عادي

«حرب أوكرانيا» في 2023: «صمود روسي» و«طعنة في الظهر» وتآكل للدعم الغربي

20:49 مساء
قراءة 4 دقائق

«الخليج» - متابعات

في ظل استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، واقترابها من تدشين عامها الثالث، واجهت وريثة الاتحاد السوفييتي في 2023 تقلبات عدة، وسط دعم غير محدود من الغرب لكييف، ما أثر على تمركزات موسكو الاستراتيجية سياسياً وعسكرياً.

ومنذ اللحظات الأولى للحرب الروسية الأوكرانية، سارع حلفاء كييف في تقديم حزم هائلة من المساعدات العسكرية والدعم اللوجستي، بينما حاصرت الولايات المتحدة وحلفاؤها موسكو بعقوبات صارمة؛ لفرض عزلة سياسية واقتصادية على الدب الروسي.

ووصل منسوب العقوبات الغربية المفروضة على روسيا إلى أعلى مستوى له في تاريخ العلاقات الدولية، وحطم رقماً قياسياً من حيث الحجم والقطاعات وعدد الأفراد والمؤسسات المستهدفة.

عقوبات في كل اتجاه

وشملت الإجراءات ضد روسيا 11 حزمة عقوبات أطلقها الاتحاد الأوروبي طاولت نحو 1800 فرد وكيان بمختلف القطاعات، وسط تقارير تشير إلى نية التكتل إطلاق الحزمة ال12 من العقوبات، والتي قد تستهدف نحو 120 فرداً وكياناً إضافياً.

وجمّد القادة الغربيون أصولاً للبنك المركزي الروسي، منعته من الوصول إلى 630 مليار دولار من احتياطاته. كما منعت الولايات المتحدة، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي، المواطنين والشركات لديها من إجراء أي تعاملات مالية مع البنك المركزي الروسي أو وزارة المالية الروسية أو صندوق الثروة السيادي الروسي.

وتضمنت العقوبات أيضاً منع وصول بعض البنوك الروسية إلى نظام سويفت العالمي لتحويل الأموال بين الدول، ما يعيق قدرة روسيا على الحصول على عائدات بيع نفطها وغازها.

وحظر الاتحاد الأوروبي استيراد النفط والغاز الروسيين وتعهده بإنهاء اعتماده عليه بحلول عام 2030، كما فرض حداً أقصى لسعر برميل النفط الخام الروسي المنقول بحراً عند 60 دولاراً، بالإضافة إلي سقف سعر على المشتقات النفطية الروسية بواقع 100 دولار للبرميل للمنتجات الأعلى سعراً، مثل وقود الديزل والبنزين، في حين تم تحديد قيمة المنتجات الأقل جودة عند 45 دولاراً للبرميل.

وعلى رغم شدة العقوبات، فإن الناتج المحلي الإجمالي الروسي نما بنسبة 5.5 في المئة في الربع الثالث مرتفعاً من 4.9 في المئة في الربع السابق عليه، بحسب بيانات رسمية أظهرت أن النمو السنوي في البلاد يمثل أسرع وتيرة نمو منذ أكثر من عقد من الزمن، باستثناء مرحلة الفتح بعد إغلاقات «كورونا».

ودفعت معدلات النمو الروسية، العديد من المحللين إلى التساؤل حول مدى جدوى العقوبات الغربية، خصوصاً أن الدول التي فرضتها حققت نسب نمو متدنية خلال الفترة ذاتها.

الميدان يميل لروسيا

ميدانياً، شارفت الحرب الروسية - الأوكرانية على دوخل عامها الثالث، عبر فتح جبهات على كافة محاور القتال، بينما نجحت روسيا في رفع مستوى القدرات الدفاعية في المناطق المحاذية للحدود مع أوكرانيا.

وطرأت تعديلات على منظومة الدفاع الجوي الروسية، لا سيما تلك المخصصة لمواجهة المسيرات، بعد تعرض موسكو ومدن روسية أخرى لعدة هجمات من هذا النوع من الأسلحة.

