الأمم المتحدة وحفظ السلام

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

د. خليل حسين
أنشئت الأمم المتحدة كمنظمة دولية وفي طليعة مهامها حفظ السلم والأمن الدوليين وصولاً إلى إمكانية فرضهما باستعمال القوة وفقاً للفصل السابع من ميثاق المنظمة. والشائع في هذا السياق إعطاء مجلس الأمن الدور الريادي في هذا الاختصاص للعديد من الاعتبارات، إلا أن أدواراً أخرى في هذا المجال يمكن للجمعية العامة القيام بذلك وفقاً لشرطين، أولهما عدم قدرة مجلس الأمن على اتخاذ القرارات المناسبة لذلك، والثاني متصل بعمل الجمعية العامة وعدم صلاحيتها للتحرك في حال كان مجلس الأمن يدرس القضية وتحت نظره.

والأمر لا يقتصر على هذين الجهازين، فثمة دور آخر للأمين العام للأمم المتحدة في هذا المجال وهو ذات خصوصية وفقاً للمادة 99 من الميثاق، وهو أمر غير شائع ومعروف مقارنة بدور كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن؛ إذ يعتقد الكثيرون بأن مهام الأمين العام هو دور إداري ليس إلا، فيما التدقيق في الميثاق والصلاحيات يبين خلاف ذلك.

وفقاً للمادة 99 للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن إلى الحالات الدولية التي من شأنها إن تركت، أن تهدد الأمن والسلم الدوليين، والأمر أيضاً يتجاوز عملياً التنبيه إلى دور ذات آليات تنفيذية من خلال استعمال صلاحياته في التحرك والقيام بالتدخل لدى أجهزة المنظمة والتحرك فعلياً وعملياً مع الدول الأعضاء لكبح المخاطر وإيجاد السبل التي تسهم في تعزيز السلم والأمن الدوليين.

وفي واقع الأمر، تلعب شخصية الأمين العام دوراً رئيسياً في حجم وفاعلية الدور الذي يمكن أن يلعبه على الصعيد الدولي، وثمة سوابق كثيرة تمكن بعض الأمناء العامين من لعب أدوار متميزة في بعض القضايا الدولية وتمكنوا من سياقات تدخلية أسهمت في تقويم العلاقات بين بعض الدول المتنازعة وبالتالي التوصل إلى حلول رسخت قواعد السلم والأمن في المناطق المتوترة التي سادت بينها.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، نشير إلى ما قام به تريفلي في عام 1950 في الأزمة الكورية وداغ همرشولد في أزمة الكونغو في عام 1960، وقد يحتاج الأمين العام إلى القيام بتحقيق مسألة ما ليرى ما إذا كانت تهدد السلم والأمن الدوليين.

ويشار إلى أن اختصاصات الأمين العام قد ازدادت من الناحية العملية في الميادين السياسية، فهناك أمثلة كثيرة فَوضَت فيها الجمعية العامة ومجلس الأمن الأمين العام للقيام بالوساطة والتحقيق، وقد نصت غالباً القرارات والتوصيات الصادرة عن أجهزة الأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن والجمعية العامة بالطلب من الأمين العام الإشراف ومتابعة التنفيذ ووضع التقارير الدورية عن كل ما تم تنفيذه.

إن اختصاص الأمين العام بإدراج موضوعات ضمن جدول أعمال أجهزة الأمم المتحدة وإصدار تصريحات واقتراح مشروع قرارات وتقديم تعديلات على المقترحات الأخرى، كل ذلك زود الأمين العام بأساس واضح لمباشرة نفوذ سياسي ملموس على أجهزة المنظمة.

وعلى الرغم من ذلك، تبقى الأمم المتحدة وأجهزتها واقعاَ من المستحيل تخطيه أو التخلي عنه، فقد باتت مفصلاً وركناً رئيسياً في العلاقات الدولية، بصرف النظر عن فاعلية الدور وحجمه الذي يتم التذمر والشكوى منه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/ynbbd5ur

عن الكاتب

دكتوراه دولة في القانون الدولي .. رئيس قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية واستاذ القانون الدولي والدبلوماسي فيها .. له أكثر من 40 مؤلفاً ومئات المقالات والدراسات البحثية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"