تعاقب على إدارة شركة ديزني اثنان من أكثر الرؤساء إثارة للجدل، هما بوب (روبرت) إيجر وبوب تشابيك، وبحسب ما أدلى به موظفون على مقربة من أعلى الهرم الإداري، فإن الخلافة حدثت بشكل عنيف، في ما يشبه الأفلام الملحمية التي تقدمها الشركة للمشاهد. مما روي من أحداث خلف الكواليس ما قام به بوب إيجر، الذي أجّل قرار اعتزاله أربع مرات إلى أن اتخذه أخيراً، ففي 25 فبراير/شباط 2020، أعلن أنه سيتنحى عن منصبه كرئيس تنفيذي لشركة ديزني، وسيتولى خليفته الذي اختاره بنفسه، بوب تشابيك رئيس منتزه ديزني آنذاك، المهمة اليومية لإدارة الشركة على أن يسري هذا القرار على الفور.
وكجزء من التغيير، اقترح مجلس إدارة ديزني أن يأخذ الرئيس التنفيذي الجديد، مكتب إيجر الواسع الموجود في المقر الرئيسي للشركة في بوربانك، كاليفورنيا. واصطدموا بأن إيجر لم يكن يرغب في الخروج منه، وأنه لم يغادر ديزني فعلياً، حيث تسمح له الخطة التي وضعها لخلافته بالبقاء في منصب الرئيس التنفيذي لمدة 22 شهراً.
- «توجيه المساعي»
وخلال هذه الفترة، سيرفع تشابيك التقارير إليه وإلى مجلس الإدارة، فيما سيقوم إيجر بعمل «توجيه المساعي الإبداعية للشركة»، وهي عبارة غامضة تشير إلى أنه سيحتفظ بالسيطرة على محتوى الأفلام والتلفزيون. وكان هناك سبب منطقي، وراء عدم رغبة إيجر في الخروج من مكتبه، فقد كان يحتوي على حمام خاص، صُمم للرئيس التنفيذي السابق، مايكل إيسنر، ومنضدة للحلاقة.
وكان بوب إيجر، البالغ من العمر الآن 72 عاماً (بوب الكبير)، يستيقظ دائماً قرابة الساعة 4:15 صباحاً لممارسة التمارين الرياضية، ثم الاستحمام. وفي الأمسيات عندما يكون متوجهاً إلى حضور العرض الأول لفيلم من أفلام ديزني أو حفل جوائز أو نحو ذلك، كان في الغالب يستحم مرة أخرى، وهذه المرة في المكتب.
وجرى الاتفاق على أن بوب تشابيك البالغ من العمر 64 عاماً (بوب الصغير)، لن يحتاج كثيراً إلى الاستحمام في المكتب، وسينتقل إلى مكتب أصغر في ذات الطابق. وربما ما جعل إيجر متمسكاً بمكتبه ملصقان على جدار حمامه: الأول عبارة عن إطار داخله مجموعة من الصفحات الأولى للصحف وأغلفة المجلات مع صور له، وهو يحتفل باستحواذ ديزني على شركة مارفل عام 2009. ويمكن القول إن الصفقة البالغة 4 مليارات دولار، كانت القرار الأكثر ذكاءً، الذي اتخذه إيجر كرئيس تنفيذي، وواحدة من أفضل عمليات الاستحواذ الإعلامية والترفيهية في تاريخ الشركات الأمريكية. أما الملصق الثاني، فهو تقليد لملصق فيلم الإثارة الذي أخرجه كلينت إيستوود عام 1975 «ذا إيجر سانكشن»، لكن الصورة كانت لإيغر بدلاً من إيستوود.
- «ثلاثة أعوام من الجحيم»
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، خرج بوب إيجر من التقاعد، ليصبح الرئيس التنفيذي لشركة ديزني مرة أخرى. وكان مجلس الإدارة أقال تشابيك، وفي غضون أيام من ذلك، طرد إيجر أقرب مستشاري تشابيك، بجانب آخرين، منهم نائبه الفعلي كريم دانيال. وفي يوليو/تموز مدد إيجر عقده حتى عام 2026، وهي المرة الخامسة التي يؤجل فيها رحيله عن منصب الرئيس التنفيذي. وأسرّ تشابيك لأحد أصدقائه قائلاً: إن فترة عمله في ديزني كانت «ثلاثة أعوام من الجحيم»، تسيطر عليه فكرة واحدة، وهي خوفه الشديد من أن إيجر يريد استعادة وظيفته.
وفي الوقت ذاته، أخبر إيجر أقرانه وزملاءه بأنه عاد إلى ديزني، لتصحيح ما يعتبره أحد أكبر الأخطاء في حياته المهنية، وهو اختيار تشابيك. وكتب إيجر في كتابه «رحلة العمر» الذي يروي سيرته الذاتية: «عندما تضطرب العلاقة بين شخصين في قمة شركة، فمن المستحيل أن تتمكن بقية من يعملون تحتهم من أداء عملهم»، وشبه الأمر بالشخص الذي يعيش مع والدين يتشاجران طوال الوقت.
ولأنه لا توجد شركة في العالم، ترتبط بشدة بالقصص والحكايات مثل شركة ديزني، فإن ما يدور خلف كواليسها شبيه بما تقدمه على الشاشات، وقصة عهد إدارة تشابيك خالدة على طريقتها الخاصة، فهي تحكي كيف أن النوايا الحسنة، تصادمت مع الغطرسة والأنا لتقويض واحدة من أشهر المؤسسات في العالم، وتمثل دراسة حالة عن الخلل الوظيفي في الشركات والخلافة الإدارية، التي تحدث بشكل خاطئ.
وانتهت قصة علاقة جيدة بين قطبي إدارة، بعد أن كانت سمعة تشابيك طيبة لدى إيجر ومجلس الإدارة، خاصة أثناء بناء مدينة شنغهاي ديزني الترفيهية التي تبلغ كلفتها 5.5 مليار دولار والتي افتتحت عام 2016، بعد أشهر من التأخير.
وسافر الرجلان إلى شنغهاي، الصين، معاً أكثر من 10 مرات، حيث نجح تشابيك في السيطرة على تجاوزات الكُلف ومتاعب البناء. والآن عاود إيجر ومجلس إدارة ديزني بحثهم عن خليفة، رغم أن تشابيك حظي على مدى أكثر من عقدين باحترام إيجر، كونه شخصاً ماهراً في خفض الكُلف ومديراً هادئاً.
