المخاوف الاقتصادية والنتائج

21:23 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة *

في بداية 2022، اعتقد المصرف المركزي الأمريكي كما العديد من الخبراء أن التضخم سينحدر من تلقاء نفسه ولا ضرورة لرفع الفوائد. تبين مع الوقت أن الوضع مختلف وأن التضخم باقٍ وبالتالي يجب رفع الفوائد بقوة وسرعة للتأثير. من النتائج السلبية الممكنة وضع الاقتصاد الأمريكي وبالتالي الدولي في فترة ركود طويلة وعميقة؛ لأن رفع الفوائد أصبح سياسة مشتركة لأهم المصارف المركزية. هنالك مؤشرات محيرة وموجودة في أسواق العمل؛ إذ تبقى البطالة منخفضة في أمريكا، وهنالك فرص عمل عديدة متوافرة بالإضافة إلى أعداد كبيرة تغير وظائفها.

هنالك مخاوف كبرى تحرك عمل المصرف المركزي الأمريكي. يخاف المصرف من بقاء التوقعات الاقتصادية حية بشأن التضخم المرتفع؛ لذا استمر في رفع الفوائد. يحاول أن يقنع الجميع في الداخل والخارج أنه لا مجال للتضخم القوي في أن يبقى وينتشر، بل هو عازم على القضاء عليه. رفع الفوائد يقتل التوقعات المضرة. هنالك مؤشرات جديدة معتدلة بشأن التضخم بعد الأزمة المصرفية الأخيرة التي امتدت من كاليفورنيا إلى أوروبا.

هنالك خطر وقوع ركود عالمي في 2024. رفع الفائدة على الدولار يحسّن وضعه في الأسواق النقدية مما يضر بالدول النامية والناشئة التي تستدين بالنقد الأخضر. معظم السلع والمواد الأولية مسعرة بالدولار، وبالتالي تصبح أغلى على الخارج. أما دروس التجربة البريطانية مع رئيسة الوزراء السابقة «ليز تراس» التي قارنها الجميع بمارغريت تاتشر فهي مهمة. بسبب ضعف النمو الاقتصادي نتيجة الأوضاع السياسية كما الكورونا وسلاسل الإمداد وغيرها، رغبت حكومة تراس بتحفيز النمو عبر تخفيض الضرائب ووضع سقف على أسعار الطاقة لمساعدة المستهلكين وقطاع الأعمال. ماذا حصل؟

بسبب الخوف من طريقة تمويل الزيادات في الإنفاق مع التخفيضات الضرائبية، سقط الجنيه في الأسواق فتأذى البريطاني الذي يستهلك السلع المستوردة وبالتالي تضرر الاقتصاد. اضطر المصرف المركزي لرفع الفوائد لمحاربة التضخم أي سددت السياسة النقدية تكلفة السياسة المالية وتأذى الجميع. أكثر من تأذى هم من اقترضوا لتمويل شراء عقارات حيث الفوائد متحركة وبالتالي ارتفعت في ظروف معيشية صعبة. المنطق الاقتصادي لحكومة تراس ربما كان سليماً في ظروف عادية غير تضخمية. أطاح الواقع بها وبحكومتها.

قال صندوق النقد الدولي، إن تخفيض النسب الضرائبية على الأغنياء يوسع فجوة الدخل في بريطانيا ويضر بالاستقرار الاجتماعي. تراجعت حكومة «سوناك» الحالية بالنسبة للضرائب على الدخل العالي، مما أعطى صدىً إيجابياً في الأسواق. قال الصندوق أيضاً، إن التخفيضات الضرائبية في زمن التضخم القوي يفرض رفع الفوائد وهذا يضر بالاستثمارات. قال الاقتصادي «أيان غولدين» من جامعة أوكسفورد: «انخفاض الجنيه يعكس تدني وهج بريطانيا العالمي ودورها خاصة بعد خروجها من الوحدة الأوروبية في 2016». فالاقتصاد البريطاني أصبح السادس عالمياً والطريق مرجحة نحو الأسفل بسبب منافسة الاقتصادات الناشئة. قال الاقتصادي «إسوار برازاد» من جامعة كورنيل: «وفاة الملكة وانحدار الجنيه يؤشران عملياً إلى انتهاء مرحلة وبدء أخرى صعبة».

* كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/hs9xn62y

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"