عادي

حرب غزة.. والانتخابات الأمريكية

00:06 صباحا
قراءة 4 دقائق
حرب غزة.. والانتخابات الأمريكية

كتب - المحرر السياسي:

يتزايد اهتمام العالم بالانتخابات الرئاسية الأمريكية العام المقبل ليس فقط لأن نتائجها عادة تترك آثاراً مهمة في العالم بأسره؛ بل لأن العالم نفسه بات خائفاً على مصير الديمقراطية الليبرالية التي تمثل واشنطن نموذجها الرائد، وسط تعميق الشروخ التي ضربت المجتمع السياسي الأمريكي منذ خسارة الرئيس دونالد ترامب انتخابات الدورة السابقة ومحاولاته التنصل من نتائجها.

بينما تتنازع الحزب الديمقراطي الحاكم في أمريكا الخلافات حول الموقف الواجب اتخاذه على جناح السرعة بشأن الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، وتأثيرها في حظوظ الرئيس الحالي جو بايدن الانتخابية، تنشغل قيادات الحزب الجمهوري في البحث عن مرشح بديل لدونالد ترامب في حال تدنت شعبيته نتيجة سيل المحاكمات التي يخضع لها، وما قد تسفر عنه من عقوبات.

وفي الوقت الذي تخوض الولايات المتحدة حروباً بالوكالة على أكثر من جبهة، وتعاني جبلاً من الديون المتراكمة تجاوزت 3 تريليونات دولار، تتزايد المخاوف بين الديمقراطيين بشأن موقف الرئيس جو بايدن قبل عام واحد من انتخابات 2024. وهناك مخاوف متزايدة داخل صفوف الحزب من أن دعمه لإسرائيل في حربها ضد غزة، يضعف تأييده بين المكونات الرئيسية من قاعدة حزبه.

مخاوف ديمقراطية

وتشهد مواقف الأمريكيين تغيرات متسارعة بشأن الصراع، وقد يتغير الكثير من تلك المواقف في ضوء التطورات التي يشهدها المسرح العالمي ومنعكساتها على المعادلات السياسية الداخلية.

من المرجح أن تؤدي سلسلة من استطلاعات الرأي التي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأسبوع الماضي إلى زيادة المخاوف بين بعض الديمقراطيين بشأن التداعيات السياسية لتعامل بايدن مع الصراع. فقد كشفت تلك الاستطلاعات أن معدلات تأييده بين الناخبين في خمس من الولايات الست الحاسمة أدنى من حظوظ الرئيس السابق دونالد ترامب.

ويشعر الناخبون في الولايات المتأرجحة بمخاوف جدية بشأن إدارة بايدن للاقتصاد – والتي عادة ما تكون أكثر أهمية بالنسبة للناخبين من الشؤون العالمية - فضلاً عن عمره. لكن السياسة الخارجية تمثل أيضاً مصدر قلق ومشكلة أخرى تجب متابعة تأثيراتها بدقة؛ حيث يعتقد بعض الديمقراطيين أنها تؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف لدى بايدن، خاصة بين الناخبين الشباب وغير البيض.

وتظهر استطلاعات الرأي أن الناخبين المسجلين في الولايات التي تشهد منافسة قوية يثقون بترامب أكثر من بايدن فيما يخص إدارة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بفارق 11 نقطة مئوية. ويفضل الناخبون الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، كما هي الحال لدى جمهور الناخبين الأوسع، وبفارق عشر نقاط، أن يدير ترامب القضية. ولكن حتى مع تحسن مواقف الناخبين قليلاً، لا تزال النتائج ترسم صورة قاتمة للرئيس.

وقال جون ديلا فولبي، مدير استطلاعات الرأي في معهد هارفارد كيندي للسياسة الذي قدم المشورة لفريق حملة بايدن لعام 2020 ويظل صوتاً خارجياً موثوقاً به للبيت الأبيض: «كيف لا يكون للحرب أي تأثير في تفكير الناس، وخاصة في الشباب الأمريكيين، في أنفسهم ورئيسهم وبلدهم. أعتقد أن الإشارة إلى خلاف ذلك هي قراءة خطأ لما يخبرنا به الشباب منذ سنوات، وما يدفعهم إلى التصويت، وهو حماية الضعفاء».

