(بي بي سي)
في رواية «الغريب» للفيلسوف الفرنسي ألبير كامو، يلوم مورسو، الشخصية الرئيسية، الشمس على قيامها بقتل شخصٍ على الشاطئ. وقبل ذلك بمئات السنين، كتب ويليام شكسبير في مسرحية روميو وجولييت: «أما الآن، هذه الأيام الحارّة تثير الدم المجنون».
ويبدو أن ارتباط العنف بارتفاع درجات الحرارة لا يقتصر فقط على القصص الخيالية، إذ يهتم العلماء منذ زمن بالترابط بين الحرّ الشديد وازدياد العنف لدى الإنسان.
وبيّنت دراسة حديثة لجامعة كاليفورنيا في بيركلي، أن تعرّض الأشخاص لمناخ شديد الحرارة يعزز ميولهم إلى الأعمال العدائية.
وتثير هذه الدراسة وغيرها من التقارير عن ارتفاع معدلات الجرائم والأعمال العنيفة خلال أشهر الصيف، القلق تجاه مآلات السلوك البشري في المستقبل، في ظلّ التغير المناخي والاحترار العالمي.
وبين الأول من يونيو والخامس من يوليو الماضيين، شهدت الولايات المتحدة قرابة 90 عملية إطلاق نار جماعي، أي نحو ربع عمليات إطلاق النار الجماعي هذا العام، بحسب مجلة «فوربس» الأمريكية.
وفي صيف عام 2022 وحده، وقعت 278 عملية إطلاق نار جماعي في الولايات المتحدة، وفقاً لقاعدة بيانات إطلاق النار الجماعي في أرشيف العنف المسلح، مقارنة ب324 خلال عام 2022 بأكمله.
كما أشارت المجلة إلى دراسة نشرت عام 2016 في المجلة الأمريكية للصحة العامة، خلصت إلى أن عمليات إطلاق النار الجماعي تزداد خلال أشهر الصيف، وهو ما يعتقد الباحثون أنه يشير إلى «تأثير موسمي».
كما كشف تقرير صادر عن مكتب إحصائيات العدل الأمريكي عام 2014، أن جرائم العنف من المرجح أن تحدث خلال فصل الصيف أكثر من أي موسم آخر.
ويزيد الطقس الحار من درجة حرارة الجسم، ما يؤدي بدوره إلى زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم. ويمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب إلى عدم الراحة، وهو ما يعزوه الباحثون إلى العلاقة بين الحرارة المرتفعة وزيادة الغضب والعنف.
وفي عام 2017، اكتشف علماء أن درجة الحرارة في فنلندا مرتبطة بكمية «السيروتونين» التي تنتشر في دم المتطوعين الأصحاء والمجرمين العنيفين. ووجدوا أيضاً صلة قوية بين هذا الإجراء ومعدل جرائم العنف الشهري.
وبدورها، تظهر دراسة نُشرت في مجلة «نيتشر»، أن ارتفاع درجات الحرارة تعدّل انتقال مادة «السيروتونين» في الدماغ، والتي قد تزيد من الاندفاع ومستوى النشاط البشري العام، ما يؤدي إلى زيادة التفاعل الاجتماعي وخطر وقوع حوادث عنف.
وتشير دراسة عن الحرارة والعدوانية تعود إلى عام 1989 منشورة على موقع جمعية علم النفس الأمريكية، إلى أن الطقس الحار يزيد من مستويات هرمون «التستوستيرون» لدينا، ما يجعلنا أكثر عدوانية.
