بايدن في مواجهة أزمات الشرق الأوسط

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

يواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن مأزقاً سياسيا جدياً على المستويين الداخلي والخارجي على حد سواء، فعلى المستوى الداخلي تؤكد استطلاعات الرأي تدني وتآكل مستوى شعبيته في مقابل تزايد شعبية غريمه التقليدي دونالد ترامب على الرغم من كثرة القضايا المرفوعة ضد ترامب في المحاكم الأمريكية. أما على المستوى الخارجي، فإن الرصيد الإيجابي الذي كان يتمتع به بايدن على خلفية قيادته لتحالف غربي قوي ضد روسيا ومحاولة شيطنتها بعد اجتياحها لشرق أوكرانيا، ذهب أدراج الرياح نتيجة دعمه الكامل لحرب إسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؛ وهي الحرب التي أثارت صورها المرعبة موجة غير مسبوقة من الشجب والتنديد في كل أصقاع العالم، بما في ذلك في كبريات المدن الأمريكية والأوروبية. ومن الواضح أن الصراع في الشرق الأوسط، شوّه بشكل لافت سمعة أمريكا؛ وكأن أمريكا القوة العظمى الأولى بكل قضها وقضيضها بدأت تغرق في أزمات الشرق الأوسط، كما أنها باتت تبدو في أعين الرأي العام العالمي تتحمل مسؤولية تاريخية وأخلاقية ثقيلة في مقتل آلاف المدنيين العزل في غزة، بسبب استخدامها لحق الفيتو ضد عدة قرارات أممية تطالب بوقف الحرب.

ويرى المراقبون أن حظوظ بايدن في الفوز بولاية رئاسية ثانية تبدو ضئيلة للغاية، بوصفه مرشح الدولة العميقة وشركات تصنيع السلاح وشركات التقنية في وادي السلكيون.

ويمكن القول إن الأمريكيين الذين صوّتوا لصالح بايدن سنة 2020، كانوا ينتظرون منه أن يكون متوازناً في سياساته الداخلية والخارجية، وأن يكون ممثلاً لكل شرائح الشعب الأمريكي في مواجهة سياسات اليمين، لكنه وبعد حصاده السياسي خلال الفترة الماضية، فإن الأمريكيين السود وأولئك المنحدرين من أصول لاتينية، قد فقدوا الثقة في قدرته على تسيير شؤون الولايات المتحدة في هذه الظروف الصعبة التي تتميز بتحولات جيوسياسية كبرى تتطلب قيادة سياسية قوية قادرة على مواجهة التحديات، وعلى إعادة الانسجام والتعايش داخل المجتمع الأمريكي.

هناك في السياق نفسه ما يشبه الإجماع لدى المتابعين للشأن الأمريكي، بأن بايدن خيّب كل التوقعات بشأن سياسته الخارجية، لاسيما في أوروبا التي استبشر قادتها بفوزه بالانتخابات الرئاسية وبعودة واشنطن إلى زعامة الغرب وحلف الناتو أما بالنسبة لسياسته مع الصين، فإنها لم تكن مختلفة من حيث الجوهر عن سياسة سلفه ترامب.

لقد أضاع بايدن موعده مع التاريخ وخذل حلفاءه الأوروبيين وقام بتصعيد التوتر مع موسكو حتى قبل أن يُقدم بوتين على اجتياح أوكرانيا، وبقيت سياسته تجاه المنطقة العربية حبيسة لرؤية إدارته التقليدية ولا تملك سياسة خارجية مستقلة؛ ووصلت الأخطاء السياسية إلى الذروة عندما لم تنجح إدارته حتى الآن في إدارة الصراع بالشرق الأوسط باحترافية وحيادية، ووفرت في المقابل الغطاء السياسي والدعم العسكري لقتل المدنيين الأبرياء في غزة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/bd5vpsfn

عن الكاتب

أستاذ الفلسفة في جامعة وهران الجزائرية، باحث ومترجم ومهتم بالشأن السياسي، له العديد من الأبحاث المنشورة في المجلات والدوريات الفكرية، ويمتلك مؤلفات شخصية فضلا عن مساهمته في تأليف العديد من الكتب الجماعية الصادرة في الجزائر ومصر ولبنان

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"