عادي
أعمال فنية تستحق التأمل

50 لوحة تستلهم بيكاسو في مكتبة محمد بن راشد

20:15 مساء
قراءة 3 دقائق
جانب من المعرض
(تصوير: محمد شعلان)
إحدى لوحات المعرض

دبي: أشرف إبراهيم

من خلف أبواب الزمن يطل بابلو بيكاسو النحات والرسام الإسباني بغرائبه التي يهتز لها القلب، فمن نافذته تمر معزوفات الألوان وهي تحيي فنه وتذكرنا بهذا العبقري الذي لا يزال يبحر بنا ويغوص في الغامض والواقعي والتجريدي والتكعيبي، بما يخطف العين والقلب، فلا يزال فنه يلهم التشكيليين ويدفعهم بعمق وحرارة نحو ريشته الدالة على عظمته، وفي معرض «أيام بيكاسو» الذي تنظم فعالياته مكتبة محمد راشد آل مكتوم حتى الخميس المقبل، تجتمع أكثر من خمسين لوحة شكلتها ريشة فنانين إماراتيين وعرب وأجانب، مستوحاة بالكامل مما رسخه بيكاسو في لوحة الزمن، وما أضفته ريشته الذهبية من إبداع على فن الرسم وإيقاعاته الصداحة التي لا تعرف النهاية.

اكتست لوحات الفنانين المشاركين في المعرض بأفكار تستحق التأمل كونها تلتصق بجدار الحياة، وتزهو بألوانها المختلفة، فالمشهد اكتمل بحضور كثيف للجمهور الذي ملأ جنبات المعرض، وكان له قراءة أخرى لعالم الألوان الذي ضجت به اللوحات، وعلى الرغم من أن التشكيليين المشاركين اقتفوا آثار عوالم بيكاسو وقفزاته النوعية في الفن، فإنهم قدموا فاصلاً من المتعة بظلال أخرى دون نسخ أو تكرار.

عزف آخر

تقول منسقة المعرض الفنانة التشكيلية سهام الوزيري: «استحضر المعرض روح بيكاسو في لوحات عزفتها أنامل أخرى، وهو نوع من الاحتفاء برمز مهم من رموز الفن التشكيلي في العالم، فاللوحات التي رسموها ازدحمت بالحكايات، كبقعة ظل من ميراث فنان زاحمت فرشاته السنوات بألوانها، فقد ترك بيكاسو أعمالاً دالة على الأحوال والتحولات التي سكنته عبر مسيرته الفنية، أضحت بروعتها ودقتها مقصداً لكل التشكيليين الذين جاءوا من بعده»، لافتة إلى أن الفنانين المشاركين يضمهم «جروب للفنون عنوان»، الذي تشرف عليه والذي تم تأسيسه منذ سنوات، وأن مشاركتهم في المعرض هو عزف من نوع آخر على أوتار فن بيكاسو الذي رسم لوحاته بأساليب مختلفة انتمت للواقعية والتجريدية والتكعيبية في الفن وغيرها، مشيرة إلى أنها تشارك في المعرض بلوحة تحمل اسم «عروس النيل» مستوحاة من الحضارة الفرعونية، حيث استخدمت فيها خطوطاً وظلالاً وألواناً تعبر عن ثيمة هذه العروس في الثقافة المصرية القديمة.

ومن ضمن المشاركات أيضاً الفنانة التشكيلية السورية هنا كنجو، التي وضعت اسماً معبراً للوحتها «ما قبل الانهيار»؛ حيث جسدت من خلالها صورة لفتاة ترتسم عليها علامات الحزن، وكأنها تتهيأ لمرحلة أخرى من حياتها، وتبين هنا أنها رسمت نصف الوجه بلون والنصف الآخر بلون مغاير، وأن هذا التناقض بين الألوان يبرز الحالة النفسية لصاحبة الوجه الذي يبدو عليه الإرهاق والشحوب.

وقدّم الفنان المصري جورج صبيح لوحة مستوحاة من طريقة بيكاسو في الفن؛ حيث تنتمي اللوحة بتفاصيلها الحميمية للمدرسة التكعيبية، حيث استخدم فيها حبات القهوة، واستطاع أن يضفر ألوانها بشكل جذاب؛ إذ عبر فيها عن الطابع الكلاسيكي للقهوة بشكلها المعهود.

أمل

وشاركت الفنانة التشكيلية الإماراتية عالية عبدالرزاق العطار بلوحة حملت عنوان «الأمل»، والتي تميزت بقفزات نوعية في الطرح، فهي تعبر عن فضاء مفتوح مليء بالعواصف، لكنها مع تدرجات الألوان تضع خطاً فاصلاً في نهاية اللوحة للأمل كممر عبور إلى دوحة أكثر نقاء وجمالاً، صممته من ورق الذهب عيار 24، موضحة أنها استوحت هذه اللوحة من فضاء بيكاسو، لكنها أضفت عليها طابعاً إنسانياً من خلال رؤيتها الفنية الخاصة.

وجاءت لوحة الطالبة الإماراتية شهد النعيمي 14 عاماً متسقة مع أفكار بيكاسو اللافتة، ونظرته للحياة، لكنها استطاعت أن تعبر عن رؤية فنية متسقة مع طبيعة اللوحة التي اختارت لها عنوان «عزلة»، والتي تضجّ بالمفارقات اللونية، وتجسد حالة رجل يتهيأ للخروج من عزلته الصامتة، واللوحة تعبر عن الحزن والمأساة، وتحتوي على تفاصيل كثيرة، فهي تندرج تحت مدارج الفن التكعيبي.

أبعاد نفسية

وعلى هامش المعرض أقيمت محاضرة حملت عنوان «الأبعاد النفسية في لوحات بيكاسو»؛ إذ كشفت المحاضرة عن أبعاد فن بيكاسو العالمي وتفاصيل أعماله التي رسمتها ريشته المبدعة وخطوطه وألوانه الفنية الساحرة، شارك فيها الفنان التشكيلي على العبدان الناقد والباحث والشاعر وعضو جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، والفنانة منى الجبالي رئيس قسم الفنون التشكيلية بجامعة عجمان، والفنان عبدالجبار ويس مشرف الفنون بالجامعة القاسمية، وتطرق المحاضرون خلالها إلى حياة بيكاسو منذ الطفولة حتى وفاته، بخاصة مصادر إلهامه، ومعارضه، وأعماله التاريخية، والخطوط الإبداعية التي شكلت موهبته منذ اللوحة الأولى التي رسمها، وأبعاده الفنية في كل مراحل حياته، ومن ثم بعض المراحل التي مر بها في الفن مثل المرحلة الزرقاء والمرحلة الوردية، بخاصة أنه من أكثر الفنانين الذين جادت ريشتهم بأكبر عدد من الأعمال في تاريخ الفن على الإطلاق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2u6arc7v

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"