موقف المسلمين والعرب

وفي الأيام الأخيرة، حذر زعماء أمريكيون مسلمون وعرب، كبار مساعدي بايدن من أن سياسات الرئيس في زمن الحرب قد تضر به في عام 2024 بين الناخبين في مجتمعاتهم والتقدميين المتحالفين معه. وعلى الرغم من أنهم يشكلون جزءاً صغيراً من الناخبين على المستوى الوطني، فإن الناخبين الأمريكيين العرب يمكن أن يشكلوا كتلة تصويتية حاسمة في حال جاءت نتائج الانتخابات متقاربة، خاصة في ولاية ميشيغان المتأرجحة.

وقال وائل الزيات، الرئيس التنفيذي لمجموعة «إيمغيغ» المناصرة للمسلمين: إن مجموعته إلى جانب آخرين نقلوا مخاوفهم مباشرة إلى حملة بايدن. وأوضح أنه ليس قلقاً بشأن تصويت الناخبين المسلمين لمصلحة ترامب – الذي تبنى إعادة وتوسيع إجراءات الحظر ضد المسلمين – ولكن بدلاً من ذلك، أن يخرج بايدن من حساباتهم في كسب السباق نهائياًَ.

وتعكس اتجاهات الرأي العام الأمريكي تشكيلة المجتمعات التي تعارض طريقة التعامل مع هذه الحرب؛ حيث يخسر الديمقراطيون شريحة واسعة من التقدميين، كما يخسرون فئة الشباب. ولقد فقدوا على الأرجح جزءاً كبيراً من مجتمع السود، وكذلك حتى هذه اللحظة، المجتمع العربي الإسلامي بأكمله.

وقلل الديمقراطيون من أهمية استطلاعات الرأي قبل عام من موعد الانتخابات. وقال كيفن مونوز، الناطق باسم حملة بايدن: «نحن لا نأخذ التنبؤات الحالية على محمل الجد، فقد سبق أن توقعت مؤسسة غالوب خسارة الرئيس أوباما بفارق ثماني نقاط، لكنه فاز بسهولة بعد عام. وبعد مرور عام على الانتخابات النصفية لعام 2022، رسمت كل وسائل الإعلام الرئيسية صورة قاتمة للرئيس بايدن. ومع ذلك سوف نفوز في عام 2024 من خلال التركيز على ما هو مطلوب، ولا مبرر للقلق خوفاً من استطلاعات الرأي».

وأعرب فريق بايدن عن ثقته في أن الجمهور الأمريكي يدعم عموماً احتضان الرئيس لدولة إسرائيل. ويقول مساعدوه أيضاً إنه كان لسنوات مدافعاً عن العرب والمسلمين الأمريكيين، بما في ذلك في الأسابيع الأخيرة، عندما دان الإسلاموفوبيا وبدأ في الضغط على إسرائيل لممارسة ضبط النفس في حملتها في غزة.

لكن تمويل بايدن لحملة القصف المتواصلة التي يشنها نتنياهو على المدنيين في غزة، يزعج الناخبين الشباب والناخبين الملونين الذين يحاكمون الأمور على أسس أخلاقية واستناداً إلى القيم الأساسية.

ولا بدّ من القول هنا إن العامل الأكثر أهمية بالنسبة للأمريكيين المسلمين، وجميع الأمريكيين، هو أن يتذكروا أنه بينما يستخدم جو بايدن سلطته ونفوذه لتثبيط الرد الإسرائيلي وإنقاذ الفلسطينيين، لم يهدر سلفه ترامب أي فرصة لاستهداف المسلمين بأكبر عدد ممكن من الطرق التي تجردهم من إنسانيتهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ydmxvr84

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"