وتشير تصريحات المسؤولين الروس، إلى أن موسكو باتت تشعر ب«ثقة قتالية» أكبر، على ضوء ما يعتبرونه فشل أوكرانيا في شن الهجوم المضاد الذي توعدت به على مدار عدة أشهر.

ويرى الخبراء العسكريون أن المعلومات الواردة من الأقمار الصناعية باستخدام نظام مصمم للبحث عن حرائق الغابات كنموذج لاكتشاف الانفجارات الناجمة عن العمليات العسكرية، تقود إلى خلاصة مفادها أن كثافة العمليات العسكرية للقوات المسلحة الأوكرانية انخفضت بشكل ملحوظ منذ سبتمبر/أيلول الماضي، مما يشير إلى تباطؤ تقدمها، مما يوحي بانتهاء الهجوم المضاد فعلياً على الأرض.

تآكل الدعم الغربي

ومع فشل الهجوم المضاد الذي عوّلت عليه أوكرانيا وكانت قواتها ترجو من خلاله استعادة أراضيها، وقطع خطوط الإمداد الروسية إلى شبه جزيرة القرم، بالإضافة إلى آفة الخلافات السياسية التي تفشت في أوروبا وفي أروقة البيت الأبيض بدأ الدعم الغربي المطلق لأوكرانيا في التآكل تدريجياً.

وأفاد معهد «كييل» الألماني للبحوث، بأن وتيرة الوعود الغربية بمنح أوكرانيا مساعدات جديدة (عسكرية ومالية)، تباطأت بشكل ملحوظ ووصلت إلى أدنى مستوياتها منذ فبراير/شباط 2022.

وإضافة إلى ذلك أثّر اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تأثيراً مباشراً على زخم الدعم الغربي؛ حيث تراجعت أخبار الحرب الروسية في أوكرانيا من شاشات الرادارات لصالح الحرب في الشرق الأوسط.

وقال المعهد الألماني، المختص في مراقبة المساعدات التي تم التعهد بها وتسليمها إلى أوكرانيا منذ انفجار الأزمة: «تشهد دينامية دعم أوكرانيا تباطؤاً، وبلغت التعهدات بالمساعدات أدنى مستوياتها بين أغسطس/آب وأكتوبر 2023، بانخفاض قدره 90 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها في عام 2022».

فاغنر وطعنة الظهر

وفي صباح الثالث والعشرين من يوليو/تموز الماضي، أي بعد مرور قرابة عام ونصف العام من اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، استيقظ العالم على مستجدات عميقة أنذرت بتحول جذري في مسار الصراع الروسي الأوكراني؛ إذ إن الأمور تعقدت بالنسبة لموسكو بحدوث تغيير استراتيجي، فقد تحوّل قائد مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين من صديق مقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى عدوّ شرس له، ومضت الأحداث تتسارع بصورة مخيفة، بعد إعلان قائد فاغنر يفغيني بريغوجين التمرد المسلح، ولم يكتفِ بذلك، بل دعا عناصر الجيش الروسي إلى العصيان على الدولة الروسية.

واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذلك التمرد الذي قاده بريغوجين المعروف إعلامياً ب«طباخ بوتين» طعنة في الظهر، ورأى أن المصالح الشخصية هي التي دفعت بريغوجين إلى هذه الخيانة، وجرّ قوات فاغنر معه لمغامرة إجرامية، وتوعد بوتين كلّ من يقف إلى جانب المتمردين بالمحاسبة والعقاب.

ورغم أن التمرد انتهى بشكل سريع عبر تسوية أدارها الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، ولم يمر شهران على خروج الشارع من صدمة التمرد، حتى جاء خبر تحطم الطائرة التي كانت تقل بريغوجين من موسكو إلى سانت بطرسبورغ، وقتل الأخير مع 10 آخرين كانوا برفقته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdetdy9h

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"