عادي
لرفع الكفاءة والحد من التحايل في الإجازة المرضية

«العمل عن بعد».. إداريون يحللون نقاط القوة والضعف

23:07 مساء
قراءة 5 دقائق
الإرهاق الجسدي من العمل يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الانتاجية
دبي: حازم حلمي

بعد مضي 3 سنوات على الإغلاقات التي تسببت بها جائحة «كوفيد-19»؛ وأغلقت حينها الشركات والمؤسسات والمصانع أبوابها، ومنعت الحركة والتنقل، حيث لجأت دول إلى سياسة جديدة بالتحول إلى نموذج «العمل عن بعد»، وهو النموذج الذي حقق الفائدة والمنفعة لدى الكثير من قطاعات الأعمال، وفور العودة إلى الحياة الطبيعية، تزامناً مع فتح الأنشطة الاقتصادية، ومع عودة الموظفين إلى مكاتبهم، سجلت شركات تراجعاً حاداً في طلب الإجازات المرضية، وهو ما كان متوقعاً بعد أن غاب الناس عن أعمالهم لأشهر كثيرة.

عادة، يكون طلب بعض الموظفين إجازة مرضية أو غير مرضية، لأسباب عدة، إما بسبب أعراض مرضية حقيقية، أوالخوف من نقل العدوى، أو لظروف أسرية قاهرة، أو غيرها من الأمور الشخصية، لكن قلّ التغيب عن العمل لدواعي المرض مؤخراً، علماً بأن بعض الموظفين يتغيب عن العمل، من دون وجود أية أعراض، أو توعكات ظاهرة عليه.

بدأت حديثاً بعض الشركات في إعادة النظر في سوء استخدام موظفيها لقضية العمل عن بعد، وألغت الكثير من الإجازات المرضية، بعدما تبين عدم صحة الإجازة التي قدمت من الموظف المعني، كما أن العمل الدائم عن بعد قد يكلف الشركات الكثير من الخسائر -لا نقصد الخسائر المادية-، بل إن العمل عن بعد يوفر كثيراً من الأموال على الشركة والموظف، أبرزها، المعلومات الحساسة التي قد تكون في لدى الموظف، ومن خلال الاختراقات المتكررة، قد يحصل المحتالون على معلومات سرية وحساسة للغاية من خلال الدخول إلى الشبكة المنزلية لهذا الموظف، والتي توجد على جهازه الشخصي.

الصورة

 

شركة حكومية في دبي، قررت التغلب على هذه المعضلة، ومنحت موظفيها شهراً في العام للعمل عن بعد، على أن يكون الشهر متفرقاً على أسابيع، للتغلب على استغلال بعض الموظفين عوالتلاعب الخاطئ بإجازة العمل عن بعد، وبالتالي يحصل الموظف على شهرين للإجازة، الأول إجازة رسمية، والثاني للعمل من أي مكان آخر، سواء داخل الدولة، أو خارجها.

حاورت «الخليج» العديد من الشركات والمؤسسات التي تتبنى هذا النهج المرن اليوم، بين العمل عن بعد والدوام المكتبي، للحديث أكثر عن هذه القضية التي باتت تؤثر سلباً في تطور العمل المؤسسي لهم.

  • إنشاء حوافز للعمل

تقول إليزابيث رايمنت مديرة شركة «يور مايند ميديا» Your Mind Media: «فتح العمل عن بُعد الباب أمام الوصول إلى مجموعة أكبر من الموظفين الموهوبين، كما ساعد في جذب الكفاءات من جميع أنحاء العالم».

وأضافت: «إن اختيار بيئة عمل محددة، أو تفضيل بيئة على أخرى، يختلف من شخص لآخر، هذا بالنسبة للموظف، لكن من وجهة نظر الشركة، بالطبع هناك إيجابيات وسلبيات لكل منهما، فوجود الموظف في المكتب يسهم في تعزيز الثقافة القوية، ويجعل تعيين الموظفين الجدد أسهل، لكن في المقابل سوف نلاحظ أن العمل عن بُعد يمنح هؤلاء الموظفين مزيداً من المرونة والراحة، كما يوفر لهم أيضاً فرص التعيين في الشركات العالمية».

وأوضحت أنه بعد تطبيق الشركة العمل عن بُعد، سجلت الحد الأدنى من طلبات الإجازات المرضية التي غالباً لا تطلب إلا في الحالات الأشد احتياجاً، وفي معظم الحالات المرضية، تكون الأعراض خفيفة وبسيطة، وأحياناً قد تكون مزعجة، لكنها لا تصل إلى درجة عجز الموظف عن أداء مهامه، أوعدم رغبته في الحضور إلى الشركة، وأيضاً لا تمنعه من مواصلة العمل عن بُعد وإتمام مهامه بشكل كلي، أو جزئي.

وأكدت مديرة «يور مايند ميديا»، أنه من أجل التخفيف من آثار التحايل والأساليب الملتوية، يمكن للشركات وضع أهداف محددة واضحة وقابلة للقياس، ووضع برامج جيدة للتحفيز، وأن تتوافر لدى المؤسسات ثقافة صحية شاملة، يكون لها دور فعال في إنشاء الحوافز المناسبة للعمل، الذي يتعين إنجازه بالطريقة الصحيحة، وأيضاً الحد من الآثار السلبية للتحايل.

