عادي

العواصف الرملية والترابية خطر مستمر في سماء طاجيكستان

16:35 مساء
قراءة 3 دقائق
العواصف الرملية والترابية خطر مستمر في سماء طاجيكستان

دوشانبي - أ ف ب

الهواء جاف وحار في دوشانبي، لكن الشمس بالكاد تشرق في سماء المدينة، إذ تتعرض عاصمة طاجيكستان، المغطاة بحجاب رمادي، لعاصفة رملية جديدة، وهي ظاهرة تتزايد حدتها في جميع أنحاء آسيا الوسطى.

لم تعد الجبال المهيبة المحيطة بالمدينة مرئية تقريباً، ولم يعد يمكن رؤية سوى ظلال القليل من المباني قيد الإنشاء من خلال السحابة التي تشكلت بفعل العاصفة الرملية والترابية.

هذه الظاهرة الجوية تأخذ منحى تصاعدياً منذ سنوات، ولا سبب للاعتقاد بأن الوضع سيتحسن. وقد أثبت العلماء أنه مع الاحترار المناخي، ستزداد الأحداث المتطرفة (عواصف، وجفاف، وحرائق، وما إلى ذلك) في الكوكب بأكمله.

الجسيمات التي تحملها العاصفة الرملية والترابية لها ضرر صحي حتمي، وفي عيادة صوفيا في دوشانبي، يستمر تدفق المرضى، وفي عام 2022، دخلت طاجيكستان ضمن قائمة الدول العشر الأكثر تلوثاً للهواء، بحسب شركة مراقبة جودة الهواء «اي كيو اير».

وتشتكي منيرة خوشكاداموفا، أثناء الاستشارة الطبية قائلة «لم أعد أتحمل السعال، لقد سئمت من هذا الغبار الذي يخنقني».

تعاني هذه المدرّسة البالغة 43 عاماً من فشل في الجهاز التنفسي منذ عامين، وهو التشخيص الذي أجراه الطبيب فيصل صخرائي.

ويوضح المعالج الشاب لوكالة فرانس برس «في السنوات الأخيرة، أعالج عدداً متزايداً من المرضى الذين يعانون أمراض القلب والأوعية الدموية»، مشيراً إلى الجزيئات الدقيقة التي تنقلها العواصف الرملية والترابية.

  • تعرض قوي

ويشرح صخرائي لوكالة فرانس برس، أن الجسيمات الدقيقة «الأكبر تدخل الجسم وتترسب في الجهاز التنفسي العلوي، بينما تخترق تلك الأصغر الجهاز التنفسي السفلي، ثم إلى الرئتين والقلب والأعضاء الأخرى».

وبحسب الأمم المتحدة، يتعرض 80% من سكان طاجيكستان لأعلى مستويات تركيز الجزيئات الناعمة الدقيقة بقطر 2.5 ملليمتر (بي ام 2.5).

وفيما يوصي صخرائي بشرب الكثير من الماء ووضع الكمامة، فإن عدد الأشخاص الذين يغطون وجوههم لا يتخطى عدد أصابع اليد الواحدة في شوارع دوشانبي، على الرغم من الهواء الفاسد.

وعلى الرغم من «صعوبة التنفس» و«الصداع» اللذين تعانيهما، ترفض الطبيبة النفسية نيغورا يوسوبوفا وضع كمامة لأن ذلك «يعيق تنفسها»، حسب قولها.

وكانت هذه الظاهرة نادرة الحدوث، لكنها تبدأ الآن في الربيع وتستمر حتى أواخر الخريف، ما يؤثر في معظم أنحاء آسيا الوسطى.

تقول زيبونيسو مومنزودا، مديرة الفرع الطاجيكي للمركز الإقليمي للبيئة في آسيا الوسطى (كاريك) «في التسعينات، كانت هناك ظاهرتان أو ثلاث ظواهر لعواصف رملية ترابية سنوياً في طاجيكستان. أما الآن، فهناك ما يصل إلى 35 ظاهرة». وتعمل هذه المنظمة شبه الحكومية في دول المنطقة الخمس (كازاخستان، قرغيزستان، أوزبكستان، طاجيكستان، تركمانستان).

  • وعي متزايد

تتابع مومنزودا قائلة «بسبب تغير المناخ، تؤدي فترات الجفاف الطويلة إلى تكوين العواصف الرملية والترابية، وتجفيف التربة، ثم تؤدي الرياح المتكررة إلى رفع هذه التربة».

كارثة بيئية تؤدي إلى أخرى، وتتشكل هذه العواصف بشكل خاص في القاع الجاف لبحر آرال، في أوزبكستان، ولكنها تأتي أيضاً من السهوب الكازاخستانية أو من أفغانستان المجاورة.

وشددت مومنزودا على التأثير المدمر «للعامل البشري»، مع «قطع الغابات والري غير الرشيد وتربية الماشية على مدار السنة، ما يؤدي إلى تدهور التربة».

وثمة حلقة مفرغة في هذا البلد الفقير والريفي بشكل رئيسي، حيث تؤثر العواصف الرملية الترابية سلباً في المحاصيل الزراعية وخصوبة التربة.

والأسوأ من ذلك هو أن الغبار والرمال المتراكمة على الأنهار الجليدية، وهي مصدر مهم للمياه في منطقة بدأت تفتقر إليها، «تسرّع من ذوبانها»، وفق مومنزودا.

وإذا كانت العلاقات بين دول آسيا الوسطى تسجل توترات بانتظام، فإنها مع ذلك تحاول الآن تنسيق جهودها بشأن القضايا البيئية مثل إدارة المياه وتنظيف النفايات النووية.

لكن التهديد الذي تشكله العواصف الرملية والترابية في طاجيكستان لا يزال غير مدروس جيداً «ككارثة طبيعية»، بحسب منظمة «كاريك».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2f9apda6

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"