لا بد من تفكير جديد

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

د. علي محمد فخرو
لا يستطيع الإنسان أن يتنبأ بعد بالكوارث والأهوال التي تنتظر الإخوة الفلسطينيين، ومعهم كل الشعوب العربية، في نهاية الجحيم الذي أشعلته إسرائيل في غزة وسائر فلسطين، بمباركة عمياء من قبل بعض حكومات دول الغرب، وبانحياز غير مسبوق من قبل إعلام تلك الدول، وبتجاهل غريب لمشاعر مئات الملايين من شعوب العالم المتظاهرين في مئات المدن الكبرى، رفضاً لذلك الجحيم، ومناداة بإعطاء الفلسطينيين حقوقهم الإنسانية المشروعة.

لكن الذي نعرفه بوضوح وبهاجس مُلحّ، بأن الكوارث التي رأيناها طيلة الخمسين يوماً الماضية والإهانات، تستدعي وقفة جديدة من قبل مؤسسات الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي. وهي وقفة يجب أن تطال العلاقات مع الدول الغربية التي أظهرت استهتاراً مخجلاً بكل حقوق أمة العرب، ليس في فلسطين فقط، وإنما في كل أراضي الوطن العربي. وهي وقفة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار تاريخ الأخطاء والخطايا التي ارتكبتها دول غربية طيلة القرنين الماضيين، وأسهمت في تمزيق هذه الأمة وإضعافها، وإشغالها بما لا يحصى من مشاكل، وعلى رأسها حلّ مشكلة اضطهاد اليهود في أوروبا، ومن قبل أوروبا، على حساب شعب فلسطين، وعلى حساب استقرار وتنمية كل الأقطار العربية.

وهي وقفة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مستجدات التغيرات الدولية في السياسة والأمن والاقتصاد من خلال مصالح هذه الأمة، وليس من خلال، كما جرى في السابق، إرضاء أمريكا أو دول الغرب الأوروبية الاستعمارية. وعلى الأخص تغيير التفكير الخطأ السابق الذي كان يعتقد، خطأً، بأن مفاتيح هذا الكون هي فقط في يد قوى الاستعمار الغربي وحلفائه، خصوصاً بعد تكّون تكتلات منافسة لذلك الغرب الاستعماري، وفيها كل إمكانات الحضارة التكنولوجية والعلمية الحديثة.

وهي وقفة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أن الأغلبية الساحقة من الشعوب العربية، قد تعبت من مؤامرات الغرب وابتزازاته، وما عادت تحترم مواقفه، بعد أن تبين انحيازه التام المخزي الأخير لقاتلي الأطفال، وساحقي العمران في مدينة غزة المحاصرة بلا شفقة ولا إنسانية ولا تحضّر.

وفي نفس الوقت، وبصورة جذرية، ستحتاج قوى مؤسسات المجتمع المدني العربية إلى أن تبدأ مناقشات بين بعضها بشأن هذا الموضوع برمته، خصوصاً ما يتعلق بمقاطعة بضائع كل شركات الغرب المساندة والممولة للعدوان الإسرائيلي في فلسطين، وفي أي مكان في الوطن العربي.

لا يمكن لأي أمة تعرف تقدر ذاتها أن تتعايش مع الحالة التي عاشتها وتعيشها، ولا يمكن لأي حكومة عربية أن تتحّجج بأي حجج بعد الآن بالنسبة للصراع العربي – الإسرائيلي الوجودي، الذي أوصلته القوى الاستعمارية في فلسطين المحتلة إلى طريق مسدود، تتلاعب في أرجائه هي والقوى الدولية المساندة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3hff8764

عن الكاتب

شغل منصب وزير الصحة ووزير التربية والتعليم سابقاً في البحرين. متخصص في كتابة مقالات في شؤون الصحة والتربية والسياسة والثقافة. وترأس في بداية الألفين مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث. كما أنه عضو لعدد من المنظمات والمؤسسات الفكرية العربية من بينها جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"