الساكت عن...

00:42 صباحا
قراءة دقيقتين

إبراهيم الهاشمي

الحقيقة غائبة أم مغيبة، الصدق يرزح تحت حجب من الولاءات والمصالح والإملاءات، والواجب لا ميزان له، يتأرجح بين ضمير حي وضمير غائب، وبينهما ضمير يلعب على كل الحبال.

العالم في ما يحدث الآن في غزة، أو ما قبلها من حوادث وصراعات في شتى الدول والأماكن والمواقع، هناك كثير من الضبابية التي تخفي تحتها أكثر مما تكشف، ولا يظهر للعلن إلا ما هو مطلوب ظهوره أو سماعه أو معرفته، أو مسموح بمعرفته حتى إشعار آخر، المعرفة هنا ليست بذاك الوضوح، يكتنفها غبش شديد يخفي أكثر مما يبدي، يجير حسب المصلحة، لا يجعل البصر يرى إلا ما يراد له أن يرى، ومن الجهة المراد رؤيتها فقط.

هذا هو حالنا أمام ما نعيشه أو نشاهده أو نتابعه، خصوصاً أن كل وسائل الإعلام حاضرة بقضها وقضيضها، كلٌ يحاول جرجرتك لوجهة نظره وبكل الطرق والوسائل بعيداً عن المهنية والحقيقة والمصداقية، فكما تمت تسمية الخمر «مشروبات روحية» تسمى الأشياء بغير مسمياتها الحقيقية، خصوصاً في الأمور السياسية التي يتم اللعب على حبالها بشتى الطرق والوسائل، والمصيبة أن من يكذب الكذبة يصدقها ويدافع عنها بكل الطرق والوسائل وكأنها حقيقة واقعة، ويطلب من كل العالم التعامل مع تلك الكذبة وكأنها الصدق الواضح.

نحن لا نعاني فقط من غياب الحقيقة بل نعاني من طمس معالمها ودفنها حية وأمام أعيننا، والمطلوب إما الصمت أو التناسي والنسيان، أو أن نعلن إصابتنا بالزهايمر حتى لا نعي ما نراه، نبتسم للقتل، نضحك للتدمير، نصمت حينما يحق القول والفعل، ننسى أن الساكت عن الحق شيطان أخرس وأن الناطق بالباطل شيطان ناطق، نتعالى على الحقيقة وننسى قول أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: «حين سكت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق».

ماذا يا ترى المطلوب منا نحن كأفراد، لكل منا وجهة نظره ومسلماته التي تربى عليها وقبل كل ذلك دينه الذي يعتنقه ويجب أن يمارسه في سره وعلنه، هل ندفن رؤوسنا في الرمال ونمارس العمى، أم نصدح بالحق، وهو مكفول في كل الديانات والشرائع والقوانين.

أمام كل ما يجري ويقع في العالم من كوارث وحروب، نجد الإمارات أول من يغيث ويسعف، ويلبي حاجة الصديق والشقيق، وتسارع قيادتها قبل كل شيء إلى التواصل والتباحث مع قادة العالم لأجل لملمة الجراح، ولجم الحروب والصراعات، وإضفاء الإنسانية على كل حدث وفعل، إلى جانب ما تطلقه من مبادرات لإغاثة ومساعدة ومساندة كل مكلوم ومنكوب، ولا يسعنا هنا أبداً أن نحصي مواقف الإمارات المشرفة، وخيرها الذي يجوب الأرض انطلاقاً من إنسانيتها وإحساسها بالبشر وحقهم في الحياة قبل وبعد كل شيء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s3stspf

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"