ارتباك دبلوماسي أمريكي

00:36 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

كشفت استقالة أحد كبار موظفي وزارة الخارجية الأمريكية قبل أيام قليلة عن ارتباك حقيقي في الدبلوماسية الأمريكية إزاء التعامل مع السياسة الخارجية، وبالذات في الشرق الأوسط، ما استدعى تدخلاً عاجلاً من أعلى قمة الهرم في المؤسسة الدبلوماسية؛ لمعالجة التداعيات الناجمة عن ذلك قبل أن تتحول إلى مشكلة جدية.

الارتباك والتخبط في السياسة الأمريكية لم يكن يقتصر على وزارة الخارجية وحدها، وإنما طاول الإدارة الأمريكية ككل، وعلى رأسها البيت الأبيض، كما يستدل من تصريحاته المتناقضة، ليس فقط إزاء الشرق الأوسط وإنما على مستوى القضايا الدولية والمناطق الساخنة في العالم.

ثمة أسباب كثيرة لهذا الارتباك، قد تكون في مقدمتها الضغوط الداخلية التي تفرضها الانتخابات الأمريكية المقبلة، والصراع الحاد بين الديمقراطيين والجمهوريين، في محاولة لكسبها، ما يولد الكثير من الأخطاء الناجمة أساساً عن «المزايدة» بين الحزبين الكبيرين تجاه مجمل القضايا الداخلية والخارجية. لكن ثمة مؤشرات أخرى على خروج أصوات معارضة للإدارة عن القنوات الداخلية المتاحة للتعبير عن رأيها إلى العلن، وهو أمر غير معتاد بالنسبة للإدارة الأمريكية، كما هي الحال بالنسبة إلى جوش بول، مدير مكتب شؤون الكونغرس والشؤون العامة في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية للشؤون العامة بالخارجية الأمريكية، الذي قدم استقالته احتجاجاً على إرسال أسلحة «فتاكة» إلى إسرائيل من شأنها أن تباعد إمكانية تحقيق السلام، وتتسبب بقتل الكثير من المدنيين الأبرياء.

وبعيداً عن الأصوات المعارضة في الشارع والتي قرعت جدران الكونغرس؛ للمطالبة بوقف الحرب، فإن حدثاً مثل هذا استدعى من وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى المسارعة لعقد اجتماع لموظفي وزارته، لشرح الظروف الصعبة التي تؤثر في السلك الدبلوماسي الأمريكي، بسبب الطريقة التي تتعامل بها واشنطن مع النزاع الدائر في المنطقة، مقراً في ذات الوقت بالأثر العاطفي، المهني والشخصي، الذي يتركه النزاع على موظفيه.

لكن الأسوأ بالنسبة لبلينكن هو ما تناقلته تقارير إعلامية، ومنها موقع «المونيتور» وصحيفة «هافينغتون بوست» عن بوادر تمرد أو تخطيط لعصيان بين موظفي الوزارة، احتجاجاً على النهج المتبع للإدارة، ما دفعه بالتالي إلى التشديد على أن الأمر يتعلق بكيفية استخدام تلك الأسلحة، وضرورة احترام المعايير الإنسانية والدولية. وهو ما ردّ عليه بول علناً بالقول: «أخشى أننا نكرر نفس الأخطاء التي ارتكبناها طوال العقود الماضية، وأرفض أن أكون جزءاً من ذلك لفترة أطول، لست جاهلاً عندما يتعلق الأمر بالوضع في الشرق الأوسط».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y8stycke

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"