام الطيور، والتسبب في مشاكل كبيرة للسكان المحليين وأخرى على المستوى العالمي.

وتَعبُر ملايين الطيور سنوياً بحيرتي نارتا وكارافاستا، في هجرة أساسية بين شمال أوروبا والقارة الإفريقية.

ويشير علماء البيئة إلى أن المطار سيقلّص بصورة كبيرة موائل الحيوانات والنباتات، فيما ستضر حركة الطيارات بهجرة الحيوانات وتكاثرها، وستسيء بشكل دائم للنظام الإيكولوجي المذهل. ويقول المتخصص في التنوع البيولوجي نيكو دوماني لوكالة فرانس برس: «بدأنا نلاحظ قلقاً يظهر على عدد من الأنواع».

خنادق المطار -

وتُعدّ بحيرة نارتا الواقعة على بعد ساعتين ونصف بالسيارة جنوب تيرانا ومستنقعاتها، موئلاً لأكثر من مئتي نوع من الطيور، 33 منها مدرجة في القائمة الحمراء للنباتات والحيوانات الألبانية المهددة بالانقراض.

وراهناً، لا يعكر صفو المكان سوى خرير المياه ونعيق طيور «أبو المغازل السوداء» وغيرها من الطيور الجميلة. ويمثل المكان مصباً لفيوسيا، أحد آخر الأنهر البرية في أوروبا، والمصنّف من السلطات متنزهاً وطنياً.

لكن على بعد خمسة كيلومترات إلى الشمال، تحفر آلات البناء خنادق لإقامة مطار «فلورا» الدولي الذي سيشكل محطة ساحلية كبيرة في المنطقة.

وكانت أعمال بناء المطار المسؤولة عنها شركة «مابكو كونستراكشن» السويسرية، انطلقت في نهاية عام 2021. وتشير تيرانا إلى أن المطار الذي تبلغ كلفته 104 ملايين يورو، سيستوعب مليوني مسافر سنوياً اعتباراً من سنة 2025.

خطر اصطدام الطيور بالطائرات

وتنفي الحكومة أن المطار المستقبلي يُقام في المنطقة المحمية فيوسا-نارتا، مؤكدةً أنها استشارت أفضل خبراء البيئة.

ويقول رئيس الوزراء إيدي راما: «إن المطار سيُبنى على أي حال، وسيكون قيمة مضافة للمنطقة، ولن يشكل بأي حال من الأحوال تهديداً للنظام الإيكولوجي».

وتردّ السلطات على المنظمات غير الحكومية التي تشير إلى مخاطر اصطدام الطيور بالطائرات، بالتشديد على أن المطار سيستوفي مختلف شروط السلامة.

وتوكد السلطات أن المطار سيوفر 1500 فرصة عمل مباشرة، ويشجع السياحة في بلد يبلغ معدل البطالة لدى مَن هم دون الثلاثين 20%، فيما يصل متوسط الدخل فيه إلى 560 يورو.

وينتظر السكان ال1500 لأكيرني، وهي منطقة فقيرة جداً سيُقام فيها المطار، بفارغ الصبر، الانتهاء من أعمال البناء، آملين في زيادة نسبة السياح في المنطقة.

وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، يقول توكلي هيسا (70 عاماً) المقيم في قرية أُفرغت من سكانها بسبب الهجرة: «أعتقد أن بناء المطار هو استثمار جيد لتنمية هذه المنطقة، ومسألة مهمة لمستقبل أبنائنا ولحياة أفضل هنا».

ولكن المنظمات غير الحكومية تتخوّف من تسجيل أعداد سياح كبيرة جداً في المنطقة، وهو ما سبق أن حصل في إحدى المناطق الساحلية، فضلاً عن بناء منتجعات ومبانٍ أخرى مطلة على البحر في فلورا ومدينة دوريس الساحلية الكبيرة.

ويشير الخبراء إلى أن التمدّن والصيد الجائر والتغير المناخي تحمل آثاراً سلبية على أعداد الطيور المهاجرة.

ولاحظوا في عام 2022 انخفاضاً بنسبة 25% سنوياً في أعداد الطيور المائية في مستنقعات ديفياكا كارافاستا.

ويرى أورنولد بازاي، وهو صاحب وكالة متخصصة في السياحة البيئة، أن المطار سيُدمّر مصدر أرباح مستقبلية وفيرة لتحقيق مكاسب فورية بسيطة في بلد استقبل خلال العام الفائت 7.5 مليون سائح.

ويقول «ستُسجَّل نتائج إيجابية على المدى القصير، لكن على المدى البعيد سيدمر المطار البيئة وبالتالي السياحة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ynwje6vb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"