عادي

مع تكاثر حرائق الغابات.. عصر جديد من تلوث الهواء

20:58 مساء
قراءة 3 دقائق

واشنطن - أ.ف.ب

من كيبيك مروراً ببريتيش كولومبيا وصولاً إلى هاواي، تواجه أمريكا الشمالية موسم حرائق غابات استثنائياً، مع تعرّض مناطق قريبة وبعيدة على حد سواء لدخانها.

في ما يأتي أبرز ما يجب معرفته عن تلوث الهواء الناتج عن هذه الحرائق.

ما نعرفه

أحد الجوانب المحدِّدة للدخان الناتج عن حرائق الغابات، «الجسيمات الدقيقة»، وهي سموم يمكنها بأعداد كبيرة، أن تجعل الدخان مرئياً.

وقالت ريبيكا هورنبروك، عالمة كيمياء الغلاف الجوي في المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي، والتي تقوم برحلات جوية عبر الدخان لإجراء بحوثها، إن الجسيمات الدقيقة التي يبلغ قطرها 2.5 ميكرون «تشكّل خطراً على صحة الإنسان، وتنبعث بكميات كبيرة».

وأضافت: «عادة، إذا كنت في اتجاه الريح عند وقوع حريق هائل، فذلك يكون السبب وراء ظلمة السماء وانعدام الرؤية» مثل السماء التي شوهدت فوق نيويورك، نتيجة الحرائق التي كانت مستعرة على مسافة مئات الأميال في كيبيك في وقت سابق من هذا العام. وتتغلغل الجسيمات الدقيقة التي يبلغ قطرها 2.5 ميكرون داخل الرئتين وقد تصل حتى إلى مجرى الدم.

وعند مطلع تموز/ يوليو، كان المواطن الأمريكي قد تعرّض ل450 ميكروغراماً من الدخان لكل متر مكعب، وهو أسوأ من السنوات الممتدة من 2006 إلى 2022 كاملة، وفق ما نشر الاقتصادي مارشال بورك في جامعة «ستانفورد» على منصة «إكس» أخيراً، مستشهداً بحسابات أجراها مختبر متخصص في الجامعة.

ومن الأمور المثيرة للقلق أيضاً المواد غير المرئية المعروفة بالمركبات العضوية المتطايرة مثل البوتان والبنزين. وتسبب هذه المواد تهيج العينين والحلق، في حين يعرف بعضها بأنه مسرطن. وعندما تمتزج المركبات العضوية المتطايرة مع أكاسيد النيتروجين، تساعد في تكوين الأوزون الذي قد يؤدي إلى تفاقم السعال والربو والتهاب الحلق وصعوبة التنفس.

ما لا نعرفه

انتشر شراء السيارات بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية، وفي العقود التي تلت ذلك، كوّن العلماء فكرة عن طريقة تأثيرها في البشر، بدءاً من ظهور الربو في مرحلة الطفولة إلى زيادة خطر الإصابة بنوبات قلبية وحتى الخرف في وقت لاحق من الحياة. وأوضح كريستوفر كارلستن، مدير مختبر التعرض لتلوث الهواء في جامعة بريتيش كولومبيا، أنه خلافاً لذلك، لا توجد هذه الكمية من المعلومات حول دخان حرائق الغابات.

واستناداً إلى نحو عشرين دراسة منشورة «يبدو أن تأثير الدخان في الجهاز التنفسي أكبر منه على القلب والأوعية الدموية، مقارنة بالتلوث المروري». وقد عزى السبب إلى أن أكاسيد النيتريك أكثر في التلوث المروري.

وبدأ مختبر كارلستن إجراء تجارب على البشر باستخدام دخان الخشب، للحصول على مزيد من التوضيحات. وقال كارلستن، وهو طبيب أيضاً، إن التدخلات الطبية موجودة، بما فيها الستيرويدات المستنشقة ومضادات للالتهاب غير الستيرويدية وأنظمة تنقية الهواء، لكن هناك حاجة إلى بحوث لمعرفة أفضل السبل لاستخدامها.

هل سيدفع ذلك إلى التحرك؟

من جهته، قال جوشوا فيرتسل، رئيس لجنة الجمعية الأمريكية للطب النفسي المعنية بتأثير تغير المناخ في الصحة العقلية، إن ارتفاع درجة حرارة العالم يؤثر أيضاً في الصحة النفسية بطرق كثيرة. وأوضح أن أحد التفاعلات هو الشعور بالضيق و«الغضب والحزن والقلق في مواجهة الكوارث الطبيعية التي يتوقعون حدوثها»، فيما تكون هذه المعدلات أعلى بكثير لدى الشباب منها لدى المسنين.

وهناك أيضاً «التأقلم» العقلي، وهو نتيجة ثانوية للتطور تساعد على التعامل مع الضغوط الجديدة، لكن في حال عدم توخي الحذر، قد يتعرض الفرد لأخطار. وبالنسبة إلى هورنبروك المقيمة في كولورادو، فإن ما شهده شرق أمريكا الشمالية في عام 2023 هو ما يتعامل معه الجانب الغربي من القارة منذ سنوات ومن المرجح أن يصبح المشهد العالمي أكثر قتامة.

وأشارت إلى أنه في حين أسهمت التدابير الخاصة بمكافحة التلوث في كبح انبعاثات السيارات والقطاع الصناعي، ستكون هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات مناخية للتصدي لآفة حرائق الغابات. وقالت: «من المحبط رؤية أننا نعيش اليوم ما كنا نحذّر منذ سنوات»، لكنها أضافت أنه لا يزال هناك أمل، مضيفة: «ربما بدأ الناس الآن ملاحظة ذلك وقد نرى بعض التغيير».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc2mafx7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"