باريس - (أ ف ب)
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء، إنه «يتحمل عواقب» إقرار قانون صارم بشأن الهجرة في فرنسا، أثار أزمة سياسية خطيرة داخل الأغلبية الرئاسية، مؤكدا أن الشعب الفرنسي «انتظر» هذا النص.
واعتبر ماكرون في لقاء مع قناة «فرانس 5»، أن القانون هو «الدرع التي نفتقر إليها»، وذلك غداة تبني نصه في البرلمان بدعم من اليمين واليمين المتطرف، لكنه زعزع الأغلبية، ما دفع بوزير الصحة أوريليان روسو إلى الاستقالة.
وعلّق الرئيس على الأمر بالقول «أحترم» قراره، قبل أن يشدد على «مسؤولية» الحكم.
وأوضح «هذه المسؤوليات تلزمنا. يجب أن نتحمل مسؤولية ما جرى بالأمس، ويجب أيضا تهدئة التوترات»، مؤكداً أن «مواطنينا كانوا ينتظرون هذا القانون».
ردع المهاجرين غير الشرعيين
وأشار إلى أن النص يهدف إلى ردع المهاجرين غير الشرعيين، لكنه رفض بشكل قاطع أن تكون أحكام القانون مستوحاة من اليمين المتطرف.
بعد أشهر من فصول تشريعية سادها التوتر، وافق البرلمان مساء الثلاثاء بشكل نهائي على قانون الهجرة، ما أدى إلى تشديد شروط استقبال الأجانب في فرنسا، الأمر الذي رحب به اليمين واليمين المتطرف بزعامة مارين لوبن التي ترى في ذلك «انتصاراً أيديولوجياً».
واعتبر أحد مناصري ماكرون دعم اليمين المتطرف بمثابة «ضربة قاسية» للأغلبية.
وأكدت الحكومة من جهتها أن النص كان سيقر حتى دون تصويت حزب التجمع الوطني، أي إذا امتنع نوابه عن التصويت، ورحب وزير الداخلية جيرالد دارمانان بتبني نص «قوي وحازم لحماية الفرنسيين ولتسوية أوضاع العمال غير الشرعيين».
المجلس الدستوري
ويؤكد المحللون السياسيون كما المعارضة، أن مشروع القانون ما كان أقرّ إذا صوت نواب حزب التجمع الوطني ضده.
وصرحت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن صباح الأربعاء لفرانس إنتر «أنا شخص إنساني للغاية. وحرصت على أن يحترم النص قيمنا».
وفي الأثناء، اعترفت بأن بعض التدابير قد تكون غير دستورية، وأن النص «قد يعدّل» بعد أن يدرسه المجلس الدستوري بعدما أحاله رئيس الجمهورية عليه.
وبعد الانتقادات، سعت رئيسة الوزراء جاهدة للتأكيد أن لا «أزمة داخل غالبيتها رغم أن وزراء عدة من الجناح اليساري أنصار ماكرون هددوا بالاستقالة إذا تم تبني النص».
الإهانة الجمهورية
بعد إعادة انتخابه عام 2022 وهزيمة مارين لوبن، مع وعود بعرقلة اليمين المتطرف، سيتعين على الرئيس الرد على انتقادات الذين يتهمونه بتدمير الجبهة الجمهورية.
وكتبت صحيفة لوفيغارو (يمين) في افتتاحيتها الأربعاء «هذه القصة ستترك آثاراً عميقة».
من جهتها عنونت صحيفة «ليبيراسيون» اليسارية «الإهانة الجمهورية» في حين كتبت «لومانيتي» الشيوعية أنه تم «تدنيس الجمهورية».
لكن في غياب الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية تم تشديد النص إلى حد كبير لضمان الحصول على أصوات نواب اليمين: قلّصت الإعانات الاجتماعية، وحدّدت حصص الهجرة، وأعيد النظر في قانون الحصول على الجنسية تلقائياً بمجرد الولادة في فرنسا، وأعيد العمل ب «تجريم الإقامة غير الشرعية»... كلها إجراءات رحب بها التجمع الوطني الذي يرى فيها تكريساً لركيزته الأيديولوجية «الأولوية الوطنية».
انتصار تاريخي
من جانبه أشاد إريك شوتي رئيس الجمهوريين (يمين تقليدي) وهو حزب تقترب أفكاره بشكل متزايد من اليمين المتطرف، ب «الانتصار التاريخي لليمين».
وانتقدت المعارضة اليسارية النص، واتهم رئيس النواب الاشتراكيين بوريس فالو الحكومة ب «الاستسلام لأكثر الأفكار فساداً». وندد زعيم اليسار المتشدد جان لوك ميلانشون ب«نصر مقزز».
ويسبّب ملف الهجرة الذي يطرح باستمرار في فرنسا كما في دول أوروبية أخرى خلافات عميقة داخل الطبقة السياسية. وكان إصلاح مثير للجدل حول هذا الموضوع سمح بالتوصل إلى اتفاق الأربعاء في بروكسل.
وفي فرنسا 5.1 مليون أجنبي في وضع قانوني أو 7.6 % من السكان. وتستقبل أكثر من نصف مليون لاجئ. وتقدر السلطات أن هناك ما بين 600 ألف إلى 700 ألف مهاجر غير شرعي في البلاد.