لبنان و«الخيار الثالث»

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

بعد نحو عام كامل من الفراغ الرئاسي قي لبنان الذي بدأ مع انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، لا يزال السجال الداخلي محتدماً حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وسط تفاقم الخلافات والانقسامات بين القوى والأطراف اللبنانية المختلفة.

خلال هذا العام، جرت، بطبيعة الحال، محاولات كثيرة للخروج من المأزق، الذي فاقم بدوره سلسلة الأزمات المركبة التي تعصف بلبنان سياسياً واقتصادياً ومالياً ومجتمعياً، وعقد البرلمان اللبناني 12 جلسة انتخابية، لكن كل هذه المحاولات أخفقت حتى الآن في حل معضلة الفراغ الرئاسي، بسبب عدم قدرة أي فريق منفرداً على إيصال مرشحه إلى منصب الرئاسة في ظل النتائج التي أفرزنها الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وهو الأمر الذي انعكس بدوره على الحكومة والبرلمان، وقيّد عملهما في إدارة الدولة ومؤسساتها وإصدار التشريعات الضرورية واللازمة لتخفيف حدة الأزمة والقيام بالإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي شرطاً لمساعدة لبنان.

هذه الصورة تزداد قتامة مع تعمق الخلافات بين الأطراف اللبنانية وتمترس القوى السياسية في كلا الجانبين المعارضة والموالاة خلف مواقفها وتمسكها بمرشحيها للرئاسة، وهما الوزير السابق جهاد أزعور عن المعارضة ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية عن الموالاة، وغياب أي أفق للتوافق الوطني على مرشح بعينه بعد انهيار كل دعوات الحوار.

في خضم هذا الواقع المليء بالتجاذبات السياسية والمنكفات الكيدية واستمرار تغليب المصالح الذاتية والفئوية والطائفية على المصلحة الوطنية، تراجعت المبادرة الفرنسية التي دعمت، في البداية، ترشيح فرنجية وتحولت إلى توافق شبه كامل مع وجهة نظر دول «اللقاء الخماسي» التي باتت تدعم ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون لمنصب الرئاسة. لكن هذا الخيار لن يكون سهلاً في ظل المعارضة الشديدة التي يبديها التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل، علاوة على معارضته لترشيح فرنجية، فيما تبدي بعض أطراف المعارضة قبولها به كمرشح تسوية، بينما لم تتخذ قوى الموالاة موقفاً واضحاً إزاء هذا الخيار على الرغم من فتح خطوط اتصال بينها وبين العماد عون، لكنها إجمالاً لا تزال تتمسك بمرشحها سليمان فرنجية.

وحقيقة الأمر أن هذا الخيار لا يزال متعثراً وسط احتدام المناكفات السياسية، واستمرار رهانات بعض القوى على التدخلات الخارجية لإحداث متغيرات داخلية تفضي لصالح هذا الطرف أو ذاك، بعد أن تراجعت الرهانات الداخلية بشأن إمكانية حدوث أي توافقات بين القوى والكتل السياسية من شأنها أن تحدث تبدلات محلية تتيح ترجيح كفة موازين القوى الداخلية لصالح هذا الطرف أو ذاك وتمكينه من إيصال مرشحة لمنصب الرئاسة.

وفي كل الأحوال، من الواضح أن ما تسميه القوى اللبنانية ب«الخيار الثالث» لا يزال متعثراً، والأسوأ هو أن الاهتمام بالملف الرئاسي برمته قد تراجع كثيراً، وأصبح مرهوناً بالتطورات الجارية على حدود لبنان الجنوبية وتداعياتها، التي قد تقلب الأوضاع رأساً على عقب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3jxvxm8s

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"