الصورة

 

  • انخفاض الطلب

يقول أحمد كتانة، المدير التنفيذي لإدارة رأس المال البشري وتطوير الكفاءات في مجموعة «التزام لإدارة الأصول»: «هناك عدة أسباب تدفع الموظف إلى إهمال مسؤولياته الوظيفية، منها انعدام النظام، وجود عوامل التشتيت، عدم وضوح الأهداف والتحديات من حيث الموازنة بين العمل والحياة الشخصية، ومع ذلك، فإن هذه الأسباب لا تقتصر على الموظفين الذين يعملون عن بعد فقط»، داعياً المؤسسات إلى تقديم توجيهات واضحة وتحديد مؤشرات أداء دقيقة عند تطبيق العمل عن بعد، وتوفير الدعم والإرشادات اللازمة لموظفيها لضمان معالجة هذه الصعوبات.

وكشف كتانة، أن المجموعة سجلت انخفاضاً في متوسط الطلب على الإجازات المرضية الشهرية بنسبة تزيد على 30% مقارنة مع الأشهر التي سبقت التطبيق بعد اللجوء للعمل عن بعد.

وأكد أن أسباب الانخفاض تعود إلى عوامل مختلفة منها، أن الموظفين أقل تعرضاً للاحتكاك ببعضهم بعضاً، ما يقلل من خطر الإصابة بالأمراض المعدية، وتقليص الحاجة إلى التنقل بين المنزل وجهة العمل، ما يؤدي إلى توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية، وتعمل الراحة الجسدية والعقلية الناتجة عن ذلك على تعزيز الحالة الصحية للموظف. أما في حال كان الموظف لا يستطيع الانفصال عن مقر العمل، فقد نرى تصاعداً في الطلب على الإجازات المرضية نتيجة للإرهاق والاستنزاف.

وقال كتانة: «قد لا يكون لدى الموظفين الذين يشعرون بضغوط نفسية أو توعكات جسدية أية أعراض بدنية واضحة، لذا فإن إجبارهم على زيارة الطبيب من أجل الحصول على شهادة إجازة مرضية، بدلاً من أخذ قسطٍ من الراحة، سيعود بالضرر أكثر من النفع، وسيترك آثاراً سلبية في صحة الموظف، وسيؤثر في كلفة شهادة التأمين الطبي».

  • التعب والإرهاق

ترى ليز جايمس، مدير تسويق عالمي في شركة CPT Markets أن الهدف من العمل عن بعد، خلال الجائحة، كان للحفاظ على سلامة الموظفين، ومتابعة العمل بعد ذلك، كما وفر العمل عن بعد مرونة أكبر للموظفين، وأتاح لهم توفير وقت أكثر للعمل وللحياة الشخصية، ما ساعد على تحسين التوازن الحياتي لهم.

تقول ليز جايمس: «قد تتسبب عديد العوامل في عدم إنجاز العمل عن بعد، من بينها، الشعور بالعزلة، غياب الأهداف، استراتيجية غير ملائمة للعمل عن بعد وغيرها، فمن اللازم أخذ العوامل الاجتماعية والشخصية في الاعتبار، إضافة إلى العوامل العملية».

  • عزل الموظف اجتماعياً

يمكن للعمل عن بعد أن يعزل الموظفين اجتماعياً، ما قد يؤدي إلى الشعور بالوحدة وانخفاض الروح المعنوية، ويؤثر بدوره في الإنتاجية، كما قد يجد بعض الأشخاص صعوبة في فصل الحياة العملية عن الحياة المنزلية، وقد يؤدي ذلك إلى العمل لساعات طويلة، وبالتالي إلى التعب والإرهاق، أو بالعكس، قد يؤدي إلى عدم القدرة على التركيز على العمل خلال ساعات العمل.

وأوضحت جايمس، أن العمل عن بعد غيّر ظروف الحياة بشكل كبير، ومكّن عديد الأشخاص من العمل بشكل مريح، وهذا قد يساعدهم على مواصلة النشاط المهني، بالرغم من الإصابة بمرض طفيف، لأنهم لا يحتاجون إلى التوجه إلى المكتب في الأغلب، وهذا يقلل من الطلب على الإجازات المرضية.

وأشارت إلى أن العمل من المنزل يسهم في تقليل مستويات التوتر.

  • التشجيع على الراحة

يقول ماهيش شاهدادبوري، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «تاسك للتوظيف»: «نشجع الموظفين على الراحة عندما لا يشعرون بأنهم في صحة جيدة، ولاحظنا بالفعل انخفاض الطلب على الإجازات المرضية، بحيث يُصرّ العديد من الموظفين على العمل عن بُعد في حال المرض، لأنهم يترددون في استخدام الإجازات مدفوعة الأجر، أو لأنهم يخشون من تراكم العمل، وعلى الرغم من أن العمل عن بعد في حال المرض يحد من احتمالات العدوى في بيئة العمل، إلا أنه يؤثر سلباً في إنتاجية الموظف وفي سرعة شفائه أيضاً».

وحول سؤال، كيف يمكن للشركات التغلب على تحايل بعض الموظفين الذين يأخذون إجازات مرضية من دون وجود أي أعراض، أوضح أن هناك جهوداً من الشركات لمحاولة تتبع الموظفين، ولكن ذلك ليس كافياً لردع البعض منهم عن اختلاق الأعذار، لأن البحث والتأكد من كل حالة بدقة ليس عملياً في المؤسسات الكبيرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n6ha5sf

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"